الصحابي الجليل ثابت بن قيس ابن شمّاس الأنصاري رضي الله عنه
هو الصحابي الجليل ثابت بن قيس ابن شمّاس الأنصاري رضي
الله عنه ، وكان رجلا جهير الصوت ، يحب الجمال والشرف ، وكان
قومه قد عرفوه بذلك . فلما أنزل الله تعالى على رسوله صلى
الله عليه وسلم (( أن الله لايحب كل مختال فخور )) أنصرف ثابت
بن قيس من عند النبي صلى الله عليه وسلم وهو ينتحب فدخل
بيته وأغلقه عليه وطفق يبكي ، ففقده رسول الله صلى الله
عليه وسلم فسأل عنه بشير بن سعد رضي الله عنه فأخبره خبره ،
فأرسل اليه الرسول صلى الله عليه وسلم فسأله عن أمره ،
فقال : أنزل الله عليك (( ان الله لايحب كل مختال فخور )) وأنا
أحب الجمال ، وأحب أن أسود قومي ، فقال صلى الله عليه وسلم
: انك لست منهم . انك تعيش بخير وتموت بخير وتدخل الجنة .
فلما قال ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج من بيته
وسر بما قاله صلى الله عليه وسلم .
فلما أنزل الله تعالى (( يا أيها الذين آمنوا لاترفعوا
أصواتكم فوق صوت النبي )) رجع ثابت بن قيس رحمه الله الى
بيته ينتحب فدخل بيته وأغلقه عليه ، فأفتقده رسول الله
صلى الله عليه وسلم فسأل عنه أبا مسعود الأنصاري رضي الله
عنه فأخبره خبره ، فأرسل اليه صلى الله عليه وسلم فسأله ،
وقال : ان الله عز وجل أنزل عليك (( ياأيها الذين آمنوا
لاترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي )) وأنا جهير الصوت فأخاف
أن يكون حبط عملي . فقال صلى الله عليه وسلم : لست منهم
أنك تعيش حميدا وتقتل شهيدا ، ويدخلك الله الجنة .
فكان ثابت رضي الله عنه يتوقع الشهادة في حياة رسول الله
صلى الله عليه وسلم ، فلما قبض عليه الصلاة والسلام وأرتدت
العرب وبعث أبو بكر الصديق رضي الله عنه خالد بن الوليد
رضي الله عنه الى اليمامة أنتدب ثابت بن قيس فعقد له أبو
بكر الصديق لواء على الأنصار ثم سار مع خالد الى أهل الردة
فشهد وقعة طليحة بن خويلد (ادعى النبوة بعد وفاة الرسول
صلى الله عليه وسلم وقاتله المسلمون ففر الى الشام ثم أسلم
وحسن اسلامه ) وأصحابه ، ثم شهد اليمامة فلما رأى انكشاف ا
لمسلمين قال ثابت وسالم مولى ابي حذيفة رضي الله عنهم :
ماهكذا كنا نفعل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وراية
الأنصار مع ثابت وراية المهاجرين مع سالم فحفرا لأنفسهما
حفرتين وقاما فيهما حتى قتلا رضي الله عنهما .
وعلى ثابت درع نفيسة كانت لآبائه فمر به رجل فأخذها
عنه وهو قتيل رحمه الله . فأري بلال بن رباح رضي الله عنه ـ
ثابت بن قيس يقول له في منامه : أني أوصيك بوصية ، فأياك
ان تقول هذا حلم فتضيعها ، اني لما قتلت بالأمس جاء رجل
من ضاحية نجد وعلي درعي فأخذها فأتى بها منزله فأكفأ
عليها برمة وجعل على البرمة رحلا وخباؤه في أقصى العسكر ،
الى جانب خبائه فرس يستن في طوله ، فأت خالد بن الوليد
فخبره فليبعث الى درعي فليأخذها ، واذا قدمت على خليفة
رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره ان علي من الدين كذا ولي
من الدين كذا ، وسعد ومبارك غلاماي حرّان : فأياك ان تقول
هذا حلم فتضيعه .
فلما أصبح بلال رضي الله عنه أتى خالدا رضي الله عنه
فخبره الخبر ، فبعث خالد نفرا الى الدرع فوجدوها كما قال ،
فلما قدم بلال رضي الله عنه الى المدينة اتى ابا بكر الصديق
رضي الله عنه فأخبره بوصية ثابت بن قيس بن شماس رضي الله عنه
فأجازهاوكانت اول وصية اجيزت لميت بعد موتة وكرامه من الله
لهذا الصحابي الجليل رضي الله عنة وارضاة وعن جميع الصحابة
اجمعين ومن تبعهم باحسان الي يوم الدين .