الحمد لله وحده وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
أما بعد:
فإن للتبكير إلى صلاة الجماعة
في المساجد فوائد كثيرة كل واحدة منها عمل صالح من أجل ما يدخر في الموازين ليوم لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم فمن تلك الفوائد:
الأولى: أن الملائكة - عليهم السلام - يدعون لمنتظر الصلاة؛ لما ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((والملائكة يصلون على أحدكم يقولون اغفر له اللهم ا- رحمه الله - تب عليه ما له يؤذ فيه ما لم يحدث فيه)).
أن ممشاة إلى الصلاة صلاة؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -.
الثانية: أن الدعاء يستجاب لمنتظر الصلاة؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((ولا يزال أحدكم في صلاة ما انتظر الصلاة)).
الثالثة: أنه في رباط ما دام ينتظر الصلاة.
الرابعة: أن من ثوابه محو الخطايا، ورفع الدرجات؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات، قالوا: بلى يا رسول الله قال: إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخطى إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرباط فذلكم الرباط)).
الخامسة: ما يفتح الله له من أنواع العمل الصالح من نافلة الصلاة، وتلاوة القرآن الكريم، والدعاء، والذكر، وغير ذلك.
السادسة: كثرة الأجر، فإن الذي يصلي مع الإمام والجماعة أعظم أجراً من الذي يصلي منفرداً في بيته، ثم ينام، أو يشتغل بلهو الدنيا، ولعبها بعد تضييع صلاة الجماعة إن أجزأته فالأولى بعد الخروج من الخلاف.
السابعة: الطمأنينة والخشوع في الصلاة، فإن المساجد متنزل الرحمة، ومغشى السكينة ولذا تجد المبكرين إلى الصلاة أكثر الناس خشوعاً وطمأنينة في الصلاة والغالب أن الذي يأتي إلى الصلاة متأخراً هو الذي يخرج الأول لأنه لم ينل حظه الوافر من تنزل الرحمة والسكينة بسبب تأخره ولهذا يقل خشوعه في الصلاة غالباً.
الثامنة: المساهمة في إظهار شعائر الإسلام فإن الصلاة جماعة في المساجد أعظم شعائر الدين بعد التوحيد.
التاسعة: الإعانة على الخير وتنشيط الناس فيه فإن أعظم الخير بعد الإيمان الصلاة وتكثير سواد المسلمين وجماعتهم من أعظم الإعانة على الخير والبر.
العاشرة: التعرف على جيرانه وإخوانه أهل الحي ونحو ذلك مما من شأن تقوية روابط الأخوة وإشاعة المودة بين أهل المسجد فإن في ذلك قوةً على الطاعة وانتصاراً على الشيطان فإن الشيطان ذئب الإنسان وإنما يأكل الذئب القاصية من الغنم. هذه الفوائد وغيرها مما يجلي الحكمة الجليلة من تشريع صلاة الجماعة والنداء المتكرر خمس مرات في اليوم والليلة لها وهكذا سائر أحكام الشريعة فإنها مبنية على حكم جليلة وتحقق بها مصالح عامة لأنها تنزيل من حكيم حميد.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه.