حض الرسول – صلى الله عليه وسلم – على قراءة القرآن وتدبره ، والانتفاع به ، فقال : اقرؤوا القرآن ، فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا الى أصحابه ))رواه مسلم
وقال – صلى الله عليه وسلم – : ((من قراحرفامن كتاب الله فلة بة حسنة والحسنة بعشرة امثالها لااقول الم حرف ولكن الف حرف ولام حرف وميم حرف )) رواه الترمزي
والحديث الشريف التالي يبين فضل قراءة القرآن على كل من قرأه ، ويؤكد على ضرورة التوافق بين الجوهر والمظهر .
عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (( مَثَلُ الْمُؤْمِنِ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَمَثَلِ الأُتْرُجَّةِ؛ رِيحُهَا طَيِّبٌ وَطَعْمُهَا طَيِّبٌ, وَمَثَلُ الْمُؤْمِنِ الَّذِي لَا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ؛ كَمَثَلِ التَّمْرَةِ لَا رِيحَ لَهَا وَطَعْمُهَا حُلْوٌ, وَمَثَلُ الْمُنَافِقِ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ مَثَلُ الرَّيْحَانَةِ؛ رِيحُهَا طَيِّبٌ وَطَعْمُهَا مُرٌّ, وَمَثَلُ الْمُنَافِقِ الَّذِي لَا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَمَثَلِ الْحَنْظَلَةِ لَيْسَ لَهَا رِيحٌ وَطَعْمُهَا مُرّ (( .متفق عليه
معاني الكلمات :
الاترجة : نوع من الفاكهة ، رائحته طيبة وطعمه حلو .
الحنظلة : نبات شديد المرارة ، وبه يضرب المثل في شدتها .
شرح الحديث :
يبين الرسول صلى الله عليه وسلم بالمثل المحسوس الذي يقدر السامع على استيعابه وإدراك مراميه ، تفاوت الناس في الاستفادة والتأثر بالقرآن الكريم ، فذكر لذلك أصنافاً أربعة :
الاول : مؤمن يقرأ القرآن :
ويتدبر معانيه ، فيتحرك قلبه ، وتمتلىء نفسه من هدايته ومن خشية الله تعالى فيطهرها من شوائب النقص ،ويخلصها من وسوسة الشيطان ،ويحاول أن يكون سلوكه وفق ما تلا من آيات القرآن الكريم ، فحسُن باطنه وظاهره ، فانتفع به في ذات نفسه ، وانتفع الناس من تلاوته وما أفاض عليه القرآن من سلوك يثير في الناس الاقتداء به ، وهو شبيه الاترجة التي حسنت منظرا وطابت ريحاً ، واستسيغت طعماً وذوقاً .
الثاني : مؤمن لا يقرأ القرآن :
لأنه لم تسنح له فرصة ليتعلمه ، ولم يحفظه ، لكنه وإن حُرم هذه النعمة الكبرى ، استجاب لدعوة القرآن ، ونفذ اوامره ، والتزم تعاليمه من خلال سماعه فظهرت آثار ذلك في سلوكه وتعامله مع الاخرين ، فهو حسن الباطن ، نقي السريرة ، وقد شبه الرسول صلى الله عليه وسلم – بالتمرة لأنها لا رائحة لها تل على طيبها ، وتلفت الأنظار إليها ، وإنما طعمها حلو ، ومذاقها طيب .
الثالث : منافق يدعي الاسلام يقرأ القرآن :
لكنه حرم حقيقة الايمان ، وظاهره يخالف باطنه ،فجّمل ظاهره بتلاوة القرآن الكريم ، يرائي الناس بها ، ويخادع العباد بلسانه ، واتقانه فنون القول الكلام ، فهو سيء الباطن، خبيث الطوية، يخدع بمنظره ، وقد شبهه الرسول صلى الله عليه وسلم – بالريحانه ، لريحها الطيب ، وباطنها المر ، وطعمها غير المستساغ .
الرابع : منافق يدعي الاسلام ولا يقرأ القرآن :
فهو سيء الباطن ، مظلم السريرة بما يشيعه من الكذب والنفاق في نفسه من الكذب والنفاق في نفسه ، بعيد عن الفائدة والتخلق والتزكية لبعده عن القرآن ، وقد شبهه الرسول صلى الله عليه وسلم بالحنظلة لمرارة طعمها ، وخلوها من الرائحة الطيبة .
من فوائد الحديث-
َ- فِي الْحَدِيث فَضِيلَة حَامِلِ الْقُرْآن, وَأَنَّ الْمَقْصُود مِنْ تِلَاوَة الْقُرْآن الْعَمَل بِمَا دَلَّ عَلَيْهِ.
-َوضَرْب الْمَثَل لِلتَّقْرِيبِ لِلْفَهْمِ
-أن لتلاوة القرآن أثر على المؤمن؛ في زيادة إيمانه، وطمأنينة قلب، وفي طيب نفسه، ورفعة قدره، وعلو منزلته.
-على المسلم أن يحرص على تلاوة كتاب الله، وتدبره، والعمل بما فيه، وأن يكون له ورد يومي من القران، لا يفرط فيه لتزكو به نفسه، وتكثر به حسناته
. -أنه قد يقع من بعض المؤمنين انصراف عن تلاوة القران وسماعه وهذا من هجره،
قال الإمام ابن القيم: هجر القرآن أنواع
:أحدها:هجر سماعه والإيمان به والإصغاء إليه،
والثاني: هجر العمل به والوقوف عند حلاله وحرامه وان قرأه وآمن به،
والثالث: هجر تحكيمه والتحاكم إليه في أصول الدين وفروعه واعتقاد أنه لا يفيد اليقين وأن أدلته لفظية لا تحصل العلم،
والرابع: هجر تدبره وتفهمه ومعرفة ما أراد المتكلم به منه،
والخامس: هجر الاستشفاء والتداوي به في جميع أمراض القلب وأدوائها فيطلب شفاء دائه من غيره ويهجر التداوي به، وكل هذا داخل في قوله: (وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً] وأن كان بعض الهجر أهون من بعض ))
واجبنا تجاه القرآن :
أن نتعاهده ، فالمسلم الحق هو الذي يقرأ القرآن ، ويتدبر معانيه ، ويلتزم باحكامه ويسعى لنشر رسالته ليفيد نفسه ، ويرتقى بأمته ، فهو كالاترجة