القبيلة : الحسينابعدد المساهمات : 1289 المزاج : نحمد الله على كل حال التفييم الإدارى :
موضوع: الحب الصريح السبت 25 سبتمبر 2010 - 23:10
الحب الصريح
العاطفة هنا صريحة جدًّا، لا كبت فيها أو كبح على الإطلاق. فباسم الحب يتخلى الإنسان عن مبادئه، ويعبث بالقيم والتقاليد، ويعتقدون بذلك أن هذه هي الحرية والسعادة واللذة، وهذا النوع من الحب مرفوض شرعًا، ولا يُقِرُّ بأي حال من الأحوال؛ لأنه يؤدي إلى الفاحشة والفجور؛ فالحياة ليست جنساً خالصاً، ولا هي محصورة في هدف واحد، وهذه الفتاة الحارسة على عرضها، لا تملك التصرف فيه؛ لأنه ليس عرضها وحدها بل عرض والديها، وأسرتها ومجتمعها، إنه عرض الأمانة التي ائتمن الله عليها البشر، وينبغي أن يردوا له الأمانة نظيفة كما تلقوها. ولقد رأت طائفة أن الجماع يفسد العشق ويبطله ويضعفه واحتجت بأمور كثيرة منها: أن الجماع هو الغاية التي تطلب بالعشق، فما دام العاشق طالباً فعشقه ثابت، فإذا وصل الغاية وقضى وطره وبَردت حرارة قلبه، طفئت نار عشقه، قالوا: وهذا شأن كل طالب لشيء إذا ظفر به، كالظمآن إذا روي، فسبب العشق فكري، وكلما قوي الفكر زاد العشق وبعد الوصول لا يبقى الفكر؛ فالنفس مولعة بحب ما منعت منه، كما قال أحدهم: أحبُّ شــيء إلى الإنســان ما مُنِــعَا زادنـي كلفـاً فـي الحـب أن مُنِــعَتْ ولقد خلق الله الإنسان وركب فيه الغرائز والعواطف، والإسلام ليس ديناً مجنحاً في آفاق عالم الخيال، ولكنه الدين القيم، لم يكن ليترك هذه الغريزة تشبع كما الدواب، فالله كرَّم الإنسان، وخلقه ونفخ فيه الروح، وأعطى لجانب الجسد المجال الذي يتحقق إشباعه فيه، وأعطى لجانب الروح المجال الذي تحقق انطلاقها فيه، وأي خلل في هذا التوازن يفسد صنع الله، ومن الغرائز التي وصفها الله في البشر الجنس، وقد جعلها الله هكذا لأهداف سامية وحقائق عالية، تستهدف عمارة الكون، وعبادة الخالق؛ لذا يجب أن تُهَذَّب هذه الغريزة لا أن تترك على الغارب، وهذا الطوفان الرهيب من صور ومجلات وكتب وقصص الجنس التي باتت تغمر الأسواق، وبتنا نجد شبابنا يتهافتون عليها تهافت الفراش على النار، يحسبها سبيلاً إلى النجاة، فيكون سبيله إلى الهلاك، ما هو إلا انحطاط ومذلة واستعباد الشهوات للإنسان باسم الحب تارة والحرية تارة أخرى، ولعل ما نلمسه ونجده في الحضارة الغربية المادية وفشلها فشلاً ذريعاً في تحقيق الأمن النفسي وملء الفراغ الروحي عند شبابها خير مثال على ذلك، وتحت عنوان طبيب العائلة تحذر مجلة أمريكية من أن الصحافة والتليفزيون حوَّلا اليوم الجنس إلى تجارة استغلالية وصلت إلى القمة… وتقول: مع أننا لسنا بحاجة إلى التذكير أيضاً بأمراض الجنس كالزهري والإيدز... وما إلى ذلك من تخريب للنسل. وفي لوس أنجلوس كشف معهد أبحاث أمريكي عن فضائح أخلاقية مفزعة، وهي عشرات الآلاف من فتيات كاليفورنيا وحدها قد أنجبن أطفالاً غير شرعيين - بالإضافة إلى حالات الإجهاض العديدة... فالجنس نقطة ضعف يُمكن للشيطان أن يتسلل من خلالها؛ ليخرب الكون ويقلب نظام الحياة رأساً على عقب، ويعطل رسالة الإنسان في الحياة، وهذا ما يثير الفاحشة، وحتى يتبين لنا معنى الفاحشة التي نقصدها فخير ما نرجع إليه في هذا الأمر هو القرآن الكريم، فقد ذكرت كلمة الفاحشة ثلاث عشرة مرة، كما ذكرت كلمة "الفواحش" أربع مرات، ومعنى "الفحشاء" هو كل ما استفحش ذكره وقبح سمعه. والفواحش جمع الفاحشة والفاحش، وذكر الإمام الطبري في تفسيره لقوله تعالى: "وَالَّذِيْنَ إِذَا فَعَلُوْا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوْا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوْا اللهَ فَاسْتَغْفَرُوْا لِذُنُوْبِهِم وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوْبَ إِلاَّ اللهُ…" سورة آل عمران: 135. قال: ومعنى الفاحشة الفعلة القبيحة الخارجة عمَّا أذن الله عز وجل فيه، وأصل الفحش القبح والخروج عن الحد والمقدار في كل شيء، وقيل الفاحشة في هذا الموضع مُعْنًى بها الزنا، ويقول الإمام القرطبي في تفسيره "الفاحشة": تطلق على كل معصية وقد كثر اختصاصها بالزنا. * خطورة انتشار هذه الظاهرة: لا شك أن انتشار الفاحشة في كل المجتمعات رهين بأن يحطم ذلك المجتمع بكل ركائزه وأصوله، ونعلم من التاريخ أن ما من حضارة قامت ثم تحطمت إلا وكان انتشار الفاحشة سبباً رئيسيًّا في زوالها، والأمم الشريفة لم تَزُلْ إلا عندما انتشرت الفاحشة والإباحية فيها بكل أنواعها؛ لذا نجد الإسلام قد وضع ضوابط وقنن القوانين، وعبَّد الطريق لهذه الغريزة؛ حتى تأخذ الطريق القويم لإشباعها.