كيف أستطيع الإقلاع عن العادة السرية ؟
يجيب على هذه الفتوى الدكتور عبدالله سمك: العادة السرية أو الاستمناء: إخراج المنيّ بغير جماعٍ في يقظة من الرّجل أو من المرأة، بوسيلة ما: باليد، أو غيرها من أنواع المباشرة، أو بالنّظر، أو بالفكر.
إن كان لمجرّد استدعاء الشّهوة، فهو حرامٌ، في حق الشاب والفتاة على حد سواء، كما هو مذهب جماهير علماء المسلمين ويدل على ذلك قوله تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ}... (سورة المؤمنون الآيات 5-7)، والعادون هم الظالمون المتجاوزون الحلال إلى الحرام. وبهذه الآيات استدل الإمامان مالك والشافعي وغيرهما على تحريم الاستمناء.
وقال تعالى: {وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمْ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ}... (سورة النور الآية 33).
الاستمناء المحرّم يعزّر فاعله باتّفاقٍ، ومما يساعد على التخلص من ذلك أمور:
1- المبادرة بالزواج عند الإمكان ولو كان بصورة مبسطة لا إسراف فيها ولا تعقيد.
2- الاعتدال فى الأكل والشرب حتى لا تثور الشهوة، والرسول فى هذا المقام، أوصى بالصيام، في الحديث الصحيح عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ قَالَ: قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ .فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ، وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ، فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ... مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَقَوْلُهُ (فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ) إغْرَاءٌ بِلُزُومِ الصَّوْمِ، وَضَمِيرُ (عَلَيْهِ) يَعُودُ إلَى مَنْ هُوَ مُخَاطَبٌ فِي الْمَعْنَى، وَإِنَّمَا جُعِلَ الصَّوْمُ وِجَاءٌ لِأَنَّهُ بِتَقْلِيلِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ يَحْصُلُ لِلنَّفْسِ انْكِسَارٌ عَنْ الشَّهْوَةِ، وَلِسِرٍّ جَعَلَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي الصَّوْمِ فَلَا يَنْفَعُ تَقْلِيلُ الطَّعَامِ وَحْدَهُ مِنْ دُونِ صَوْمٍ.
وَاسْتَدلَّ بِهِ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ عَلَى تَحْرِيمِ الِاسْتِمْنَاءِ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مُبَاحًا لَأَرْشَدَ إلَيْهِ لِأَنَّهُ أَسْهَلُ، وَاسْتَدَلَّ بِهِ الْخَطَّابِيُّ عَلَى جَوَازِ التَّدَاوِي لِقَطْعِ الشَّهْوَةِ بِالْأَدْوِيَةِ، وَحَكَاهُ الْبَغَوِيّ فِي شَرْحِ السُّنَّةِ، وَلَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ عَلَى دَوَاءٍ يُسَكِّنُ الشَّهْوَةَ، وَلَا يَقْطَعُهَا بِالْأَصَالَةِ لِأَنَّهُ قَدْ يَقْوَى عَلَى وِجْدَانِ مُؤَنِ النِّكَاحِ بَلْ قَدْ وَعَدَ اللَّهُ مَنْ يَسْتَعِفُّ أَنْ يُغْنِيَهُ مِنْ فَضْلِهِ لِأَنَّهُ جَعَلَ الْإِغْنَاءَ غَايَةً لِلِاسْتِعْفَافِ، وَلِأَنَّهُمْ اتَّفَقُوا عَلَى مَنْعِ الْجَبِّ وَالْإِخْصَاءِ فَيَلْحَقُ بِذَلِكَ مَا فِي مَعْنَاهُ.
3- البعد عن كل ما يهيج الشهوة كالاستماع إلى الأغاني الماجنة والنظر إلى الصور الخليعة، مما يوجد بكثرة فى الأفلام بالذات، والمواقع المحرمة في النت ووسائل الإعلام.
4- توجيه الإحساس بالجمال إلى المجالات المباحة، كالرسم للزهور والمناظر الطبيعية غير المثيرة، والتفكر في ملكوت السموات والأرض.
5- ومنها تخير الأصدقاء المستقيمين ففي الحديث الصحيح عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إنما مثل الجليس الصالح وجليس السوء، كحامل المسك، ونافخ الكير، فحامل المسك، إما أن يحذيك (يعطيك)، وإما أن تبتاع منه وإما أن تجد منه ريحاً طيبةً، ونافخ الكير، إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد منه ريحاً منتنةً متفقٌ عليه.
6- الانشغال بالعبادة عامة، وامتثال أمر الله واجتناب سخطه.
7- عدم الاستسلام للأفكار، وإنما الانشغال بالأذكار، ودفع الخواطر والوساوس وإشغال النفس والفكر بما فيه صلاح دنياك وآخرتك لأن التمادي في الوساوس يؤدي إلى العمل ثم تستحكم فتصير عادة فيصعب الخلاص منه.
8- الاندماج في المجتمع بالأعمال التى تشغله عن التفكير فى الجنس، والنشاطات التي تستهلك من طاقة الجسم كسائر أعمال البرّ من الدّعوة إلى الله وإعانة المحتاجين.
9- عدم الرفاهية بالملابس الناعمة والروائح الخاصة التى تفنن فيها من يهمهم إرضاء الغرائز وإثارتها.
10- عدم النوم فى فراش وثير يذكر باللقاء الجنسى.
11- البعد عن الاجتماعات المختلطة التى تظهر فيها المفاتن ولا تراعى الحدود.
12-الانشغال بالأمور النافعة والمفيدة كتلاوة القرآن ومطالعة الكتب الثقافية.
13- أن تبتعد عن العزلة وأن تحاول ألا تجلس وحدك وإنما تختلط مع أسرتك، لأن ذلك أصون لك وأبعد عن الشيطان. وتجنب الوحدة كالمبيت وحيدا وقد جاء في الحديث أنّ النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يبيت الرجل وحده. رواه الإمام أحمد.
14- غض البصر، ولذلك قال الله تعالى: {قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ}... (سورة النور الآية 30)، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تُتْبع النظرة النظرة).. رواه الترمذي.
فإذا كانت النّظرة الأولى وهي نظرة الفجأة لا إثم فيها فالنظرة الثانية محرّمة، قال ابن القيم: وفي غض البصر عدة فوائد أحدها تخليص القلب من ألم الحسرة فإن من أطلق نظره دامت حسرته فأضر شيء على القلب إرسال البصر فإنه يريه ما يشتد طلبه ولا صبر له عنه ولا وصول له إليه وذلك غاية ألمه وعذابه.
والنظرة تفعل في القلب ما يفعل السهم في الرمية فإن لم تقتله جرحته وهي بمنزلة الشرارة من النار ترمى في الحشيش اليابس فإن لم يحرقه كله أحرقت بعضه كما قيل:
كل الحوادث مبداها من النظر ... ومعظم النار من مستصغر الشرر
كم نظرة فتكت في قلب صاحبها ... فتك السهام بلا قوس ولا وتر
والمرء ما دام ذا عين يقلبها ... في أعين الغيد موقوف على الخطر
يسر مقلته ما ضر مهجته ... لا مرحبا بسرور عاد بالضرر
الفائدة الثانية: أنه يورث القلب نورا وإشراقا يظهر في العين وفي الوجه وفي الجوارح كما أن إطلاق البصر يورثه ظلمة تظهر في وجهه وجوارحه ولهذا والله أعلم ذكر الله سبحانه آية النور في قوله تعالى: {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} عقب قوله {قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ}.
وجاء الحديث مطابقا لهذا حتى كأنه مشتق منه وهو قوله النظرة سهم مسموم من سهام إبليس فمن غض بصره عن محاسن امرأة أورث الله قلبه نورا.
الفائدة الثالثة: أنه يورث صحة الفراسة فإنها من النور وثمراته وإذا استنار القلب صحت الفراسة لأنه يصير بمنزلة المرآة المجلوة تظهر فيها المعلومات كما هي والنظر بمنزلة التنفس فيها فإذا أطلق العبد نظرة تنفست نفسه الصعداء في مرآة قلبه فطمست نورها كما قيل:
مرآة قلبك لا تريك صلاحه ... والنفس فيها دائما تتنفس
وقال شجاع الكرماني من عمر ظاهره بإتباع السنة وباطنه بدوام المراقبة وغض بصره عن المحارم وكف نفسه عن الشهوات وأكل من الحلال لم تخطئ فراسته وكان شجاع لا تخطئ له فراسة والله سبحانه وتعالى يجزى العبد على عمله بما هو من جنسه فمن غض بصره عن المحارم عوضه الله سبحانه وتعالى إطلاق نور بصيرته فلما حبس بصره لله أطلق الله نور بصيرته ومن أطلق بصره في المحارم حبس الله عنه بصيرته.
الفائدة الرابعة: أنه يفتح له طرق العلم وأبوابه ويسهل عليه أسبابه وذلك بسبب نور القلب فإنه إذا استنار ظهرت فيه حقائق المعلومات وانكشفت له بسرعة ونفذ من بعضها إلى بعض ومن أرسل بصره تكدر عليه قلبه وأظلم وانسد عليه باب العلم وطرقه.
الفائدة الخامسة: أنه يورث قوة القلب وثباته وشجاعته فيجعل له سلطان البصير مع سلطان الحجة وفي الأثر إن الذي يخالف هواه يفرق الشيطان من ظله ولهذا يوجد في المتبع لهواه من ذل القلب وضعفه ومهانة النفس وحقارتها ما جعله الله لمن آثر هواه على رضاه، وفي دعاء القنوت إنه لا يذل من واليت ولا يعز من عاديت.
