القبيلة : الفقــراالحالة الأجتماعية : عدد المساهمات : 1910 تاريخ الميلاد : 07/06/1961 العمر : 63 المزاج : الحمد للهالتفييم الإدارى :
موضوع: رحلـــــــة الهجــــــره السبت 4 ديسمبر 2010 - 22:23
بعد أن تمت بيعة العقبة الثانية ونجح الإسلام في تأسيس وطن له وسط صحراء تموج بالكفر والجهالة، أذن رسول الله صلى الله عليه وسلم للمسلمين بالهجرة إلى هذا الوطن.
كانت الهجرة تعني التضحية بالمصالح و الأموال، والمخاطرة بالنفس،و المسير نحو مستقبل مبهم. بدأ المسلمون يهاجرون وهم يعرفون كل ذلك، في سبيل الثبات على الدين، وأخذ المشركون يحولون بينهم وبين خروجهم لما كانوا يحسون به من الخطر. فقد كانوا يعرفون ما للمدينة من الموقع الإستراتيجي بالنسبة إلى المحجة التجارية. ومعلوم أن مدار هذه التجارة كان على استقرار الأمن في تلك الطريق.
شعر المشركون بتفاقم الخطر الذي كان يهدد كيانهم، فصاروا يبحثون عن أنجح الوسائل لدفع هذا الخطر الذي مبعثه الوحيد هو حامل لواء دعوة الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم.
عقدت قريش مؤتمرا في دار الندوة للتفكير في القضاء على الرسول نفسه، فقرَّ رأيهم على أن يتخيروا من كل قبيلة منهم فتى جلدا، فيقتلوه جميعا، فيتفرق دمه في القبائل، ولا يقدر بنو مناف على حربهم جميعا، فيرضوا بالدية. وهكذا اجتمع الفتيان الموكلون بقتل الرسول صلى الله عليه وسلم على بابه ليلة الهجرة ينتظرون خروجه ليقتلوه.
وهذا هو تفكير الأشرار أعداء الإصلاح في كل عصر: حين ييأس المبطلون من إيقاف دعوة الحق والإصلاح ، يلجؤون آخر الأمر إلى قتل الداعية المصلح، ظنا منهم أنهم إن قتلوه قضوا على دعوته.
*****
لم ينم الرسول صلى الله عليه وسلم تلك الليلة على فراشه، وإنما طلب من علي رضي الله عنه أن ينام مكانه، وأمره إذا أصبح أن يرد الودائع التي كان أودعها كفار قريش عنده إلى أصحابها. غادر الرسول صلى الله عليه وسلم بيته دون أن يشاهده الموكلون بقتله، وذهب إلى بيت أبي بكر، وكان قد هيأ من قبل راحلتين له وللرسول صلى الله عليه وسلم، فعزما على الخروج. إستأجر أبو بكر عبد الله بن أريقط الدِّيلي، وكان مشركا، ليدلهما على طريق المدينة، على أن يتجنب الطريق المعروفة إلى طريق أخرى لا يهتدي إليها كفار قريش.
إن الجندي الصادق المخلص لدعوة الإصلاح، يفدي قائده بحياته، ففي سلامة القائد سلامة للدعوة. ما فعله علي رضي الله عنه ليلة الهجرة من بياته على فراش الرسول صلى الله عليه وسلم تضحية بحياته في سبيل الإبقاء على حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
كما أن في إيداع المشركين ودائعهم عند رسول الله صلى الله عليه وسلم مع محاربتهم له وتصميمهم على قتله، دليل على أن أعداء الإصلاح يوقنون في قرارة نفوسهم باستقامة الداعية وأمانته ونزاهته. *****
خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبه أبو بكر يوم الخميس أول يوم من ربيع الأول لسنة ثلاث وخمسين من مولده عليه الصلاة والسلام، ولم يعلم بأمر هجرته إلا علي رضي الله عنه وآل أبي بكر رضي الله عنه، وعملت عائشة وأسماء بنتا أبي بكر في تهيئة الزاد لهما، واتجها مع دليلهما عن طريق اليمن حتى وصلا إلى «غار ثور»، فكمنا فيه ثلاث ليال يبيت عندهما عبد الله بن أبي بكر وهو شاب حاذق، فيخرج من عندهما بالسَحَر، ويصبح مع قريش بمكة كأنه كان نائما فيها، فلا يسمع من قريش أمرا يبيتونه لهما إلا وعاه حتى يأتيهما في المساء بخبره.
من خلال متابعة تحركات الرسول عليه السلام ، نرى أخذا بالأسباب كاملة من الإعداد والتخطيط ، و إسناد المهام الى أصحابها، و تأمين متطلبات العمل، و السرية في التحركات مع التمويه وإعفاء الأثر على العدو.
في موقف عبد الله بن أبي بكر و علي بن أبي طالب رضي الله عنهما، ما يثبت أثر الشباب في نجاح الدعوات، فهم عماد كل دعوة إصلاحية . ونحن نرى في المؤمنين السابقين إلى الإسلام كلهم شبابا، حملوا أعباء الدعوة على كواهلهم، فتحملوا في سبيلها التضحيات، وبهؤلاء انتصر الإسلام.
في موقف عائشة وأسماء رضي الله عنهما أثناء هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم ما يثبت حاجة الدعوات الإصلاحية إلى النساء، فهن أرق عاطفة، وأكثر اندفاعا. والمرأة إذا آمنت بشيء لم تبال بنشره والدعوة إليه بكل صعوبة، وعملت على إقناع زوجها وأخوتها وأبنائها به. ولجهاد المرأة في سبيل الإسلام في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم صفحات بيضاء مشرقة، تؤكد لنا اليوم أن حركات الإصلاح الإسلامي ستظل قليلة الأثر في المجتمع حتى تشترك فيها المرأة، فتنشئ جيلا على أخلاق الإسلام وآدابه، وحب الإسلام ورسوله.
*****
قامت قيامة قريش لنجاة الرسول صلى الله عليه وسلم من القتل، وخرجوا يطلبونه من طريق مكة المعتاد، فلم يجدوه واتجهوا إلى طريق اليمن، ووقفوا عند فم « غار ثور» يقول بعضهم: لعله وصاحبه في هذا الغار. فيجيبه الآخرون: ألا ترى إلى فم الغار كيف تنسج عليه العنكبوت خيوطها، وكيف تعشعش فيه الطيور، مما يدل على أنه لم يخل هذا الغار أحد منذ أمد، وأبو بكر رضي الله عنه يرى أقدامهم وهم واقفون على فم الغار، فيرتعد خوفا على حياة الرسول صلى الله عليه وسلم ويقول له: والله يا رسول الله، لو نظر أحدهم إلى موطئ قدمه لرآنا، فيطمئنه الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله: «يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما؟».
في خوف أبي بكر وهو في الغار من أن يراهما المشركون مثل لما يجب أن يكون عليه جندي الدعوة الصادق مع قائده الأمين حين يحدق به الخطر من خوف وإشفاق على حياته. فما كان أبو بكر ساعتئذ بالذي يخشى على نفسه من الموت، ولو كان كذلك، لما رافق الرسول صلى الله عليه وسلم في هذه الهجرة الخطيرة وهو يعلم أن أقل جزائه القتل إن أمسكه المشركون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكنه كان يخشى على حياة الرسول الكريم، وعلى مستقبل الإسلام إن وقع الرسول صلى الله عليه وسلم في قبضة المشركين.
في جواب الرسول صلى الله عليه وسلم لأبي بكر تطمينا له على قلقه « يا أبا بكر، ما ظنك باثنين الله ثالثهما» مثل من أمثلة الصدق في الثقة بالله والاطمئنان إلى نصره، والاتكال عليه عند الشدائد، وهو دليل واضح على صدق الرسول صلى الله عليه وسلم في دعوى النبوة، فهو في أشد المآزق حرجا ومع ذلك تبدو عليه أمارات الاطمئنان إلى أن الله الذي بعثه هدى ورحمة للناس لن يتخلى عنه في تلك الساعات، فهل مثل هذا الاطمئنان يصدر عن مدع للنبوة، منتحل صفة الرسالة؟ وفي مثل هذه الحالات يبدو الفرق واضحا بين دعاة الإصلاح وبين المدعين له والمنتحلين لاسمه، أولئك تفيض قلوبهم دائما وأبدا بالرضى عن الله، والثقة بنصره، وهؤلاء يتهاوون عند المخاوف، وينهارون عند الشدائد، ثم لا تجد لهم من دون الله وليا ولا نصيرا.
