size=18]هل لصلة المريد بالناس ارتباط بالرزق ؟
هذا الأمر يترتب عليه أمر آخر وهو صلتك بالناس، صلتك بالناس، إما أن تكون صلة غير إختيارية: أنت اخترت والدك ووالدك ماأخترتهما وأيضاً صلة غير إختيارية: كالأرحام أنت ما أخترت فلانة خالتك وفلان عمك الوالدان والأرحام صلة غير اختيارية، وهناك صلات شبه اختيارية: كالجيران وزملاء الدراسة وزملاء العمل وشركاء العمل فيها جانب اختياري وفيها جانب إضطراري وهذا واقعه، وهناك صلات اختيارية بحتة: الأصدقاء الأصحاب الذين تميل إليهم الزوجة الزوج فيها جانب واسع من الإختيار، صلتك بمن يحيط بك في ثقتك بالله عزوجل فيما يغدق عليك من أرزاق، جزء منها يتعلق بالمال الذي سنتكلم عنه في الجزء الثاني وجزء منها يتعلق بنوع آخر من الأرزاق يسمونها الأرزاق المعنوية: السعادة الرضا الأنس السرور الحزن الغضب الضيق التعاسة.
كم مساحة تأثير الناس عليك فيها؟ كم مساحة تأثير الأصحاب في إدخال السرور على قلبك وكم مساحة تأثيرهم في إدخال الحزن على قلبك، كم مساحة تأثير من يحيط بك في استقامتك على الطاعة؟ وكم مساحة تأثيرهم عليك في انصرافك عن الطاعة؟ كم مساحة تأثير المحيط الذي يحيط بك الناس الذين تتعامل معهم في إصرارك وثباتك على اللقمة الحلال؟ وكم مساحة تأثيرهم عليك في غضك الطرف علن أكل الحرام أو فعل الحرام؟ ، مالك يافلان رضيت أن تتعامل بالحرام قال يا أخي الموت مع الجماعة رحمة كل الناس اليوم هكذا،كل الناس اليوم هكذا؟ ! نعم كل الناس يا أخي أنا وحدي!! انظر الكل يغش الكل يسرق كل الناس اليوم ترتشي جيت لعندي أنا خلاص النار وقفت علي أنا الله سيحاسبني أنا شعور التأثير بماذا هنا؟ بالمحيط الذي يحيط بك، هذا له أثر كبير على سيرك إلى الله.. ما دخل هذا بموضوع الرزق؟ واضح دخل هذا بموضوع الرزق من جهة تعاملك مع المحيط ومن جهة تأثر قلبك عند تزعزع يقين المحيط.
* قصة وعبرة :
يذكرون عن حاتم الأصم احد كبار الأئمة الصالحين من رجال الرسالة، الرجل حن قلبه في سنة من السنوات إلى الحج وما كان يمتلك نفقة الزاد إلى الحج ولا نفقة الأبناء والزوجة عند سفره طعمهم وشرابهم ونفقتهم ولا يجب الحج بل لا يجوز أن يسافر دون أن يضع نفقة أبناءه إلا أن يرضوا، فلما اقترب الموسم رأته ابنته حزيناً باكياً وكان في البنت صلاح وهي صغيرة، قالت: ما يبكيك يا أبتاه، قال: الحج أقبل قالت ومالك لا تحج قال: النفقة قالت: يرزقك الله قال: ونفقتكم قالت يرزقنا الله قال: لكن الأمر إلى أمك فذهبت تذكر أمها أن الرزاق هو الله وليس الأب في النهاية الأم والأبناء قالوا له: اذهب إلى الحج وسيرزقنا الله ترك لهم نفقة ثلاثة أيام، ذهب هو إلى الحج لم يكن لديه القيمة الكافية ليلتحق بالقافلة فكان يمشي من وراء القافلة، في أول الطريق عقرب لسعت رئيس القافلة سألوا هل يوجد من يمكن أن يقرأ عليه أن يعالجه وجدوا حاتم نادوا له فقرأ عليه فعافاه الله من ساعته فقال: رئيس القافلة نفقة الذهاب والإياب علي، فقال: اللهم هذا تدبيرك لي فأرني تدبيرك لأهل بيتي..
مرت الأيام الثلاثة انتهت النفقة عند الأبناء نفذ الطعام في البيت بدأ الجوع يقرص عليهم فبدأوا اللوم على البنت: أنت السبب أنت التي أقنعتينا بأن نأذن له انظري الآن من أين نأكل؟ البنت تضحك وهي جائعة تضحك، ما يضحكك ونحن نتلوى من الجوع، قالت لهم: يا أماه يا أختاه يا أخي أبونا هذا رزاق أم آكل رزق؟ قالوا لها: آكل رزق الرزاق هو الله، قالت لهم: ذهب آكل الرزق وبقي الرزاق، هي تكلمهم فإذا الباب يقرع من على الباب قالوا: إن أمير المؤمنين يستسقيكم، كان في رحلة صيد الحاكم وعند رجوعه شعر بشدة من العطش نفذ الماء منهم فقال: اقرعوا هذا الباب اطلبوا لنا ماء منهم فقامت الأم تملئ لهم من القربة وهي تقول: سبحان الله ثالث ثلاثة من الأيام لا نجد طعاماً وأمير المؤمنين يستسقينا، فشرب الخليفة فوجد حلاوة في الماء لم يعهدها فقال: من أين أتيتم بالماء قالوا من بيت حاتم فقال: نادوه حتى أجازيه فقالوا إنه قد ذهب على الحج، فخلع الخليفة منطقته -المنطقة هي حزام من القماش الفاخر مرصع بشيء من الجواهر- وقال: هذه لهم ومن كانت لي عليه يد -أي يعزني يحبني يحترمني- فليخلع عليه منطقته، الوزراء والتجار والحاشية الكل صار يخلع منطقته مثل هذا الزمان لو اذا رأوا المسؤول الكبير يميل الى شخص الكل مالوا إليه، سبحان الله النفوس البشرية نفسها في كل زمان واحدة!! فتكومت المناطق فجاء أحد التجار واشتراها منهم بمال ملأ البيت ذهباً يكفيهم إلى الموت، وأعادها إلى أمير المؤمنين وإلى الحاشية تزلفاً إليهم مجاملة، فاشتروا الطعام بدئوا يأكلون وهم يضحكون فإذا بالبنت هذه تبكي، قالت لها الأم إن أمرك عجيب يا بنيتي قبل قليل نحن نتضور من الجوع وأنت تضحكين أما وقد فرج الله علينا فمالك تبكين، قالت: يا أماه إن هذا مخلوق لا يملك لنفسه ضراً ولا نفعاً (أي الخليفة الحاكم) نظر إلينا نظرة عطف أغنتنا إلى الموت فكيف لو نظر إلينا الخالق!!
انظر إلى القوة التي عاشتها البنت من أين جاءت هذه القوة؟ لم يثنها تهديد الفقر لم يثنها الواقع الذي ضغط عليها بالجوع، أكثر من ذلك لم يغيرها المحيط – الكلام هنا عن المحيط – لم يغيرها لا لوم الأم، ولا لوم الإخوان، ما غيرها شيء ثابتة، ولما ثبتت أثمر هذا الثبات أن الله أيدها بهذا الثبات فتحولت من فتحولت من ملومة معرضة للتأثر إلى صاحبة عظة تعظ الذين حواليها .[/size]