يقال أن من الحب ما قتل..!!
ولهذا الصامت الجميل والقاتل المريع قصصاً كثيرة تتفق جميعها في أن
نهاياتها غير سعيدة البتة وملئه بالدم والدموع والألم والمعاناة
في عالم الحيوانات قصص مثيرة لهذا الحب المثير للرعب أشهرها ما تم
تناقله عن حب القطة لصغارها والذي يزداد ويتعاظم حتى ينتهي بهم الأمر وليمة
مليئة بالدسم للام. التي لم تجد مكانا أكثر أمنا لصغارها من جوف بطنها
القطط لا تدرك أنها قتلت صغارها وفقدتهم إلى الأبد.، وقد تموت شوقا
وهي غير مدركه أن خوفها هو سبب اختفائهم أو أن حبها كان قاتلاً.
الغريب في الأمر أن وحدها الصغار التي لم تحظى بالحب الكافي تعيش
ويتسنى لها البقاء و الاستمرار.
عند البشر يصبح هذا الحب أكثر تطورا وأكثر فتكا ولا يقتصر على
الأبناء فقط.
الحب عند القطط أكثر إنسانية من حبنا الإنساني الذي نمارسه ونحن
مدركين انه قاتل ، نمارسه لمجرد تحقيقا لرغبة انحرفت عن مسارها الصحيح
وإشباع لغرور لم يجد ما يرضيه أو يردعه إلا أن يكون قاتلا ينشر خرابه أينما
توجه .
فمن يعطي نفسه حق احتكار الوطن واختصار كل فعالياته ومكوناته
وإمكاناته بشخصه والتعامل مع الآخرين كمشاريع خونه لا يستحقون الثقة ولا
الرحمة ولا العتق يكون حبة قاتلا
ومن يجعل من نضاله ضد الحكم الأمامي والنظام الاستعماري منهً على
الوطن وديناً يصعب رده إلا بتحويل الوطن إلى رهينة لنضاله وحقا مباحا له
ولأبنائه يتبوءا منه حيث يشاء دون أن يكون لأحد الحق في مشاطره أو التعايش
معه إلا من منطلق سيد ومسود يكون حبة ونضاله قاتلا للوطن .
وعندما يتحول حب المسئول وخوفه على كرسيه إلى إحباط للكفاءات وإقصاء
للقدرات وأزاحه للجميع ليظل هو الذكر الوحيد والقادر الذي لا شريك له
دونما اعتبار لمصلحة العمل يكون حبة قاتلا للمسئولية
وعندما يتحول حب أولياء الأمر للمال العام وخوفهم علية إلى هاجساً
ينتهي فقط عندما يصبح هذا المال في خزائنهم الخاصة وتحت تصرفهم الوحيد
فحبهم كارثيا وعواقبه فساد وإثراء غير مشروع .
وعندما يصر مسئولا فاشلا في إدارته على البقاء غير مكترثا بنتائج
فشله ولا بنتائج إصراره على البقاء فحبة مميتا وقاتلا للنجاح ومدمرا لبيئة
العمل والمنتمين لها.
ويصبح حبا كارثيا عندما يعطي رجل دين لنفسه حق احتكار الدين وتفصيله
ثوبا على مقاسه وتكفير كل من لا يناسبه هذا الثوب وتنصيب نفسه ممثل لله في
الأرض يدخل ويخرج من الدين من يريد ويفسر الظواهر والأحكام كما يشاء.
لذلك حتى في الحب رغم نبله لابد من الاعتدال والوسطية وإلا تحول إلى
نقمه لا ينجو منها قريب ولا بعيد ..، اللهم اجعل حب ولاه أمورنا للوطن
والمسئولية والكرسي والأراضي وووو وسطيا انك على ما تشاء قدير .