في عمى أبصار المشركين عن رؤية رسول الله وصاحبه في «غار ثور» وهم عنده، وفيما تحكيه لنا الروايات من نسيج العنكبوت وتفريخ الطير على فم الغار، مثل تخشع له القلوب من أمثلة العناية الإلهية برسله ودعاته وأحبابه، و تصديق قول الله تبارك وتعالى ( إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ ) غافر 51 ، وقول الله تبارك وتعالى ( إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا ) الحج 38
*****
أرسلت قريش في القبائل تطمع كل من عثر على الرسول صلى الله عليه وسلم وصاحبه، أو قتله، أو أسره، في دفع مبلغ ضخم من المال يغري الطامعين، فانتدب لذلك سراقة بن جعشم ، وأخذ على نفسه أن يتفقدهما ليظفر وحده بالجائزة.
بعد أن انقطع طلب رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبه، خرجا من الغار مع دليلهما وأخذا طريق الساحل « ساحل البحر الأحمر» وقطعا مسافة بعيدة أدركهما من بعدها سراقة، فلما اقترب منهما، ساخت قوائم فرسه في الرمل فلم تقدر على السير، وحاول ثلاث مرات أن يحملها على السير جهة الرسول صلى الله عليه وسلم، عندئذ أيقن أنه أمام رسول كريم، فطلب من الرسول صلى الله عليه وسلم أن يعده بشيء إن نصره، فوعده بسواري كسرى يلبسهما، ثم عاد سراقة إلى مكة فتظاهر بأنه لم يعثر على أحد.
يبدو لنا من موقف سراقة حين أدرك الرسول صلى الله عليه وسلم وعجزه عن الوصول إليه دليل على نبوة الرسول صلى الله عليه وسلم، فقد كانت قوائم فرسه تسيخ في الرمل وهي متجهة صوب الرسول، حتى إذا نزل عنها ووجهها شطر مكة نشطت من كبوتها، فإذا أراد أن يعيدها كرة في اتجاه الرسول صلى الله عليه وسلم عادت إلى عجزها ، أفترى هذا يقع إلا لنبي مرسل مؤيد من الله بالنصر والعون؟ كلا، وهذا ما أدركه سراقة، فنادى الرسول بالأمان، وأدرك أن للرسول صلى الله عليه وسلم من العناية الإلهية ما تعجز عن إدراكه قوى البشر، فرضي أن يخسر الجائزة ويفوز بالوعد.
في وعد الرسول صلى الله عليه وسلم لسراقة بسواري كسرى معجزة أخرى، فالإنسان الذي يبدو هاربا من وجه قومه لا يؤمل في فتح الفرس والاستيلاء على كنوز كسرى، إلا أن يكون نبيا مرسلا، ولقد تحقق وعد الرسول صلى الله عليه وسلم له، وطالب كسرى عمر بن الخطاب بإنفاذ وعد الرسول صلى الله عليه وسلم له حين رأى سواري كسرى في الغنائم، فألبسهما عمر سراقة على ملأ من الصحابة، وقال: «الحمد لله الذي سلب كسرى سواريه وألبسهما سراقة بن جعشم الأعرابي» وهكذا تتوالى المعجزات في هذه الهجرة واحدة بعد أخرى ليزداد المؤمنون ويستيقن الذين أوتوا الكتاب من المترددين والجاحدين أنه رسول من رب العالمين. *****
وصل الرسول صلى الله عليه وسلم وصاحبه المدينة في اليوم الثاني عشر من ربيع الأول وبعد أن طال انتظار أصحابه له، فلما رأوه فرحوا به فرحا عظيما، وأخذت الولائد ينشدن بالدفوف:
طلع البدر عـلـيـنــــا من ثــنـيـات الـوداع
وجب الشكر عـلـيـنا مـــــا دعــــا لله داع
أيها المبعوث فـيــنـا جئت بالأمر المطاع
