حوار مع رمضان
الحمد لله ، والصلاه والسلام على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم .
وبعد ،
كان اليوم شاق وما ان غربت شمسه وعاد الانسان الى فراشه وانفرد كل حبيب بحبيبة ، واهتاجت اشواق المحبين ، واشتد اشتياقى لرمضان وايامه الطاهره ولياليه المباركه
وبينما انا افكر فى اغتنامه وفجأه .... طرق باب فكرى طارق ؟!
فقلت من الطارق ؟! قال انا رمضان !!
فكاد قلبى ان يطير من الفرح والسرور فقمت على الفور وفتحت له الباب ؟ فاذا انا برجل عليه انوار واسرار له شعر يضرب منكبيه شديد البياض ولحيه جميله قد تعطرت بالذكر والتسبيح وسقط حاجباه على عينه وبدا الكبر على وجهه مع جماله ولما لا ورمضان يبلغ من العمر ما يربوا على الالف واربعمائه عام 1429 عام فاخذته وضممته الى صدرى فضمنى حتى بلغ من الجهد ثم ارسلنى وقلت:-
مرحبا بك زائراً حبيباً .... غائباً حضرنا الشوق اليك .. قادماً ساقه الينا الحنين .
فقال لى :- مرحباً بالابن الصالح والعبد الصالح جعلك الله كذلك ثم نظرت فى يديه فرجدته يحمل هدايا غاليه فقلت ما هذا ؟!
فدفع بها الىَّ وهو يبتسم ويقول :- (رمضان كريم) ففتحت الهديه الاولى فوجدت قول الحبيب المعصوم صلى الله عليه وسلم " اذا كان اول ليله من رمضان صفدت الشياطين ومرده الجن ، وغلقت ابواب النار فلم يُفتح منها باب ، وفتحت ابواب الجنه فلم يغلق منها باب ،وينادى مناد كل ليلة : يا باغى الخيرأقبل ويا باغى الشر اقصر . حسنه الالبانى فى صحيح الجامع (759)
وفتحت اخرى فوجدت فيها قال الحبيب الاعظم (صلى الله عليه وسلم) " يقول الله تعالى : كل عمل ابن ادم له الا الصيام فإنه لى ، وانا اجزى به ، والصيام جنه ..... والذى نفس محمد بيدى :- لخلوف فم الصائم اطيب عند الله من ريح المسك ، للصائم فرحتان يفرحهما : اذا افطر فرح بفطره ، واذا لقى ربه فرح بصومه " رواه البخارى
وفتحت الثالثه فاذا فيها بشرى عظيمته اسمع !!
قال الحبيب محمد (صلى الله عليه وسلم )
" ان لله عتقاء فى كل يوم وليله .. لكل عيد منهم دعوه مستجابه " صحيح الجامع ( 569)
وهدايا كثيره لا تعد ولا تحصى فقمت اليه وقبلت يديه وقلت صدق من قال رمضان كريم ثم دخل وجلس فى محراب فكرى وجلست بين يديه فقال لى :- قال الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) " من صام رمضان ايمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذينه " رواه البخارى ومسلم
فقلت صدق الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم .
فقال :- اتدرى ما هى حقيقة الصيام ؟!
قلت له " ما المسئول عنها باعلم من السائل فقال :- مَّر ابراهيم بن ادهم على جماعه من الناس فقال لهم من انتم ؟
قالوا :- نحن الصائمون !! فقال :- أجسادُ صامت عن ماده التراب " الطعام والشرب "
فأين صيام القلوب قالوا " وما صيام القلوب ؟!
قال :- ان تصوم عمَّا سوى خالقها فلا تفطر إلا على رضوانه .
ثم قلب رمضانُ رأسه عجباً ....
فقلت :- مما العجب يا سيدى ؟!
قال :- اعجب من ابناء عصركم صاموا عما احل الله وافطروا على ما حرّم الله ؟!
