من فضائل يوم الجمع
الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا. والحمد لله الذي فضل الأيام والشهور، نحمده على ما هدانا له من أسباب الخير الموفور ونستهديه في كل ورود وصدور ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة تقر بها العيون وتنشرح بها الصدور. ونشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله أرسله بالدين القويم والكتاب المنير. فاللهم صل عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد عباد الله: إن الله عز وجل فضل الأيام بعضها على بعض وجعل يوم الجمعة أسعد الأيام وأعلاها وميز هذه الأمة به وجعله عيدا لها فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "معاشر المسلمين إن هذا يوم جعله الله لكم عيدا فاغتسلوا وعليكم بالسواك". وأرشد الأمة إلى احترام هذا اليوم واغتنام ما فيه من الخير والأجر وخصائص هذا اليوم كثيرة نذكر بعضها لنغتنم ما فيه من الفضل والإحسان.
من فضائل يوم الجمعة أحي المسلم أنه يكره صومه منفردا قال صلى الله عليه وسلم: "لا يصومن أحدكم يوم الجمعة إلا أن يصوم يوما قبله أو بعده". والحكمة في ذلك أنه شرع في هذا اليوم عبادات كثيرة من الذكر والدعاء والقراءة والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فاستحب فطره ليكون أعون على أداء هذه الوظائف من غير ملل ولا سآمة.
ومن فضائل الجمعة أنه يستحب أن يقرأ في صلاة صبحها بسورة فيها سجدة.
ومن فضائلها أن صلاة صبحها أفضل الصلوات عند الله فقد أخرج البيهقي في الشعب مرفوعا: "إن أفضل الصلوات عند الله صلاة الصبح يوم الجمعة في جماعة". وقال صلى الله عليه وسلم: "ما من الصلوات صلاة أفضل من صلاة الفجر يوم الجمعة وما أحسب من شهدها منكم إلا مغفورا له".
ومن خصائص الجمعة أن الله طبع على قلب من تركها قال صلى الله عليه وسلم: "من ترك ثلاث جمع تهاونا بها طبع الله على قلبه وهو منافق".
ومن خصائص الجمعة أن الله تعالى يكفر ذنوب من حضرها قال صلى الله عليه وسلم: "من توضأ يوم الجمعة فأحسن الوضوء ثم أتى الجمعة فاستمع وأنصت غفر له ما بينه وبين الجمعة وزيادة ثلاثة أيام". وفي رواية: "ومن لغا وتخطى رقاب الناس كانت له ظهرا". وأخرج البخاري عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يغتسل رجل يوم الجمعة ويتطهر ما استطاع من طهر ويمس من طيب بيته ثم يخرج فلا يفرق بين اثنين ثم يصلي ما كتب له ثم ينصت إذا تكلم الإمام إلا غفر له ما بينها وبين الجمعة الأخرى".
ويستحب التبكير للجمعة ففي الحديث: "إذا كان يوم الجمعة كان على كل باب من أبواب المسجد ملائكة يكتبون الأول فالأول فإذا جلس الإمام طووا الصحف وجاؤوا يستمعون الذكر".
وقال عبد الله بن مسعود: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن الناس يجلسون من الله يوم القيامة على قدر رواحهم إلى الجمعات الأول والثاني والثالث".
ومن فضائلها أن الله تعالى يضاعف الأجر لمن حضرها بكل خطوة أجر سنة قال صلى الله عليه وسلم: "من مشى إلى الجمعة ودنا من الإمام واستمع ولم يلغ كان له بكل خطوة عمل سنة أجر صيامها وقيامها". وكما يضاعف الأجر يوم الجمعة تكفر فيه الذنوب، فعن سلمان رضي الله عنه قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أتدري ما يوم الجمعة؟ قلت الله ورسوله، أعلم قال هو اليوم الذي جمع الله فيه بين أبويكم لا يتوضأ عبد فيحسن الوضوء ثم يأتي المسجد لجمعة إلا كانت كفارة لما بينها وبين الجمعة الأخرى ما اجتنب الكبائر".
ومن خصائص الجمعة أن الله تعالى أمن من عذاب القبر من مات يومها أو ليلتها قال صلى الله عليه وسلم: "من مات يوم الجمعة أو ليلة الجمعة ختم الله له بخاتم الإيمان ووقي عذاب القبر". وأخرج الترمذي عن ابن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من مسلم يموت ليلة الجمعة أو يوم الجمعة إلا وقاه الله فتنة القبر".
ومن خصائص الجمعة أنه يوم المغفرة فعن أنس رضي الله عنه قال: "إن الله تبارك وتعالى ليس بتارك أحدا من المسلمين يوم الجمعة إلا غفر له".
ومن خصائص الجمعة أنها تشفع لأهلها يوم القيامة فعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله يبعث الأيام يوم القيامة على هيئتها ويبعث الجمعة زهراء منيرة وأهلها يحفون بها كالعروس تهدى إلى كريمها تضيء لهم يمشون في ضوئها ألوانهم كالثلج بياضا وريحهم يسطع كالمسك يخوضون في جبال الكافور ينظر إليهم الثقلان لا يطرقون تعجبا حتى يدخلوا الجنة لا يخالطهم أحد إلا المؤذنون المحتسبون".
ومن فضائل يوم الجمعة أنه يستجاب فيه الدعاء ففي الترغيب عن عبد الله بن عمرو قال: "من كانت له حاجة إلى الله إذا كان يوم الجمعة تطهر فإذا صلى الجمعة قال: "اللهم إني أسألك باسمك باسم الله الرحمان الرحيم الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة الرحمان الرحيم وأسألك باسمك باسم الله الرحمان الرحيم الذي لا إله إلا الله الحي القيوم الذي لا تأخذه سنة ولا نوم الذي ملأت عظمته السماوات والأرض الذي عنت له الوجوه وخشعت له الأصوات ووجلت القلوب من خشيته أن تصلي على سيدنا محمد وأن تعطيني حاجتي وهي كذا وكذا فإنه يستجاب له".
[b]