وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ المُؤْمِنِينَ
الصلاة هي قمة اللقاء بين العبد والرب ، وحرارة هذا اللقاء ودوامها، يعكس أصل العلاقة ودرجتها .. فالمؤمن العاقل لا يغره ثناء الآخرين - بل ولا سلوكه الحسن قبل الصلاة وبعدها - ما دام يرى الفتور والكسل أثناء حديثه مع رب العالمين .....
الغوص!..
إن القرآن الكريم عندما يذكر الحركة الدائبة إلى الله عز وجل، يستعمل كلمات الحركة والإثارة:{يَاأَيُّهَاالْإِنسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ}؛
(الكدح) أي المبالغة في السعي.. فالإنسان الذي يسعى يوماً وينام يوماً، لايقال بأنه إنسان كادح..
ومن الغريب أن نرى هذه الهمة للإنسان في بعض الأمور التي ليس لها كثير جدوى، كأولئك الذين يغوصون مئات الأمتار، ويعرضون نفوسهم للخطر، للوصول إلى الأعماق المرجانية في المحيطات -مثلاً- أو لاكتشاف سمكة صغيرة..
فهل بذلنا نحن هذا الجهد، وحاولنا أن نغوص في بحار أنفسنا، لاكتشاف النقاط المظلمة والمضيئة فيها؟..
فنحن لسنا هذه الأبدان الفانية!.. إن علياً (عليه السلام) عندما يصف الجسم البشري، يصفه بوصف بليغ في الذم:
(مسكين ابن آدم؛ مكتوم الأجل، مكنون العلل، محفوظ العمل.. تؤلمه البقة، تقتله الشرقة، وتنتنه العرقة.. ما لابن آدم والفخر!.. أوله نطفة،وآخره جيفة.. لا يرزق نفسه، ولا يدفع حتفه)،
وفي قول آخر: (أوله نطفة قذرة، وآخرة جيفة نتنة، وهو فيما بينهما يحمل العذرة)..
أليس من الواجب أن نفكر في هذا السبيل الذي يستلزم الكدح، ويستلزم الفرار إلى الله -عز وجل- الذي يدعونا للفرار إليه: {فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ}؟!..
****
المسارعة في السير
إن من الأمور اللازمة للسائر إلى الحق ، ( المسارعة ) في السير بعد مرحلة (اليقظة )والعزم على الخروج عن أسر قيود الهوى والشهوات ..
فإن بقاءه فترة طويلة في مراحل السير الأولى ، بمثابة حرب استنـزاف تهدر فيها طاقاته من دون أن يتقدم إلى المنازل العليا ، فيكون ذلك مدعاة له لليأس ، ومن ثَّم التراجع إلى الوراء كما يقع للكثيرين ..فالسائرون في بدايات الطريق لا يشاركون أهل ( الدنيا ) في لذائذهم الحسية ، لحرمتها أو لاعتقادهم بتفاهتها بالنسبة إلى اللذات العليا التي يطلبونها ، ولا يشاركون أهل ( العقبى ) في لذائذهم المعنوية ،لعجزهم عن استذواقها في بدايات الطريق .. فهذا التحير والتأرجح بين الفريقين قد يبعث أخيرا على الملل والعود إلى بداية الطريق ، ليكون بذلك في معرض انتقام الشياطين منه، لأنه حاول الخروج عن سلطانهم من دون جدوى.
اللهم يوفقنا ويوفقكم إلى ترك المعاصى ويتمم علينا الإيمان يارب العالمين
وأخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين ....
أخيكم / أحمد عبدالله