قلت له :- تقصد اولئك الذين جلسوا امام الافلام الخليعه والمسلسلات الهابطه والاغانى العاريه ؟!
قال :- واولئك الذين جلسوا للغيبه والنميمه والكذب والغش والنفاق
قلت له حقيقه قد ظلمت فى زماننا هذا حقاً يا رمضان لم يفهموك
فكيف كان اجدادنا من السلف الصالح ؟
قال :- بخ .... بخ ... " اولئك الذين هدى الله "
فوضع يده على كتفى ثم قال اسمع يابنى جعلك الله خير خلف لخير سلف
قلت امين والمسلمين حدثنى عن اجدادى قال رمضان :-
كان الامام مالك اذا دخل رمضان ترك قراءه الحديث ومجالسة اهل العلم واقبل على تلاوة القرآن من المصحف
- وكان سفيان الثورى اذا دخل رمضان ترك جميع العباده واقبل على القرءان
- قال الربيع بن سليمان كان للشافعى فى رمضان سنين ختمه كلها فى الصلاه .
- قتاده كان بختم القرءان كل سته ايام مره فاذا دخل رمضان ختمه فى كل ثلاث .
ثم انتبه رمضان وقال :- استغفر الله انى قد بدأت بالاشبال قبل الاسد
قلت .. وماذاك ؟!
قال :- كان الرسول الاعظم صلى الله عليه وسلم يقوم من الليل حتى تتورم قدماه واذا دخل العشر الاوخر ايقظ اهله وشد مئزره واحيا ليله.
ثم سكت رمضان فجأه وعلاه حزن شديد .
فقلت ما هذا الذى اهمك والناس فى فرح شديد لقدومك ؟!
فرفع رأسه وقال
لو كان هما واحداً لا حتملته ولكنه هم وثان وثالث .
قلت له :- لا حول ولا قوه الا بالله فما الاولى ؟
قال :- اما نرى الى دماء المسلمين التى تراق شرقا وعربا فما من قطرة دم تسقط الان على وجه الارض ارخص من دم المسلم .
ثم رفع غينه الى السماء كانه تذكر شيئا ما
قلت له فيما ذكراك يرحمك الله ؟!
قال :-
بانى تذكرت والذكرى مؤرقه
مجداً تليداً بأيدينا اضعناه
أنى أتجهت للإسلام فى بلد
وجدته كالطير مقصوصاً جناحاه
كم صرفتنا يد كنا نصرفها
وبات يملكنا شعب ملكناه
فبكيت لحال امتى وسقطت دمعته من عينى وقعت حرارتها على قلبى
فمسح علىًّ فى حنان الوالد ثم قال لى :
كم سقطت هذه الامه ثم عادت اشد مما كانت وتذكر وذكر قومك ان هذه الامه ... امه عظيمة انها امه قد تمرض احيانا لكنها لا تموت ، وقد تغقو احيانا لكنها لا تنام ، وتغلب لكنها لا تسحق ، فقلت له صدقت ورب
فما الثانيه :- قال فرقه المسلمين مع ان كتابهم واحد ونبيهم واحد (صلى الله عليه وسلم) وإلهاهم واحد .
فقلت وما المخرج من هذا ؟
قال "واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا" فجعل الله عدم الفرقه مربوط بالاعتصام بالكتاب والسنه.
قال سارحل الان فقد جاء وقت الرحيل
قلت : انت قدمت منذ قليل
قال :- ايامى قليله فما اتى حتى البث ان اذهب والعاقل من اغتنم
وفجأه اختفى طيف رمضان وذهبت السكره وبقيت الفكره .
فقلت :- يرحمك الله يا رمضان لقد لينت قلوبا قاسيه وابقيت لنا فى الصالحين ذكرا "
"فهل من مدكر" " لقد كان فى قصصهم عبره لأولى الألباب"
وصلى الله على سيدنا محمد واله وصحبه وسلم .