أبو هيما عضو نشيط
القبيلة : مصرى الحالة الأجتماعية : عدد المساهمات : 76 تاريخ الميلاد : 01/01/1976 العمر : 48 المزاج : الكمبيوتر
| موضوع: قصــة هدايــة الأربعاء 7 يوليو 2010 - 12:05 | |
| في احدى المدن ... امرأة تسكن مع زوجها و اولادها و بناتها في احدى الاحياء و كان المسجد ملاصق لبيتها تماما الا ان الله ابتلاها بزوج سكير . لا يمر يوم او يومين الا و يضربها هى و بناتها و اولادها و يخرجهم الى الشارع ، كان اغلب من في الحي يشفقون عليها و على ابنائها و بناتها اذا مروا بها و يدخلون الى المسجد لاداء الصلاة ثم ينصرفون الى بيوتهم و لا يساعدونها بشئ و لو بكلمة عزاء ، و كم كانوا يشاهدون تلك المرأة المسكينة و بناتها و اولادها الصغار بجوار باب بيتها تنتظر زوجها المخمور ان يفتح لها الباب و يدخلها بعد ان طردها هى و اولادها و لكن لا حياة لمن تنادى ، فاذا تأكدت من انه نام جعلت احد ابنائها يقفز الى الداخل و يفتح لها ، و تدخل بيتها و تقفل باب الغرفة على زوجها المخمور الى ان يستيقظ من سكره و تبدأ بالصلاة و البكاء بين يد الله عز وجل تدعو لزوجها بالهداية و المغفرة . لم يستطع احد من جماعة المسجد بما فيهم امام المسجد و المؤذن أن يتحدث مع هذا الزوج السكير و ينصحه ، و لو من اجل تلك المرأة المعذبة و ابنائها لمعرفتهم انه رجل سكير لا يخاف الله باطش له مشاكل كثيرة مع جيرانه في الحى فض غليظ القلب لا ينكر منكرا و لا يعرف معروف و كما نقول بالعامية ( خريج سجون ) فلا يكاد يخرج من السجن حتى يعود اليه . الزوجة المسكينة كانت تدعو لزوجها السكير في الثلث الاخير من الليل و تتضرع الى الله باسمائه العلى و بأحب اعمالها لديه ان يهدي قلب زوجها الى الايمان ، و اكثر ايامها كانت تدعو له بينما هى و ابناءها تعاني الامرين فلا احد يرحمها من هذا العناء غير الله فلا اخوة و لا اب و لا ام يعطف عليها الكل قد تخلى عنها و الكل لا يحس بها و بمعاناتها فقد اصبحت منبوذة من الجيران و الاهل بسبب تصرفات زوجها . في احدى المرات و بينما هى تزور احدى صديقاتها في حى اخر مجاور لهم تكلمت و فتحت صدرها لصديقتها و شرحت لها معاناتها و ما يفعله بها زوجها و ببناتها و ابناءها اذا غاب تحت مفعول المسكر ، تعاطفت معها قلبا و قالبا و قالت لها : اطمئني ، سوف اكلم زوجي لكي يزوره و ينصحه و كان زوجها شاباً صالحا حكيماً و يحب الخير للناس و يحفظ كتاب الله و يأمر بالمعروف و ينهى عن المنكر فوافقت بشرط ان لا يقول له بانها هى التى طلبت هذا حتى لا يغضب منها زوجها السكير و يضربها و يطردها من البيت الى الشارع مرة اخرى لو علم بذلك ، فوافقت على ان يكون هذا الامر سر بينهما فقط . ذهب زوج صديقتها الى زوجها بعد صلاة العشاء مباشرة لزيارة زوج تلك المرأة و طرق الباب عليه فخرج له يترنح من السكر ففتح له الباب فوجده انسان جميل المنظر له لحية سوداء طويلة و وجه يشع من النور و الجمال و لم يبلغ الخامسة و العشرين من عمره و الزوج السكير كان في الاربعين من عمره على وجه علامات الغضب و البعد عن الله عز وجل فنظر اليه و قال له : من انت و ماذا تريد ؟ فقال له : انا فلان بن فلان و احبك في الله و جئتك زائرا و لم يكد يكمل حديثه حتى بصق في وجهه و سبه و شتمه و قال له بلهجة عامية شديدة الوقاحة : لعنة الله عليك يا كلب ، هذا وقت يجىء فيه للناس للزيارة ، انقلع عسى الله لا يحفظك انت و اخوتك اللى تقول عليها . كانت تفوح من الزوج السكير رائحة الخمرة حتى يخيل له ان الحى كله تفوح منه هذه الرائحة الكريهة ، فمسح ما لصق بوجهه من بصاق و قال له : جزاك الله خيرا قد اكون اخطأت و جئتك في وقت غير مناسب و لكن سوف اعود لزيارتك في وقت اخر ان شاء الله ، فرد عليه الزوج السكير انا لا اريد رؤية وجهك مرة اخرى و ان عدت كسّرت رأسك و اغلق الباب في وجه الشاب الصالح و عاد الى بيته و هو يقول الحمد لله الذى جعلني اجد في سبيل الله و في سبيل ديني هذا البصاق و هذا الشتم و هذه الاهانة ، و كان في داخله اصرار على ان ينقذ هذه المرأة و بناتها من معاناتها احس بأن الدنيا كلها سوف تفتح ابوابها له اذا انقذ تلك الاسرة من الضياع . فأخذ يدعو الله لهذا السكير في مواطن الاستجابه و يطلب من الله ان يعينه على انقذ تلك الاسرة من معاناتها الى الابد ، كان الحزن يعتصر في قلبه و كان شغله الشاغل ان يرى ذلك السكير من المهتدين . فحاول زيارته عدة مرات و في اوقات مختلفه فلم يجد الا ما وجد سابقاً حتى انه قرر في احدى المرات ان لا يبرح من امام بيته الا و يتكلم معه فطرق عليه الباب في يوما من الايام فخرج اليه سكران يترنح كعادته و قال له : ألم اطردك من هنا عدة مرات لماذا تصر على الحضور و قد طردتك ؟!!فقال له : هذا صحيح و لكنى احبك في الله و اريد الجلوس معك لبضع دقائق و الله عز وجل يقول على لسان نبيه صلى الله عليه و سلم : من عاد اخ له في الله ناده مناد من السماء ان طبت و طاب ممشاك و تبؤت من الجنة منزلا . فخجل السكير من نفسه امام الالحاح هذه الشاب المستمر رغم ما يلاقاه منه و قال له و لكن انا الآن اشرب المسكر و انت يبدو في وجهك الصلاح و التقوى و لا يمكننى ان اسمح لك لكى ترى ما في مجلسى من خمور احتراما لك فقال له : ادخلنى في مكانك الذى تشرب فيه الخمر و دعنا نتحدث و انت و تشرب خمرك فأنا لم اتي اليك لكى امنعك من الشرب بل جئت لزيارتك فقط فقال السكير : اذا كان الامر كذلك فتفضل بالدخول فدخل لاول مرة بيته بعد ان وجد الامرين في عدم استقباله و طرده و ايقن ان الله يريد شئيا بهذا الرجل . ادخله الى غرفته التى يتناول فيها المسكر و تكلم معه عن عظمة الله و عن ما اعد الله للمؤمنين في الجنة و ما اعد للكافرين في النار و في اليوم الاخر و في التوبه و ان الله يحب العبد التائب اذا سأله الهدايه ثم تكلم في اجر الزيارة و ما الى ذلك و ان الله يفرح بتوبتة العبد التائب فأذا سأله العبد الصالح قال الله له لبيك عبدي ( مرة واحدة ) و اذا سأله العبد المذنب العاصى لربه قال الله له لبيك لبيك لبيك عبدي ( ثلاث مرات ) و كان يرى اسارير الرجل السكير تتهلل بالبشر و هو ينصت اليه بجوارحه كلها و لم يحدثه عن الخمرة و حرمتها ابدا و هو يعلم انها ام الكبائر و خرج من عنده بعد ذلك دون كلمة واحدة في الخمر فأذن له بالخروج على ان يسمح له بين الحين و الحين بزيارته فوافق و انصرف . بعد ذلك بأيام عاد اليه فوجده في سكره ، و بمجرد ان طرق الباب عليه رحب به و ادخله الى المكان الذى يسكر فيه كالعادة فتحدث ذلك الشاب عن الجنة و ما عند لله من اجر للتائبين النادمين و لاحظ بان السكير بدأ يتوقف عن الشرب بينما هو يتكلم فأحس انه اصبح قريبا