من سرق المداس

من سرق المداس؟!

حكي عن الإمام ابن هبيرة أنه كان إذا مد السماط في مجلسه كان أكثر مايحضر هذا المجلس هم الفقراء والعميان , فلما كان ذات يوم وأكل الناس وخرجوا بقي رجل ضرير يبكي , ويقول : سرقوا مداسي(=نعالي) ومالي غيره , والله ما أقدر على ثمن مداس ولا أقدر أن أمشي حافيا وأصلي .. فجعل هذا الحدث مناحة ! ,فقام الوزير من مجلسه ووقف عنده وخلع الوزير مداسه والضرير لا يعرفه , وقال له : البس هذا وانظر هل هو على قدر رجلك , فلبسه وقال : نعم , لا إله إلا الله كأنه مداسي , ومضى الضرير , فرجع الوزير إلى مجلسه وهو يقول : سلمت منه أن يقول : أنت سرقته ! .

إن كلمة (شكرا) ليست كلمة معجزة , لكن هذا الضرير نسي أن يرد المعروف ولو بكلمة .. , والذي ينتظر المعروف من الناس فلن يفعل معروفا أبدا .
إن جل الأدباء قديما وحديثا يشكون قلة الوفاء , وكثرة الذين لا يردون المعروف أو يذكرونه .. ويقدمون هجاء عاما للناس وللعصر , لكن المنطق السليم يقول بإن المعروف يشف عن ذات فاعله قبل أن ينعكس على الآخرين ..
ذم رجل ٌ يوما أحد الحكماء فسكت الحكيم ولم يرد عليه فقيل له : لم لا ترد له بمثل ماسبك به فقال : كل أحد يغرف مما عنده وهذا ليس عندي ,
كان الأديب الكبير محمود شاكر سيء الظن بأهل بلده وعصره ويصف الحياة الأدبية بالفساد ويقول بأن الذوق مات في البيئة العربية , وكان يحس بالحرمان وما أقسى ذلك على رجل بقدر هذا الأديب المعلم ,فسبب له ذلك بعدا عن الناس وجفاءً من القريب والغريب , وكانت حياته خاصة لا يشترك فيها بنشاطات أهل عصره
إلا ما ندر , ذلك لأنه كان ينتظر من الناس تقديرا يكافئ الجهد الجبار الذي قدمه في خدمة العربية .. ولكن أبو الهجاء العربي(الحطيئة) قالها قديما :
من يفعل الخير لا يعدم جوازيه لا يذهب العرف بين الله والناس
تحيات ابو مكى

هكذا بعض الناس يأخذون ولايردون الجميل لاهله
وبعض الناس يعطون ولاينتظرون جميلا من احد
وشتان الفارق بينهما
ويقول الشاعر
ان انت اكرمت الكريم ملكته...وان انت اكرمت اللئيم تمرد

موضوع فى غاية الروعه والجمال .. واصل الروائع
سلمت يداك ابو مكـــى

ابو عمرو