*****
إن تفكير قائد الدعوة، أو رئيس الدولة، أو زعيم حركة الإصلاح في النجاة من تآمر المتربصين والمغتالين، وعمله لنجاح خطة النجاة ليستأنف حركته أشد قوة ومراسا في ميدان آخر، لا يعتبر جبنا ولا فرارا من الموت. فقد هاجرعليه الصلاة والسلام في الأخير خوفاً على أمته. و هنا نرى ضرورة الانتقال بالدعوة من مرحلة الاستضعاف إلى مرحلة التمكين. و على هذا الأساس، إختار عليه السلام المكان المناسب للدولة؛ الذي تتوفر فيه أسباب القوة، ثم خطط بعناية للإنتقال إليه، متوكلاً على الله تعالى، متيقناً بنصره. لا تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا
قالها بعد أن أخذ بالأسباب كاملة من الإعداد والتخطيط و تأمين متطلبات العمل مهما قابل المؤمن من فتن يظل ثابتا متيقنا بنصر الله الذي وعد
abosabrah مشرف
القبيلة : صبرهالحالة الأجتماعية : عدد المساهمات : 2664 تاريخ الميلاد : 12/08/1990 العمر : 34 التفييم الإدارى :
موضوع: رد: رحلـــــــة الهجــــــره السبت 4 ديسمبر 2010 - 22:27
ابو عمرو مشرف
القبيلة : الفقــراالحالة الأجتماعية : عدد المساهمات : 1910 تاريخ الميلاد : 07/06/1961 العمر : 63 المزاج : الحمد للهالتفييم الإدارى :
موضوع: رد: رحلـــــــة الهجــــــره الأحد 5 ديسمبر 2010 - 0:00
شكرا اخى سالم لمرورك الدائم الذى يضئ صفحتنا بارك الله فيك
ابو صبرى مشرف
القبيلة : الفقراءعدد المساهمات : 1736 التفييم الإدارى :
موضوع: رد: رحلـــــــة الهجــــــره الأحد 5 ديسمبر 2010 - 7:39
محمد العجيز ابو مودة المراقب العام
القبيلة : البريديةالحالة الأجتماعية : عدد المساهمات : 2109 تاريخ الميلاد : 03/07/1985 العمر : 39 المزاج : وسع صدرك
موضوع: رد: رحلـــــــة الهجــــــره الأحد 5 ديسمبر 2010 - 9:53
القبيلة : الجعافرة(أل شــــــــــاهين)الحالة الأجتماعية : عدد المساهمات : 3635 تاريخ الميلاد : 21/06/1976 العمر : 48 المزاج : الحمدلله على كل حالالتفييم الإدارى :
موضوع: رد: رحلـــــــة الهجــــــره الثلاثاء 7 ديسمبر 2010 - 4:50
ممتــــــــــــــــاز في كل ما تطرح وتكتب شـــــــــكراً لك
محمدعبدالله موسسين االمنتدى
القبيلة : الرويصـــابالحالة الأجتماعية : عدد المساهمات : 9115 تاريخ الميلاد : 24/04/1986 العمر : 38 المزاج : الحمدلله على كل حال التفييم الإدارى :
موضوع: رد: رحلـــــــة الهجــــــره الثلاثاء 7 ديسمبر 2010 - 5:22
بارك الله فيك استاذنا الغالى ابو عمرو
والله موضوع شامل وملم
جزاك الله الجنه
واعاده الله علينا وعليكم الايام بالخير
عبود فضيل مشرف
القبيلة : ال غــــــــــــــــــــــندور الحالة الأجتماعية : عدد المساهمات : 2229 تاريخ الميلاد : 27/10/1987 العمر : 37 المزاج : الحمد لله %%التفييم الإدارى :
موضوع: رد: رحلـــــــة الهجــــــره الثلاثاء 7 ديسمبر 2010 - 11:20
مشكور يا ابو عمرو
تسلم الايادي
جزاك الله كل خير
ابو عمرو مشرف
القبيلة : الفقــراالحالة الأجتماعية : عدد المساهمات : 1910 تاريخ الميلاد : 07/06/1961 العمر : 63 المزاج : الحمد للهالتفييم الإدارى :
موضوع: رد: رحلـــــــة الهجــــــره الثلاثاء 7 ديسمبر 2010 - 12:59