هدا الصحابي الجليل رضي الله عنه الدي كان اشد عداوة وكرها لرسول الله فتحول الى احب الناس لرسول الله وهو عكرمة بن أبي جهل المخزومي
كان من أكرم قريش حسباً ، وأكثرهم مالاً ، وأعزهم نسباً ... هذا هو عكرمة بن أبي جهل، أحد أبرز فرسان قريش المرموقين .
ـ وجد عكرمة بن أبي جهل نفسه مدفوعاً ـ بحكم زعامة أبيه إلى معاداة محمد وأصحابه، فعاداه أشد العداء ، وصب على المسلمين ما قرت به عين أبيه .
ولما قاد أبوه معركة الشرك يوم بدر ، وأقسم باللاة والعزى ألا يعود إلى مكة إلا إذا هزم محمد ... ولكن اللاة والعزى لم يلبيا نداء أبي جهل؛ لأنهما لا يسمعان .. فخرَّ صريعاً في بدر، ورآه ابنه عكرمة بعينه ورماح المسلمين تنهل منه ... فزادت عداوة عكرمة لرسول الله شدة وأصبح له مع الإسلام ثأر أبيه ... فخاض مع المشركين معركة أحد والخندق ... وفي يوم فتح مكة رأت قريش ألا تقاتل محمداً ؛ لأنها لا تستطيع ذلك فأخلت له مكة ، لكن عكرمة ونفراً معه تصدَّوا لقتال المسلمين ، فهزمهم خالد بن الوليد في معركة صغيرة ، ولاذ عكرمة بالفرار .. وعفا رسول الله عن كل مَن آذاه من قريش ، لكنه استثنى نفراً وأمر بقتلهم وإن وجدوا تحت أستار الكعبة ، وكان من بين هؤلاء عكرمة ، لذا تسلل متخفياً واتجه نحو اليمن يريد الهروب ..
عند ذلك مضت أم حكيم زوج عكرمة إلى منزل رسول الله ، وقالت : يا رسول الله : قد هرب منك عكرمة إلى اليمن خوفاً من أن تقتله ، فأمِّنه أمَّنك الله ، فقال عليه الصلاة والسلام : " هو آمن " فخرجت من ساعتها في طلبه ، حتى أدركته عند ساحل البحر ، فقالت : يا ابن عم جئتك من عند أفضل الناس ، وأبرِّ الناس ، من عند محمد ، وقد استأمنتُ لك منه ، فلا تهلك نفسك ... فعاد معها ، ولما وصل عكرمة إلى رسول الله وقف بين يديه ، وقال : إلامَ تدعو يا محمد ؟ قال : أدعوك إلى أن تشهد أن لا إله إلا الله ، وأني عبد الله ورسوله ، وأن تقيم الصلاة ، وتؤتي الزكاة .. حتى عدَّله أركان الإسلام . قال عكرمة : واللهِ ما دعوت إلا إلى حق ، ثم قال : قد كنتَ فينا ـ والله ـ قبل أن تدعو إلى ما دعوت إليه أصدقنا حديثاً ، وأبرنا براً ... ثم بسط يديه ونطق بالشهادتين .
ثم قال عكرمة : يا رسول الله ، علمني خير شيء أقوله . قال : تقول: لا إله إلا الله ، محمداً عبده ورسوله .
فقال له رسول الله : اليوم لا تسألني شيئاً إلا أعطيتك إياه .
فقال عكرمة : إني أسألك أن تستغفر لي كل عداوة عاديتكها ، أو كلام سوء قلته فيك .
فقال عليه الصلاة والسلام : اللهم اغفر له كل عداوة عادانيها ، وكل مسير سار فيه إلى موضع يريد إطفاء نورك واغفر له ما نال من عرضي في وجهي أو أنا غائب " .
فقال عكرمة : أما والله يا رسول الله لا أدع نفقة كنت أنفقتها في صدٍّ عن سبيل الله إلا أنفقت ضعفها في سبيل الله ، ولا قتالاً قاتلته صداً عن سبيل الله إلا قاتلت ضعفه في سبيل الله .
ومنذ ذلك اليوم انضم إلى موكب الدعاة فارس باسل في ساحات القتال عبَّاد قوَّام قرَّاء لكتاب الله ، في المساجد ؛ فقد كان يضع المصحف على وجهه قائلاً : كتاب ربي ... كلام ربي وهو يبكي من خشية الله .
وفي يوم اليرموك أراد عكرمة أن يشق صفوف الروم ، فصاح في مجمع من الجند ايها الرجال من يبايع على الموت فاستجاب له اربعمائة من خيرة القادة منهم ضرار بن الازور الحارت بن هشام عياش بن ابي ربيعة وعمه هشام فنهاه خالد قائلاً : لا تفعل يا عكرمة فإن قَتْلك سيكون شديداً على المسلمين ، فقال عكرمة :
لقد قاتلتُ رسول الله في مواطن كثيرة ، وأهرب اليوم من الروم ... لن يكون هذا أبداً . ولما انجلت معركة اليرموك عن ذلك النصر المؤزر للمسلمين ، كان يتمدد على الأرض ثلاثة مجاهدين أثخنتهم الجراح ، هم: الحارث بن هشام ، عياش بن أبي ربيعة ، عكرمة بن أبي جهل .
فدعا الحارث بماء ليشربه ، فلما قربوه منه نظر إليه عكرمة فقلا : ادفعوه إليه ، فلما قربوه نظر إليه عياش فقال : ادفعوه إليه .. فلما دنوا من عياش وجدوه قد فارق الحياة ، فلما عادوا إلى صاحبيه وجدوهما قد لحقا به ، رضي الله عنهم جميعاً ،
وسقاهم من الكوثر شربة لا يظمئون بعدها .
وحباهم خضراء الفردوس يرتعون فيها أبداً