منه و انه بدأ يكسر اصنام الكؤوس في قلبه شئيا فشئيا ، و ان عدم مواصلته للشرب دليل على انه بدأ يستوعب ما يقال له ، فأخرج من جيبه زجاجة من الطيب الفاخر غالية الثمن فأهداها له و خرج مسرعاً و كان سعيداً بما تحقق له من هذه الزيارة من تقدم ملحوظ . فعاد بعد ايام قليلة لهذا الرجل فوجده في حالة اخرى تماما و ان كان في حالة سكر شديدة و لكن هذه المرة بعد ان تكلم الشاب عن الجنة و ما فيها من نعيم اخذ يبكي السكير كالطفل الصغير و يقول لن يغفر الله لى ابدا ، لن يغفر الله لى ابدا و انا اكره المشائخ و اهل الدين و الاستقامة و اكره الناس جميعا و اكره نفسي و اننى حيوان سكير لن يقبلني الله و لن يقبل توبتي حتى و ان تبت ، فلو كان الله يحبني ما جعلني اتعاطى المسكرات و لا جعلني بهذه الحالة و هذا الفسق و الفجور الذى اعيش فيه من سنوات مضت ، فقال له : الشاب الصالح و هو يحتضنه ان الله يقبل توبتك و ان التائب من الذنب كمن لا ذنب له و ان باب التوبة مفتوح و لن يحول بينك و بين الله احد و ان السعادة كلها في هذا الدين و ان القادم سوف يكون اجمل لو سألت الله الهداية بقلب صادق مخلص و ما عليك الا ان تسأل الله مخلصا في طلب الهدايه و الله عز وجل يقبلك و أن قيمته عند الله عظيمة ، و اشار اليه بأنه على سفر الآن مع مجموعة من اصدقائه المشائخ الى مكه المكرمه و عرض عليه ان يرافقهم فقال له : السكير و هو منكسر القلب و لكن انا سكران و اصدقائك المشائخ لن يقبلوا بمرافقتي فقال له : لا عليك هم يحبونك مثلي و لا مانع لديهم ان ترافقهم بحالتك الراهنة فكل ما في الامر هو ان نذهب الى مكة المكرمه للعمرة فأذا انتهينا عدنا الى مدينتنا مرة اخرى و خلال رحلتنا سوف نسعد بوجودك بيننا فقال السكير : و هل تسمحون لى ان اخذ زجاجتي معى فأنا لا استغني عنها لحظة واحدة فقال له : الشاب الصالح بكل سرور خذها معك ان كان لابد من اخذها . كانت نظرة هذا الشاب الصالح بعيدة جدا جدا رغم خطورة ان يحمل زجاجة الخمر في سيارته و ان يحمل معه شخصا سكيرا و سكران في نفس الوقت فالطريق الى مكة ممتلئ بدوريات الشرطة و لكنه قرر المجازفة من اجل انقاذ هذه المرأة و ابناءها فمن يسعى لتحقق هدف عظيم تهون عنده الصغائر . فقال له : قم الآن و اغتسل و تؤضأ و البس احرامك فخرج الى سيارته و اعطاه ملابس الاحرام الخاصة به على ان يشترى هو غيرها فيما بعد ، فأخذها و دخل الى داخل البيت و هو يترنح و قال لزوجته انا سوف اذهب الى مكة للعمره مع المشائخ فتهللت اسارير زوجته فرحا بهذا الخبر و اعدت حقيبته و دخل الى الحمام يغتسل و خرج ملتفا بأحرامه و هو مازال في حالة سكره و كان الرجل الشاب الصالح البطل المغامر يستعجله حتى لا يعود في كلامه فلا يرافقهم و لم يصدق ان تأتي هذه الفرصة العظيمة لكى ينفرد به عدة ايام و يبعده عن السكر و اصدقاء السوء فلو افاق فربما لن يذهب معهم او يدخل الشيطان له من عدة ابواب فيمنعه من مرافقته فعندما خرج اليه أخذه و وضعه في سيارته و ذهب مسرعاً به بعد ان اتصل على اصدقائه من الاخوة الملتزمين الذين تظهر عليهم سمات الدين و الصلاح و التقوى لكى يمر عليهم في منازلهم و يصطحبهم في هذه الرحلة التاريخية . انطلقت السيارة باتجاه مكه المكرمه ، و كان الشاب الصالح على مقودها و بجواره السكير و في المقعدة الخلفية اثنان