سجود الشكرأم صلاة شكر ؟
سجود الشكر اسمه " سجود " فهو سجود وليس صلاة .
قال ابن قدامة في المُغني : ويستحب سجود الشكر عند تجدد النعم ، واندفاع النقم ...
ثم ذكر الأقوال في المسألة ، وذكر اختياره وترجيحه بقوله :
ولنا ما روى ابن المنذر بإسناده عن أبي بكر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أتاه أمر يُسرّ بِهِ خرّ ساجدا ورواه أبو داود ولفظه قال : كان إذا أتاه أمرٌ يُسرّ بِهِ ، أو بُشِّر به خرّ ساجدا شكراً لله ... وسجد الصديق حين فتح اليمامة ، وعليٌّ حين وجد ذا الثديّة . أي حين وجده في الخوارج ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر به ووصفه ، وروي عن جماعة من الصحابة ، فثبت ظهوره وانتشاره ، فبطل ما قالوه . وتَرْكُه تارة لا يدل على أنه ليس بمستحب ، فإن المستحب يُفعل تارة ، ويُترك أخرى . انتهى .
وسجد كعب بن مالك رضي الله عنه لما بلغه خبر توبة الله عليه ، والحديث في الصحيحين .
والصحيح أنه لا يُشترط لسجود الشكر ما يُشترط للصلاة من وضوء واستقبال قبلة وتكبير ؛ لأنه مجرد سجود .
وإن كان الأفضل أن يسجد على طهارة ويكون مستقبلا القبلة .
فمن تجددت له نعمة ، أو اندفعت عنه نقمة ، فيُسنّ له أن يسجد شكراً لله ، سواء كان متوضأ أو غير متوضئ ، وسواء كان مُستقبلا القبلة أو غير مستقبل القبلة .
ولكن كثيرا ما نسمع أن البعض عندما تظهر له نعم الله يتوضأ ويصلي ركعتين لله شكرا على نعمه ... فهل هذه بدعة ؟.
والجواب :
.
صلّى النبي صلى الله عليه وسلم يوم الفتح ثمان ركعات ، كما في الصحيحين .
واختُلِف في توجيه هذه الصلاة
فقالت طائفة من أهل العلم : هي صلاة الضحى ، واستدلوا برواية لمسلم . قالت أم هانئ : ثم صلى ثمان ركعات ، سبحة الضحى .
يعني سُنّة الضحى .
وقالت طائفة أخرى : هي صلاة شكر لله تعالى على الفتح .
ونقل الطبري عن خالد بن الوليد أنه صلى صلاة الشكر لما فتح الحيرة .
ولكن لا يُشرع للعبد كلما تجددت له نعمة أن يقوم إلى الصلاة ، فيُصلّي ركعتين .
وإن كانت الصلاة من شُكر الله عز وجل ، والتقرّب إلى الله بها من أفضل القربات ، لكن المشروع عند تجدد النّعم هو سجود الشكر ؛ ولأن الصلاة تحتاج إلى وضوء وقد لا يجد المسلم الماء في وقت ورد ما يسرّه ، فيتأخر عن المقصود ، بخلاف السجود ، خاصة إذا قلنا إنه لا يحتاج إلى وضوء ولا استقبال قبلة ولا تكبير . بل يخـرّ ساجداً لله .
قال أبو عبد الرحمن الحبلي : الصلاة شكر ، والصيام شكر ، وكل خير تعمله لله عز وجل شكر ، وأفضل الشكر الحمد .
وقال : محمد بن كعب القرظي : الشكر تقوى الله تعالى ، والعمل الصالح .
قال ثابت البناني : بلغنا أن داود نبي الله جزّأ الصلاة على بيوته على نسائه وولده ، فلم تكن تأتي ساعة من الليل والنهار إلا وإنسان قائم من آل داود يصلي ، فعمّتهم هذه الآية : ( اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا ) رواه ابن أبي شيبة .
فهذا شكر مطلوب على الدوام لتتابع نِعم الله علينا .