التدخين : لا يعود عليك منه سوى ضياع الصحة و المال[size=
لقد خلق الله الإنسان في أكمل وأجمل صورة ، قال تعالى : "يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم الذي خلقك
فسواك فعدلك ، في صورة ما شاء ركبك "، وقال :" لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم "، وزينه بنعمة العقل
الذي يستطيع به أن يفرق بين الشيء الذي ينفعه و الذي يضره
وإننا لا نجد أبدا شيئا أمر الله به إلا وفيه فائدة للخلق بصفة عامة والإنسان خاصة.
وكذلك لا نجد شيئا حرمه الله إلا وفي إتيانه ضرر للخلق بصفة عامة وللإنسان بصفة خاصة.
كذلك نجد أن الإسلام بدعوته القوية الواعية طالب بخمسة أشياء فيها سعادة البشر ،
وعمارة الدنيا و رضاء الله سبحانه وتعالى هي : "حفظ النفس ، حفظ العقل ، حفظ العرض ،
حفظ الدين ، حفظ المال "كما جعل الموت في سبيل صيانتها من أعظم أنواع الشهادة..
فعن سعيد بن زيد رضي الله عنه ، قال ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
"من قتل دون ماله فهو شهيد ، ومن قتل دون دمه فهو شهيد ، ومن قتل دون دينه فهو شهيد ،
ومن قتل دون أهله فهو شهيد "... والحق أن الإسلام عندما جاء يدعو إلى صيانة هذه الخمس وحفظها ،
لم يكن في ذلك بدعا للأديان ، فقد كانت هذه الخمس المحور الذي قامت عليه الأديان على امتدادها...
ولذلك حين نتعرض للحديث عن التدخين نريد ان نبين خطره ، من ناحيتين هما :
-- ناحية إعيائه للبدن وإضعافه.
-- وناحية إذهابه للمال وإهداره.
ومما لا شك فيه أنهما أمران يتصادمان مع الدين ومع ما يدعو إليه. وهنا يجب أن نفكر بالحديث النبوي الشريف :
"لن تزولا قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل أربعة عن عمره فيما أفناه ، وعن جسده فيما أبلاه ،
وعن عمله ما عمل به ، وعن ماله من أين اكتسبه فيما أنفقه. "... وقد ثبت علميا وطبيا
مدى ضرر التدخين بالنفس والمال وقد جعلهما الله وديعتين عند كل إنسان. وأمره بصيانتهما.
وهنا قد يطرأ إلى ذهنك حول التركيب الكيميائي للسيجارة. وللإجابة على ذلك أقول..
تتكون السيجارة من التبغ الذي يتكون أساس من مادة "النيكوتين".
وتحتوي مؤخرة السيجارة أكبر كمية ممكن من هذا السم. وعندما تشعل السيجارة
وتدخن فإن أبخرة النيكوتين تمتص عن طرق الغشاء المخاطي المبطن للأنف والقناة الهضمية
حيث تتصاعد بعض مكونات التبغ وهي.. "البيرودين ، والقيرفورال ، والأكرولين" كما أن هناك غازات ضارة
مهيجة للغشاء المخاطي تنتج نتيجة لاحتراق الورق الذي يغلف السيجارة مثل غازي أول وثاني أكسيد الكاربون..
ولقد وجد أن تدخين سيجارة واحدة يعطي حوالي 10 ميلي جرام من النيكوتين.
ولكن ما هو تأثير هذه الأخيرة على جسم الإنسان ، إن تأثير هذه المادة ضار بجميع أجهزة جسم الإنسان..
أولا -- الجهاز العصبي المركزي.. يؤثر عليه مباشرة وخاصة على مراكز التنفس و مركز الجهاز الدوري
ومركز القيء في النخاع المستطيل فيؤدي إلى تنشيطها. ولذلك نجد عندما يحصل المدخن
على كمية كبيرة من النيكوتين فإنها تؤدي إلى حدوث رعشة و تشنجات عصبية
كما أنه له أثر كبير في إدرار البول نتيجة لتأثيره على الفص الخلفي من الغدة النخامية..
ثانيا -- تأثيره على الجهاز العصبي اللاإرادي.. وجد انه يؤثر على العقد العصبية
في الجهازين السمبثاوي و الباراسمبثاوي وكذلك نهاية الأعصاب في العضلات الارادية
فيؤدي إلى تنشيطها أولا ثم شلها ثانيا..
ثالثا -- تأثيره على الجهاز الهضمي.. يؤدي إلى الشعور بالغثيان والقيء ثم إسهال يعقبه إمساك
وكذلك يزيد من إفرازات اللعاب والشعب الرئوية. ولقد وجد أنه قد يحدث التسمم الحاد
بالنيكوتين بجرعة قدرها 4 جرام التبغ من. ويمكن استخلاص هذه الجرعة من أربع سجائر فقط
ولكن في الحقيقة معظم النيكوتين لا يمتص..
رابعا -- تأثيره على الجهاز الدوري.. يؤدي أولا إلى ارتفاع ضغط الدم
وذلك نتيجة للتأثير المنشط لمركز الجهاز الدوري في المخ
كذلك نجد أن ضربات القلب تقل أولا ثم لا تلبث أن تزيد نتيجة لتأثيره على الجهاز السمبثاوي.
أنتقل أخيرا إلى ذكر بعض الأعراض التي تظهر على الإنسان المدخن بكثرة مثل :
1 -- التهاب مزمن في الجهاز التنفسي مما يؤدي إلى صعوبة في التنفس.
2 -- فقدان الشهية و سوء الهضم.
3 -- يؤدي إلى ضيق في الشريان التاجي الذي يغذي القلب مما قد يؤدي إلى الذبحة الصدرية.
4 -- يؤدي إلى ضعف حاسة البصر "العين" وذلك نتيجة لضيق الأوعية الدموية المغذية لشبكة العين.
5 -- فقدان الدم لجزء كبير من وظيفته في حمل الأكسجين إلى خلايا الجسم نظرا لأنه يحتوي
على مادة كربوكس هيمولوجين نتيجة لوجود غاز أول أكسيد الكاربون بالدم.
6 -- قد يؤدي إلى حدوث سرطان الشعب الرئوية نتيجة لحدوث التهابات مزمنة
بالأغشية المبطنة للشعب الهوائية للرئتين.
وبعد هذا العرض أستطيع أن أقول بأن التدخين عادة سيئة ومكروهة من قبل الله عز وجل
حيث أن يكون سببا أساسيا في إصابة جسد المدخن بأمراض عديدة
و كذلك في إهدار وتضييع المال وإنفاقه في الطريق غير المشروع..
ولذلك فإنني أقول لمن يدخن بكثرة عليه أن يقلل من التدخين تدريجيا وأن يعزم عزما أكيدا
على ترك هذه العادة السيئة التي لا يعود عليه منها سوى ضياع الصحة و المال...