من اصدقائه الذى مر عليهم و اخذهم معه ، فقرأوا طوال الطريق قصار السور و بعض الاحاديث النبويه من صحيح البخارى و كلها في التوبه و في الترغيب و الترهيب بما عند الله من خير جزيل و في فضائل الاعمال ، كان السكير لا يعرف قراءة الفاتحة و ( يلخبط ) بها و يكسر فيها كيفما شاء ، و عندما يأتي الدور عليه يقرأونها قبله ثلاثة مرات حتى يصححوا له ما اخطأ فيها بدون ان يقولون له انت اخطأت و أنه لا يعقل أن يخطىء احد في الفاتحة ، و هكذا حتى انتهوا من قراءة قصار السور عدة مرات ، و قراوا الاحاديث المختلفه في فضائل الاعمال و هو يسمع و لا يبدي حراك و قبل الوصول الى مكة قرروا الثلاثة الاصدقاء ان لا يدخلوا مكة الا وقد افاق تماما صاحبهم من السكر فقرروا المبيت في احدى الاستراحة على الطريق بحجة انهم تعبوا و يريدون النوم الى الصباح و من ثم يواصلون مسيرهم و كان يلح عليهم بانه بأمكانه قيادة السيارة على ان يناموا هم اثناء قيادته السيارة فهو لن ياتيه النوم ابدا فقالوا له جزاك الله خير و بارك الله فيك نحن نريد ان نستمتع برحلتنا هذه بصحبتك و ان نقضى اكبر وقت ممكن مع بعضنا البعض فوافق على مضض و دخلوا احدى الاستراحات المنشرة على الطريق و اعدوا فراش صاحبهم السكير و جعلوه بينهم حتى يرى ما سوف يفعلونه فقاموا يتذاكرون اداب النوم و كيف ينامون على السنه كما كان المصطفي عليه الصلاة و السلام ينام و كان ينظر اليهم و و يقلدهم و ما هى الا بضع دقائق حتى نام ذلك السكير في نوم عميق . استيقظوا الثلاثة قبل الفجر و اخذوا يصلون في جوف الليل الاخير و يدعون لصاحبهم الذي يغط في نومه من مفعول الكحول و كانوا يسجدون يبكون بين يدى الله ان يهديه و يرده لدينه ردا جميلا و بينما هو نائم اذا استيقظ و رأهم يصلون قبل الفجر و يبكون و يشهقون بين يدى الله سبحانه و تعالى فدخل في نفسه شئيا من الخوف و بدأ يستفيق من سكره قليلا قليلا ، و كان يراقب ما يفعلوه اؤلئك الشباب في الليل من تحت الغطاء الذى كان يخفى به جسده الواهى و همومه الثقيلة و خجله الشديد منهم و من الله عز وجل . فأخذ يسأل نفسه كيف اذهب مع اناس صالحين يقومون الليل و يبكون من خشية الله و ينامون و يأكلون على سنه المصطفى صلى الله عليه و سلم و انا بحالة سكر ، و تتشابكت الاسئلة في رأسه حتى بدأ غير قادر على النوم مرة اخرى ، بعد فترة من الزمن اذن المؤذن للفجر فعادوا الى فرشهم و كأنهم ناموا الليل مثل صاحبهم و ماهى الا برهة حتى ايقضوه لصلاة الفجر و لم يعلموا بانه كان يراقب تصرفاتهم من تحت الغطاء فقام و تؤضأ و دخل المسجد معهم و صلى الفجر و قد كان متزنا اكثر من ذي قبل حيث بدأت علامات السكر تنجلي تماما من رأسه فصلى الفجر معهم و عاد الى الاستراحة بصحبه اصدقائه الذين احبهم لصفاتهم الجميلة و تمسكهم بالدين و اكرامهم له و التعامل معه بانسانية راقية لم يرها من قبل . بعدها احضروا طعام الافطار و كانوا يقومون بخدمته و كأنه امير و هم خدم لديه و يكرمونه و يسلمون على رأسه و يلاطفونه بكلمات جميله بين الحين و الحين ، فشعر بالسعادة بينهم و اخذ يقارن بينهم و بين جيرانه الذين يقول بأنه يكرههم ، انفرجت اسارير الرجل بعد ان وضع الفطور فتذاكروا مع بعضهم البعض اداب تناول الطعام و الطعام موجود بين ايديهم هو يسمع ما يقال فأكلوا طعامهم و جلسوا