كانت السيدة سكينة حسناء في وقار وهيبة ، كأجمل ما تكون النساء الهاشميات من الفصاحة الكلامية ، تروى الشعر وتنقده ، عفيفة محصنة في خدرها ما ترمي بريبة واسمها ( أمينة ) وقد لقبتها أمها ( سكينة ) بالتصغير .
نسبها من أمها : واسم أمها ( الرباب ) بنت أمرئ القيس بن عدي بن أوس الكلبي أسلم على يد عمر بن الخطاب وكان نصرانياً ، فما لبث حتى عقدت له الإمارة على بني قضاعة من أرض الشام قبل أن يصلي صلاة الصبح ، وما أمسي يومه كذلك حتى خطب مولانا الحسين رضي الله عنه بنته ( الرباب ) وقد ولد منها عبد الله وسكينة
وكانت السيدة سكينة رضي الله عنها رمزاً لبيت النبوة المشرق ، يضم منزلها المضيء شمل المسلمين لتوثيق قلوب المؤمنين والتعلق بآل البيت ، وإشاعة المحبة والمودة ، وهذا التوادد الذي طلبه منا رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم بقوله قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى تحت تلك السلالة المشرقة وانتشرت في جميع بقاع الأرض ، ترعاها الألفة ، وتتعلق بها قلوب المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها لتستروح بها أنسام الملائكة الطاهرين ، وتستنشق منها عبير أهل الجنة ، ويشم فيها طيب رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم في عقبه وذريته المباركين ، ونرى فيها أحد خليفتين عناهما رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم بقوله إني تارك فيكم خليفتين ، كتاب الله حبل ممدود ما بين السماء والأرض ، وعترتي ، وإنهما لن يفترقا حتى يردا على الحوض كهاتين ، وأشار بأصبعه فآل البيت رضي الله عنهم ، هم أمان لأهل الأرض في كل عصر وزمان إلى قيام الساعة .
وقد توفيت رضي الله عنها بالحجاز سنة ست وعشرين ومائة . في إمارة خالد بن عبد الملك والي المدينة ، وصلى الناس عليها جماعات وفرادى ، ما بين باك يومها ، ومنتحب حول نعشها ، وقد أمر خالد بتأخير دفنها حتى يشيعها بنفسه ، وقد حضر الأمير في اليوم الثاني ، وظل الناس يطلقن حول جثمانها الطاهر بخور العود والصندل حتى غلبهم النعاس . والسيدة سكينة المدفونة بمصر هي سكينة الصغرى .
وكانت السيدة سكينة رضي الله عنها كريمة صالحة ، ذات روحانية خاصة سيدة نساء عصرها في البلاغة والبيان يعرف ذلك في قسمات وجهها الأغر الأبلج وفي عينيها الخاشعتين اللتين يشع منهما الطهر والعفاف ، تحب الجمال في كل شيء حولها ، وما يقع تحت نظرها في بيتها وهيئتها وملبسها . ثم تقبل على محرابها تناجي ربها بعد أداء واجب زوجها ومنزلها .