بسم الله الرحمن
كثرت في الأشهر الأخيرة لقاءات تلفزيونية دارت حول مواضيع اجتماعية تهم الشباب بشكل خاص وكان آخرها حلقة تلفزيونية بثتها قناة o t v الفضائية اللبنانية حول تكاليف الزواج وتابعت قسم منها وكان ضيوف الحلقة شيخ من مجلس الفتوة وكاهن وصاحب شركة تهتم بتأمين حفلات الزواج وأكثر ما لفت انتباهي سؤال الحلقة وكان التالي : ( هل تكاليف الزواج سبب بتأخر الزواج عند الشباب ) وكانت نتيجة الإجابة بنسبة 75% نعم أي سبب بتأخر الزواج ونسبة 25% لا وخلال الحلقة تم عرض ريبورتاج ولقاء مع بعض الشباب ومن لهم علاقة بتأمين الحفلات وأماكن إقامتها وما يتبعها من فنانين من داخل القطر وخارجه وبطاقات الدعوات وغير ذلك وتم اتصال هاتفي مع مسئولة في مؤسسة تهتم بالزواج المدني مع تكاليف الإقامة والسفر وغير ذلك وأكد سماحة الشيخ أنه لا يوجد تكاليف زواج أكثر من 100 إلى 150 ألف ليرة لبنانية عند طائفته وجميعها رسوم للدولة ولم يتم الحديث عن المهر نهائيا" وأكد سماحته أنه شرعيا" لا يوجد نفقات زواج نهائيا" ويوجد بعض النفقات وضعتها العادات والتقاليد وتختلف بين منطقة وأخرى ولم يذكر ماهية تلك النفقات وكتلتها المادية وبين الكاهن أن الكنائس تأخذ ما بين 100 و400 دولار ويذهب المبلغ للفقراء كما قال وقال أيضا" إن الذي يكلفه العرس من نفقات عشرون أو أربعون ألف دولار كثير عليه أن يدفع للكنيسة ذاك المبلغ الزهيد وما أشار إليه صاحب الشركة التي تهتم بشؤون الزواج إن تكاليف الزواج قد تصل إلى ملايين الدولارات وعرض بعض الصور التي تبين بعض الفنادق والديكورات وترتيب الزهور وكلها أشبه بالخيال فتصوروا ذلك , إليس هذا البذخ حراما " كما قال سماحة الشيخ ولم يقتصر هذا البذخ على أصحاب الملايين بل أصبح يقلدونهم من هم من الطبقة الوسطى وحتى بعض الفقراء أصبحوا يستدينوا مبالغ أكثر بكثير من إمكانياتهم المادية ويستمر تسديدها ربما لسنوات متتالية ويقيموا أفراحا" وهذا ما أصبح يجري عندنا أيضا" وإن كان ليس على مستوى صرف ملايين الدولارات بل على مستوى مئات الآلاف أو ملايين الليرات السورية وهنا تكمن المشكلة فلو كل منا يقيم حفلات الزواج وينفق عليها بما يتوافق مع دخله وميزانيته فلا ضرر من ذلك وليس على حساب الضروريات في حياتهم ويشكلون أعباء" هم بغنا" عنها وأن المدعوين لحضور العرس سيحضرون للمشاركة بدافع من الواجب ولا يهمهم حضور حفل تكلفته مليون ليرة أو مليون دولار أو حتى بضعة آلاف من الليرات السورية وكل من يحضر فإنه يعرف مسبقا" إمكانيات صاحب الفرح المادية فإذا كان الإنفاق لا يتوافق مع إمكانياته يهزأون بصاحب الفرح من قلوبهم وإن كانوا لا يصرحون بذلك وكم سمعنا الشتم والسباب على البعض بسبب هذا الإنفاق المبالغ فيه فلماذا لا نكون واقعيين في تقدير إمكانياتنا المادية وننفق على ضوئها وصدقوني ننال تقدير واحترام الجميع وكذلك رضا المجتمع الذي نعيش فيه ولا نهتم بما قدم أو أنفق فلان من الناس وأن لا نقلد ونحمّل أنفسنا أعباء تثقل كاهلنا والأفضل أن يتم الإنفاق على تأمين الحاجات الضرورية وحتى الكمالية بدلا" من إنفاقها على حفلة تستمر لساعتان لا أكثر فالحكمة في الحياة أن نقدّر الأمور بالشكل الصحيح وكما يقال : على قد فراشك مد رجليك , فمن يعيش الفرح والسعادة يحس ويحيا بها سواء" كان في شادر أمام المنزل أو في صالة أفراح أو في فندق عشر نجوم فلا يملأنا الغرور والتقليد البغيض الذي سنندم عليه بعد فوات الأوان ولا نردد أبدا" إننا حضرنا الحفلات عند فلان وفلان وكانت على ذاك المستوى فكيف سأدعوهم لحضور حفلات دون المستوى بكثير وأقول سأدعوهم على فرحي كما هو لأن هذه إمكانياتي وتلك إمكانياته والفارق لا يعنيني أبدا" بل سأحظى بالتقدير والإعجاب لأني واقعي ومدرك أهمية المادة وحاجتها وحتى أصحاب الملايين الذين ينفقون الأموال الطائلة لمجرد التباهي وحب الظهور فهذا شأنهم وهو جريمة بحد ذاتها وكأنهم يهزأون بالآخرين لأن خير الأمور أوسطها حتى بالنسبة لهم لأنهم لو ساعدوا الفقراء المحتاجين ولو بقسم من هذا المال المهدور لنالوا استحسان وتقدير المجتمع لهم ووصلوا إلى مرضاة الله سبحانه وتعالى بمساعدة خلقه ورسموا الابتسامة على وجوه بعض المحرومين منها وربما يقول أحدهم إننا نساعد بما يطلب منا فأقول لهم هناك العديد من الوسائل والاتجاهات والأماكن أو المؤسسات من هي بحاجة للمساعدة فكم هو رائع أن تضيء شمعة في طريق الانسانية التي أنت أحد أفرادها وبالحقيقة أن تكاليف الزواج تقف عائقا" في سبيل زواج الكثيرون من ألشباب لأن كل منهم سيقول المبلغ لم يتوفر بعد وهذا سيؤدي إلى الانحراف عند البعض بسبب التأجيل وربما إلى العزوف عن الزواج نهائيا" وينعكس ذلك على المجتمع بزيادة الفساد وانحلال الأخلاق وضياع القيم العظيمة المتوارثة والتي تميزت بها مجتمعاتنا من الرباط الأسري والتمسك بالأخلاق ويؤدي ذلك أيضا" إلى زيادة العنوسة بين الفتيات وهذه مشكلة كبيرة أيضا" إضافة" إلى انتشار عادات الزواج التي أصبحت سائدة حاليا" مثل المساكنة أو الزواج المدني أو الخطيفة أو الزواج العرفي أو المسيار أو المتعة وغير ذلك والذي لا يترتب على البعض منه ارتباط أسري وتكوين عائلة وأعتقد أن عادة البذخ في نفقات الزواج أصبحت منتشرة بين غالبية المجتمعات العربية وكم تحدث ونهى عنها رجال الدين في محاضرات أو لقاءات وبدون جدوى ويردد قائل ما لا أحد يلزمك بإقامة مثل تلك الحفلات التي تفوق طاقتك وهذا القول يلامس الحقيقة لأن التقليد الأعمى مرضا" خبثا" يجب التخلص منه فإلى التعقل أيها الأحباء وأرجو المشاركة الواسعة بهذا الموضوع وبيان تكاليف الزواج في مجتمعات المختلفة وحسب الطائفة الدينية أو المجتمع الذي تعيشون فيه بدئا" من خاتم الزواج والذهب والمهر وتكاليف إقامة الحفلات والولائم وتأمين المسكن ومسئولية تأمين احتياجاته وهل تقع على العريس أو العروس ويوجد عادات اجتماعية مختلفة بين المجتمعات والجماعات يمكن الاستفادة منها لعلنا نصل إلى حلولا" تفيد أبناء هذا الجيل من الشباب وأخشى أن تصبح دعاة الزواج المدني نشيطين بأن يقوموا بتأمين وثائق هذا الزواج بدون السفر إلى خارج القطر ولو بالتزوير بحجة التخفيف من النفقات والتشجيع على الزواج بعيدا" عن الدين والعادات الشرعية المتبعة مما يبعد الشباب عن الالتزام الديني والعبادة الصحيحة وعذرا" عن الإطالة .
****** البسيط