حتى ساعة الاشراق فقاموا وصلوا صلاة الاشراق و عادوا الى النوم ثانية حتى الساعة العاشرة صباحا لكى يتأكدوا من ان صاحبهم افاق تماما من سكره ، و رجع طبيعيا لوضعه الطبيعى فأنفرد بصاحبه قليلا و قال له : كيف اخذتني و انا سكران مع هؤلاء المشائخ الفضلاء سامحك الله سامحك الله ، ثم انى وجدت زجاجتي في السيارة فمن احضرها فقال له الشاب الصالح : انا احضرتها بعد ان رايتك مصر على اخذها و انك لن تذهب معنا الا بها فقال له : و هل شاهدها اصحابك فقال له : لا لم يشاهدوها فهى داخل كيس اسود لا يظهر منها شئيا فقال الحمد لله انهم لم يشاهدوها . تحركوا بعد ذلك الى مكه و صاحبهم معهم و نفس ما قاموا به في بداية رحلتهم قاموا به بعد ان تحركوا فقرأوا قصار السور و بعض الاحاديث في الترغيب و الترهيب اثناء رحلتهم و لكن لاحظوا هذه المرة انه بدأ يحاول قراءة قصار السور بشكل افضل من السابق و خلال الطريق تنوعت قراءاتهم فوصلو الى مكة المكرمة و دخلو الى البيت الحرام و كانو يكرمون صاحبهم السكير كرما مبالغا فيه في بعض الاحيان املا في هدايته فطافوا و سعوا و شربوا من زمزم فستأذنهم ان يذهب الى الملتزم فاذنوا له و ذهب امسك بالملتزم و اخذ يبكي بصوت يخيل للشاب الصالح الذي كان يرافقه و يقف بجواره ان اركان الكعبة تهتز من بكاء السكير و نحيبه و ان دموعه اغرقت الساحة المحيطة بالكعبة فكان يسمع بكاءه فيبكي مثله و يسمع دعائه قيؤمن خلفه كان يئن و صاحبه يئن مثله ، كان منظرا مروعا ان ترى منظر بهذا الشكل ، كان يدعو الله ان يقبل توبته و يعاهد الله ان لا يعود الى الخمرة مرة اخرى و ان يعينه على ذلك ، فلم يكن يعرف من الدعاء غير يارب ارحمنى يارب اسرفت كثيرا فارحمنى انت رب السموات و الارض ان طردتني من باب رحمتك فلمن التجأ ان لم تتب على فمن سواك يرحمنى يارب ان ابواب مغفرتك مفتوحه و انا ادعوك يارب فلا تردني خائبا . كان دعائه مؤثرا جدا لدرجه انه ابكى المجاورين له ، كان بكائه مريرا جدا تشعر بان روحه تصعد الى السماء حين يدعو ربه ، كان يبكي و يستغيث حتى ظن صاحبه ان قلبه كاد أن ينفطر ، استمر على هذا المنوال اكثر من ساعة و هو يبكى و ينتحب و يدعو الله و صاحبه من خلفه يبكى معه ، منظر مؤثر فعلا حين يجهش بالبكاء رجلا تجاوز الاربعين و متعلق باستار الكعبة ، و اكثر ما جعله يبكى هو انه كان يقول يارب ان زوجتى اضربها و اطردها اذا غبت في سكري فتب على يارب مما فعلت بها ، يارب ان رحمتك وسعت كل شئ و اسالك يارب ان تسعني رحمتك ، يارب اني اقف بين يديك فلا تردني صفر اليدين ، يارب ان لم ترحمنى فمن سواك يرحمنى ، يارب انى تائب فاقبلني فقل لي يارب لبيك لبيك لبيك عبدي ، يارب انى اسالك لا تشح بوجهك عنى ، يارب انظر الى فاننى ملات الارض بالدموع على ما كان منى ، يارب انى بين يديك ، و ضيف عليك في بيتك الحرام فلا تعاملني بما يعاملني بها البشر فالبشر ياربي ان سألتهم منعوني و ان رجوتهم احتقروني ، يارب اشرح صدري و انر بصيرتي و اجعل اللهم نورك يغشاني و كره الي حب الخمور ما احييتني يا رب لا تغضب منى و لا تغضب علىّ فكم اغضبتك بذنوبي التى لا تحصى و كنت اعصيك و انت تنظر الي . كان صديقه في هذه الاثناء يطلب منه الدعاء له فكان يزداد بكاءه و يقول يارب امن مثلي يطلب الدعاء؟!! يارب انى عصيتك خمس و عشرين عاما