الإمام أبو حنيفة رحمه الله (الإمام الأعظم) له قصة لطيفة في هذا الباب، كان له جار، الجار هذا مؤذي، ابتـُليَ بهذا الجار المؤذي، نسبة من الاختير أقل تمام؟ كان جاره يضرب على العود يبيت يضرب على العود وكان الجار معجباً بنفسه، صوته نشاز، وإذا جلس الإمام أبو حنيفة مع طلابه يتجاذبون أطراف الحديث في الدرس أو في المذاكرة العلمية يبدأ هو يدق على عوده ويغني أبيات من الشعر يرضي بها شعوره بأن الناس قد ضيعوه (أضاعوني وأيَّ فتىً أضاعوا ** ليوم كريهة وسدادِ ثغرِ) أنا فارس قومي ما عرفوا قيمتي، في الغالب المؤذي لمن يحيط به يكون عنده نسبة من الاغترار بنفسه، انتبه، انتبه، كلما ازداد اغترارك بنفسك والعياذ بالله كلما ازداد أذاك لغيرك، وكلما ازداد تواضعك وفقهك ومعرفتك بنفسك كلما قلَّ أذاك لغيرك،،. المهم.. الإمام أبو حنيفة متضايق والطلاب متضايقون، يا إمام كلم هذا الجار يكف عنـّا أذاه، قال لهم إنه جاري، لا أكدر على جاري، من ناحية لشريعة من حقه أن يشتكيه ولكن الكلام هنا ليس من جانب هناك حق أو ليس هناك حق، الشريعة سبحان الله جاءت لتتناسب مع مقدرات البشر المختلفة، انسان من عموم الناس ما يطيق الأذى يجوز شرعا له ان يشتكي لأنه أوذي، لكن نحن لا نتكلم عن عموم المسلمين نحن نتكلم عن من؟ عنك ايها السائر إلى الله يا من تريد نيل منزلة قريبة من الله وأنت قادر على ذلك بإذن الله، لا تقل أنا وين وأبو حنيفة وين؟ لا. لا، قادر بإذن الله، الذي أعطى أبو حنيفة لايزال يعطي سبحانه وتعالى لايزال يُكرم جل جلاله وتعالت عظمته..
ليلة من الليالي تذاكروا الدرس ولم يسمعوا الصوت فأثناء الدرس بعد ان انقضت فترة انتبه الإمام أبو حنيفة قال أين صاحبنا (أضاعوني وأيَّ فتىً أضاعوا ** ليوم كريهة وسدادِ ثغرِ)؟ سبحان الله بعض الناس يُفتقدون اذا غاب أذاهم وبعض الناس يفتقدون إذا غاب خيرهم، أنت من أيهم؟ هل يفتقدك الناس اذا غبت يفتقد الناس منك الأذى السوء،.. أم انك من النوع اذا غبت اذا افتقدك الناس افتقدوا الوجه اللطيف الحسن البشوش الأخلاق الة العطاء البر الصدق؟ انظر عندما تغيب من هذه الحياة ماذا سيفتقد الناس منك؟ المسألة متعلقة بالصلة بالناس لازلنا لم نخرج عن الموضوع، الإمام أبو حنيفة “أين صاحبنا؟” فضحك الطلاب، كل واحد ينظر إلى الآخر ويضحك، قال مابالكم؟ قالوا قد خلصك الله من شره، قال وما ذاك أصابه أذى؟ قالوا تعارك مع الشرطة واودَعوه السِجن، قال وجبت وقام الإمام أبو حنيفة، قالوا وما وجبت؟ قال الشفاعة، وذهب في الليل وقد مضى هزيعٌ من الليل وقرع باب الخليفة في بغداد من في الباب؟ قال النعمان أبو حنيفة، يقول الحاجب أبو حنيفة!! مو مصدّق، أبو حنيفة لا يأتي إلى الخليفة إلا إذا طلبه الخليفة، فتح الباب فإذا به أبو حنيفة وقال له أهلا سيدي، قال أريد أن أقابل الخليفة، قال سيدي الخليفة قد دخل إلى أهل بيته لا أدري أنام أم لا يزال مستيقظ، قال فانظر واسأل عنه، فقرع الحاجب على الخليفة يسأل… من؟ قال له سيدي أبا حنيفة في الباب، قال أجُنِنت؟ إن أبا حنيفة لا يأتينا في النهار سيأتينا في الليل؟ ولا يأتي إلا إذا طلبناه وأفتقدناه، قال إنه في الباب، لبس الخليفة ما تيسر وخرج… ما القصة يا أبا حنيفة؟ قال لي جار قد حبسته الشرطة إن كان مسيئاً فأنا كفيله ضميته أدفع مال وإن كان مضمون فاطلقوه، قال أمن أجل هذه قد جئت في هذه الساعة؟ قال إنه جاري يا أمير المؤمنين .
- يا أصحاب الوجاهات لا تترددوا في بذل وجاهاتكم لنفع الخلق فإن لكل شيء زكاة، وزكاة الجاه بذله للمستحقين، لا تظن أن وجاهتك وجاهك سيذهب، أهل المال وأهل السلطان يفرقون بين من يأتي يتكلم في شؤونه الخاصة وبين من يأتي يتكلم بشؤون من هم أهل استحقاق، بالمعروف بقدر المستطاع والأمور بموازينها- ..
قال له غداً تعال إن شاء الله تعالى ونـُصدر الأمر بما تريد، قال الليلة يا أمير المؤمنين إن شئت، قال الليلة يا أبا حنيفة وأمر الحاجب أن يوقظ من في السجن ليُخرج الرجل، فوقف الإمام أبو حنيفة على مقربة من السجن ينتظر خروج الرجل، فلما خرج الرجل وأقبل على أبا حنيفة مشى الإمام أبو حنيفة فمشى الراجل وراء الإمام أبو حنيفة، فإذا بأبو حنيفة رضي الله عنه يسير ويقول (أضاعوني وأيَّ فتىً أضاعوا ** ليوم كريهة وسدادِ ثغرِ)، قال لم يضيعني أحد أنا الذي أضعت نفسي يا إمام، أشهد الله وأشهدك أني قد تبت، تتلمذ على الإمام أبو حنيفة. غـَيَـرَ أم لم يُغير؟ قوة أم ضعف؟
المشكلة أن الشيطان يضحك علينا يقول نحن لو صبرنا وتعاملنا بالأخلاق يا شيخ الله يهديك الناس قد تغيرت الله يرحم،… أبي حنيفة أين؟ النفس البشرية هيَ هيَ.
لكن السؤال.. هل لك قوة وعزيمة؟ لا تضعف، لا تقل الناس، قل نفسي ضعيفة وابدأ قوي نفسك. لا يا أخي نحن بشر.. ماطالبناك بشيء خارج حدود البشر أنت بشر وأنا بشر، لكن هذه المراقي أنت تستطيعها بإذن الله، واعلم أن هذه قوة “ما ازداد عبداً بعفوٍ إلا عِـزا” هذه قوة، وكلما كنت أنت الأرقى في التعامل مع من كنت مجبراً على الصلة بهم أولاً، أصحاب الحقوق الكبرى، أيضا أقول للآباء الأبناء لهم حقوق “رحم الله أب أعان ابنه على بـِرهِ”