بسم الله الرحمن
في قديم الزمان
..
حيث لم يكن على الأرض بشر بعد
كانت "الفضائل" و "الرذائل" تطوف العالم معاً
فشعروا بالملل الشديد
وذات يوم اقترح "الإبداع" .. لعبة
وأسماها : أستغمايه!
أحب الجميع الفكرة
فصرخ "الجنون":
أريد أن أبدأ .. أريد أن أبدأ
أنا من سيغمض عينيه.. وأبدأ العدّ
وأنتم عليكم في الاختفاء مباشرة
ثم اتكأ "الجنون" بمرفقيه على شجرة
وبدأ في العدّ: واحد .. اثنين .. ثلاثة ..
وبدأت "الفضائل" و "الرذائل" في الاختباء
فوجدت "الرقة" لنفسها مكاناً فوق القمر
وأخفت "الخيانة" نفسها في كومة زبالة!
ودلف "الولع" .. بين الغيوم
ومضى "الشوق" إلى باطن الأرض
قال "الكذب" بصوت عال:
سأخفي نفسي تحت الحجارة
.. ثم توجه إلى قاع البحيرة !!
واستمر "الجنون" في العدّ
تسعة وسبعون .. ثمانون .. واحد وثمانون
خلال ذلك أتمت كلّ الفضائل والرذائل تخفيها
ماعــدا "الحُبّ" !!!!
فهو كعادته .. لم يكن صاحب قرار!!
وبالتالي ، لم يعرف أين يختفي
وهذا غير مفاجئ لأحد !!
فنحن نعلم : كم هو صعب إخفاء "الحُبّ"!
تابع "الجنون" في العدّ:
خمسة وتسعون .. ستة وتسعون ..
وعندما وصل "الجنون" إلى مائة
قفز "الحُبَ" مسرعاً وسط كومة من الورد
.. واختفى بداخلها !!
فتح "الجنون" عينيه وبدأ البحث صائحا:
أنا آت إليكم .. أنا آت إليكم
كان "الكسل" أول من أنكشف!!
لأنه لم يبذل أي جهد في إخفاء نفسه!
ثم ظهرت "الرقّة" المختفية في القمر
وبعدها .. خرج "الكذب" من قاع البحيرة
بعد أن انقطع نفسه !!
وأشار على "الشوق" أن يصعد من باطن الأرض
وفي النهاية .. وجدهم "الجنون" جميعاً
واحدا بعد الآخر .. ماعدا "الحُبّ" ! !
كاد "الجنون" يصاب بالإحباط واليأس
لأنه فشل في العثور على "الحُبّ"
حين ذلك اقترب "الحسد" من "الجنون"
وفتن على "الحُبّ"
همس في أذن "الجنون" قائلاً:
"الحُبّ" مختف في شجرة الورد
التقط "الجنون" شوكة خشبية كالرّمح
وبدأ في طعن شجيرة الورد بشكل طائش
ولم يتوقف إلا عندما سمع
صوت بكاء يمزق القلوب
ظهر "الحُبّ" ..
وهو يحجب عينيه بيديه
والدم يقطر من بين أصابعه
صاح "الجنون" نادماً :
يا الهي .. ماذا فعلت؟ ماذا فعلت؟
ماذا أفعل الآن لكي أصلح غلطتي؟
ماذا أفعل بعد أن أفقدتك البصر؟
أجابه "الحُبّ":
لن تستطيع إعادة النظر لي .. ولكن
لا يزال هناك ما تستطيع أن تفعله من أجلي
كن دليلي !!
وهذا هو ما حدث من يومه
ولا يزال حتى يومنا هذا
يظل "الحُبَ" الأعمى يمضي
.. يقوده "الجنون"
فلا تندهش يا صاحبي إذا قالوا لك:
"الحُبّ" .. أعمى
أو قالوا
"الحُبّ" .. "جنون"