هـذا ومـن تـوحيدهم إثبات أوصاف الكمال لربنا الرحمن
كـعلـوه سبحـانه فوق السما وات العلى بل فوق كل مكان
فـهـو الـعـليّ بذاته سبحانه إذ يستحيل خـلاف ذا ببيان
وهو الذي حقاً على العرش استوى قـد قـام بالتدبـير للأكوان
حيٌ مـريدٌ قـادرٌ مـتكـلمٌ ذو رحـمـةٍ وإرادةٍ وحنان
هـو أولٌ هـو آخـرٌ هـو ظاهرٌ هـو باطـنٌ هي أربعٌ بوزان
ما قـبـلـه شيءٌ كذا ما بعـده شيءٌ تعـالـى الله ذو السلطان
ما فـوقـه شيءٌ كـذا ما دونـه شيءٌ وذا تفسير ذي الـبرهان
فانظـر إلى تفـسـيره بتدبـرٍ وتبصرٍ وتعقـلٍ لـمـعـان
وانظر إلى ما فيه من أنواع معرفةٍ لـخـالـقـنا الـعظيمِ الشان
وهـو الـعـليّ فكل أنواع العلو لـه فـثـابـتـةٌ بلا نكران
وهـو العظيم بكل معنىً يوجب التعظيم لا يـحـصيه من انسان
وهـو الجليل فكل أوصاف الجلال لـه مـحـقـقـةٌ بلا بطلان
وهو الجميل على الحقيقة كيف لا وجـمـال سـائر هذه الأكوان
مـن بعض آثـار الجميل فربـها أولـى وأجـدر عند ذي العرفان
فـجـمـاله بالذات والأوصاف والأفـعـال والأسـماء بالبرهان
لاشيءَ يشبـهُ ذاتَـهُ وصفاتَـهُ سبحانـه عن إفـك ذي البهتان
وهو المجيد صفاتُهُ أوصاف تعظيمٍ فـشـأنُ الـوصفِ أعـظم شأن
وهو السميع يرى ويسمع كل ما فـي الكون من سرٍ ومن إعلان
ولـكـل صوتٍ منه سمعٌ حاضرٌ فـالـسـرُّ والإعـلانُ مستويـان
والسمع منه واسع الأصوات لا يـخـفى عليه بعيدها والـداني
وهـو البصير يرى دبيب النملة السوداء تحت الصخـر والصوان
ويـرى مجاري القوت في أعضائها ويـرى نياط عـروقـها بعيان
ويـرى خيانات العيون بلحظها ويـرى كـذاك تقلب الأجفان
وهـو العليم أحاط علماً بالـذي في الـكون من سرٍ ومن إعـلان
وبـكـل شيءٍ عـلمه سبحانه فـهو الـمحيط وليس ذا نسيان
وكذاك يعلم ما يكون غداً وما قـد كان والـموجود في ذا الآن
وكذاك أمر لم يكن لو كان كيف يـكـون في الحـالات ذا إمكان
وهـو الـمكـلـم عبده موسى بتكـلـيم الخـطاب وقبله الأبوان
كـلـماتـه جلت عن الإحصاء والتعداد بل عن حصر ذي الحسبان
ولـو أن أشجار البلاد جـميعها الأقـلام تكـتـبـها بكل بنان
والبحر تلـقى فيه سبعـة أبـحرٍ لكـتابة الكلمـات كل زمـان
نـفـدت ولم تنفد بـها كلماته ليس الكلام من الإلـه بفـان
وهـو القدير فليس يعـجـزه إذا مـا رام شيئا قـط ذو سلـطان
وهـو الـقوي له الـقوى جمعاً تعـالى رب ذي الأكوان والأزمان
وهـوالـغـنـي بذاته فـغـناه ذاتـي لـه كالـجود والإحسان
وهـو الـعـزيز فلن يرام جنابه أنـى يرام جـناب ذي السلـطان
وهـو الحـييُّ فليس يفضحُ عبده عند الـتـجاهـر منه بالـعصيان
لـكـنـه يُـلـقي عليه ستره فهـو الـستّير وصاحب الـغفران
وهـو الـحليم فـلا يعاجل عبده بعـقـوبـةٍ ليـتوب من عصيان
وهـو الـعفو فعفوه وسع الورى لولاه غـار الأرض بالـسكـان
وهـو الصبور على أذى أعـدائه شـتـمـوه بل نسبـوه للبهتان
قـالـوا لـه ولدٌ وليس يعيدنا شـتـمـاً وتكذيباً من الإنسان
هـذا وذاك بسمـعـه وبعلمه لـو شـاء عـاجلهم بكل هوان
وهـو الـرفيق يحب أهل الرفق بـل يعطيهم بالـرفق كل أمان
وهـو الجواد فجوده عم الوجود جـمـيـعـه بالفضل والإحسان
وهو المجيب يقول من يدعو أجبه أنـا الـمـجيب لكل من ناداني
ما لـلـعـباد عليه حقٌ واجبٌ هو أوجب الأجر العظيم الشان
كـلا ولا عمل لـديه ضائعٌ إن كـان بالإخلاص والإحسان
إن عـذِّبـوا فـبـعدله أو نعِّموا فبـفـضلـه والـحمد للمنان
وهو القريب وقربه الـمخـتص بالـداعي وعابده على الإيـمان
وهـو الـغفور فلو أتى بقرابـها من غير شركٍ بل من الـعصيان
لأتاه بالغـفران ملىءُ قرابـها سبحـانـه هو واسع الـغفران
وهـو الودود يـحـبـهم ويحبه أحبـابـه والفـضل لـلـمنان
وهـو الشكور فلن يضيع سعيهم لكـن يضاعـفـه بـلا حسبان
وهو الإلـه السيد الصمد الذي صمدت إليـه الخـلق بالإذعان
الكامل الأوصاف من كل الوجوه كماله ما فـيه من نـقـصان
والـنـور من أسمائه أيضا ومن أوصافـه سبحـان ذي البرهـان
نـور السماوات العلى من نوره والأرض كـيف الـنجم والقمران
من نور وجـه الرب جل جلاله وكـذا حكـاه الحافظ الـطبراني
فـبه استـنار العرش والكرسي مـع سبع الطباق وسائر الأكوان
وكـتابه نـورٌ كـذلك شرعه نورٌ كـذا الـمـبعوث بالفرقان