--------------------------------------------------------------------------------
أهمية الحكمة في الدعوة إلى الله .
1/ قد بين القرآن الكريم طرق الدعوة إلى الله تعالى ، ويأتي في مقدمة هذه الطرق : الحكمة في الدعوة إلى _ عز وجل _ وقد أمر الله تعالى نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم بالدعوة إلى الله بالحكمة فقال : {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ } (1) .
2/ من تتبع سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وجد أنه كان يلازم الحكمة في جميع أموره ، وخاصة في دعوته إلى الله عز وجل ، فأقبل الناس ودخلوا في دين الله أفواجاً بفضل الله تعالى ، ثم بفضل هذا النبي الحكيم صلى الله عليه وسلم الذي ملأ الله قلبه بالإيمان والحكمة ، فعن أنس _رضي الله عنه _ قال : كان أبو ذر يحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : {فُرِجَ سقف بيتي وأنا بمكة ، فنزل جبريل فَفرج صدري ثم غسله بماء زمزم ، ثم جاء بطست (2) من ذهب ممتلئ حكمة وإيماناً فأفرغه في صدري ، ثم أطبقه ، ثم أخذ بيدي فعرج بي ...} الحديث (3) .
وهذا يثبت أن الحكمة من أعظم الأمور الأساسية في منهج الدعوة إلى الله تعالى ، حيث امتلأ بها صدر رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو صاحب الدعوة مع الإيمان ، وهو قضية الدعوة في لحظة واحدة ، كما يؤكد قيمة وأهمية الحكمة من خلال مجيئها يحملها جبريل عليه السلام وهو روح القدس ، في طست من ذهب ، وهو أغلى المعادن ، في مكة المكرمة ، وهي البقعة المباركة ؛ ليمتلئ بها صدر محمد صلى الله عليه وسلم وهو خير الخلق ، بعد غسله بماء زمزم وهو أطهر ماء وأفضله .
وهذا يؤكد أن الحكمة في الدعوة إلى الله تعالى أمرها عظيم وشأنها كبير ، وقد قال تعالى :{وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ } (4) .
ثم سار أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على طريقه وهديه في الدعوة إلى الله تعالى بالحكمة ، فانتشر الإسلام في عهدهم _رضي الله عنهم _ انتشاراً عظيماً ، ودخل في الإسلام خلق لا يحصي عددهم إلا الله تعالى ، وجاء التابعون ، وكملوا السير في هذا الطريق في الدعوة إلى الله بالحكمة ، وهكذا سارت القرون الثلاثة المفضلة ومن بعدهم من أهل العلم والإيمان ، فأظهر الله الإسلام وأهله ، وأَذَلَّ الشرك وأهله وأعوانه .
(
صلى على الحبيب محمد)