الفائدة السادسة: أنه يورث القلب سرورا وفرحة وانشراحا أعظم من اللذة والسرور الحاصل بالنظر وذلك لقهره عدوه بمخالفته ومخالفة نفسه وهواه.
وأيضا فإنه لما كف لذته وحبس شهوته لله وفيها مسرة نفسه الأمارة بالسوء أعطاه الله سبحانه مسرة ولذة أكمل منها كما قال بعضهم والله للذة العفة أعظم من لذة الذنب ولا ريب أن النفس إذا خالفت هواها أعقبها ذلك فرحا وسرورا ولذة أكمل من لذة موافقة الهوى بما لا نسبة بينهما وهاهنا يمتاز العقل من الهوى.
الفائدة السابعة: أنه يخلص القلب من أسر الشهوة فإن الأسير هو أسير شهوته وهواه فهو كما قيل: طليق برأي العين وهو أسير
ومتى أسرت الشهوة والهوى القلب تمكن منه عدوه وسامه سوء العذاب وصار
كعصفورة في كف طفل يسومها ... حياض الردى والطفل يلهو و يلعب
الفائدة الثامنة: أنه يسد عنه بابا من أبواب جهنم فإن النظر باب الشهوة الحاملة على مواقعه الفعل وتحريم الرب تعالى وشرعه حجاب مانع من الوصول فمتى هتك الحجاب ضري على المحظور ولم تقف نفسه منه عند غاية فإن النفس في هذا الباب لا تقنع بغاية تقف عندها
الفائدة التاسعة: أنه يقوي عقله ويزيده ويثبته فإن إطلاق البصر وإرساله لا يحصل إلا من خفة العقل وطيشه وعدم ملاحظته للعواقب فإن خاصة العقل ملاحظة العواقب ومرسل النظر لو علم ما تجني عواقب نظره عليه لما أطلق بصره.
الفائدة العاشرة: أنه يخلص القلب من سكر الشهوة ورقدة الغفلة فإن إطلاق البصر يوجب استحكام الغفلة عن الله والدار الآخرة ويوقع في سكرة العشق كما قال الله تعالى عن عشاق الصور لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون فالنظرة كأس من خمر والعشق هو سكر ذلك الشراب وسكر العشق أعظم من سكر الخمر.
وفوائد غض البصر وآفات إرساله أضعاف أضعاف ما ذكرنا.
15-تمارس شيئا من الرياضة وتشغل نفسك بأعمال مفيدة وتجعل لك برامج تصرف بها طاقة الجسم الزائدة.
16- الاعتبار بالأضرار الصحية الناتجة من تلك الممارسة مثل ضعف البصر والأعصاب وضعف عضو التناسل والآم الظهر وغيرها من الأضرار التي ذكرها أهل الطّب، وكذلك الأضرار النفسية كالقلق ووخز الضمير والأعظم من ذلك تضييع الصلوات لتعدّد الاغتسال أو مشقتّه خصوصا في الشتاء وكذلك إفساد الصوم.
17- إزالة القناعات الخاطئة لأن بعض الشباب يعتقد أن هذه الفعلة جائزة بحجة حماية النفس من الزنا واللواط، مع أنّه قد لا يكون قريبا من الفاحشة أبدا.
18- التسلح بقوة الإرادة والعزيمة وألا يستسلم الشخص للشيطان.
19- الالتزام بالآداب الشرعية عند النوم مثل قراءة الأذكار الواردة، والنوم على الشقّ الأيمن وتجنب النوم على البطن لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك.
20- التحلي بالصبر والعفة لأنه واجب علينا الصبر عن المحرمات وإن كانت تشتهيها النفس ولنعلم بأنّ حمل النّفس على العفاف يؤدي في النّهاية إلى تحصيله وصيرورته خُلُقا ملازما للمرء وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم: مَنْ يَسْتَعْفِفْ يُعِفَّهُ اللَّهُ وَمَنْ يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ اللَّهُ وَمَنْ يَتَصَبَّرْ يُصَبِّرْهُ اللَّهُ وَمَا أُعْطِيَ أَحَدٌ عَطَاءً خَيْرًا وَأَوْسَعَ مِنَ الصَّبْر... رواه البخاري.
21- إذا وقع الإنسان في هذه المعصية فعليه أن يبادر إلى التوبة والاستغفار وفعل الطاعات مع عدم اليأس والقنوط لأنه من كبائر الذنوب.
22- وأخيراً مما لا شك فيه أن اللجوء إلى الله والتضرع له بالدعاء وطلب العون منه للخلاص من هذه العادة هو من أعظم العلاج لأنه سبحانه يجيب دعوة الداعي إذا دعاه، وبهذا وأمثاله تعتدل الناحية الجنسية ولا تلجئ إلى هذه العادة التى تضر الجسم والعقل وتغرى بالسوء.