فلا تتركني و لا تدعني اتخبط في الذنوب ، يارب انى فاسق فاجر اقف ببابك فاجعلني من عبادك الصالحين ، يا رب ان اسالك الهداية و ما قرب اليها من قول او عمل و أنا خاشع ذليل منكسر بين يديك ، يارب ان ذنوبي ملات الارض و السموات فتب على يا ارحم الراحمين و اغفر جميع ذنوبي يارب السموات و الارض ، فيشهق و يبكي و احيانا يغلبه البكاء فلا تسمع الا صوت حزين متقطع من النحيب و البكاء . اذن المؤذن لصلاة العصر فجلسوا للصلاة و السكير التائب مازال متعلقا باستار الكعبة يبكي حتى اشفق عليه صديقه و اخذه الى صفوف المصلين كى يصلي و يستريح من البكاء ، اخذه معه و هو يحتضنه كأنه أمه او كأنه اباه فصلي ركعتين قبل صلاة العصر كانت كلها بكاء بصوت منخفض يقطع القلب و يدخل القشعريرة في اجساد من حوله ، ان دعاء زوجته في الليل قد تقبله الله و أن دعاء الشاب الصالح قد نفع و اثمر ، و أن دعاء اصدقائه في الليل له قد حقق المقصود من رحلتهم ، ان الدعاء صنع انسان آخر بين ليلة و ضحاها ، فبدأ يرتعد صاحبهم خوفا من الله حين احس بحلاوة الايمان ، ان الدعاء في ظهر الغيب حقق النتيجه التى تدله على الهداية ، لقد اشفق عليه اصحابه في هذه الرحلة من بكاءه ، انقضت الصلاة و خرجوا يبحثون عن فندق مجاور للحرم و لازالت الدموع تملأ وجهه ، كان احدهم يحفظ القرآن عن ظهر قلب هو الآخر ، و كان متواضعا لدرجة كبيرة جدا لا تراه الا مبتسماً فعندما رأى اقبال صاحبهم التائب الى الله زاد في اكرامه و بالغ و آصر الا ان يحمل حذاء ذلك التائب الا هو و ان يضعه تحت قدميه عند باب الحرم ، هذا التصرف من حافظ القرآن فجر في صدره اشئياء لا يعلمها الا الله بل يعجز الخيال عن وصفها حين توصف. و فعلا حمل حذائهُ مع حذائه و خرج به الى خارج الحرم و وضعهما في قدميه و هو فرح بما يقوم به ، استاجروا فندق مطل على الحرم ، و جلسوا به خمسة ايام و كان صاحبهم يتردد على الحرم في كل الصلوات و يمسك بالملتزم و يبكى و يبكى كل من حوله ، و في الليل كان يقوم الليل و يبكى فتبكى معه الاسرة و الجدران ، و لا تكاد تراه نائما ابدا ففي النهار يبكى في الحرم و في الليل قائما يصلي و يدعو الله بصوت يملؤه البكاء ، و بعد ان مضت رحلتهم عادوا الى مدينتهم و هم في طريق العودة طلب من صديقه ان يوقف السيارة قليلا فاوقفها بناء على طلبه فاخرج التائب زجاجة الخمر من ذلك الكيس الاسود امام صديقه و مرافقيه و سكب ما فيها و قال لهم اشهدوا على يوم الموقف العظيم انى لن اعود اليها ثانية و اخذ يسكب ما فيها و هو يبكى على ذنوبه التى ارتكبها و يعدد ما فعله باسبابها و كانت عيون مرافقيه تغرغر بالدموع و تحشر كلمات تنطق من اعينهم لا يعرفون كيف يعبرون عنها فكانت الدموع ابلغ من لغة الكلام فبكوا . و تحركوا بعد ذلك و هم يبكون مثله ، و بدأ الصمت يختلط بالنحيب و بدأ البكاء يختلط بالبكاء ، و قبل ان يصلوا الى مدينتهم قالوا له : الان تدخل الى بيتك متهلل الوجه عطوفا رحيما بأهلك و اعطوه نصائح عديدة في كيفية التعامل مع الابناء و الزوجة بعد أن من الله عليه بالهداية و ان يلزم جماعة المسجد المجاور له و ان يتعلم امور دينه من العلماء الربانين ، فالله عز وجل يقبل توبه التائب و يفرح بها و لكن الاستمرار على الهداية و التوبة من موجبات الرحمة و الهداية فكان يقول و الله لن اعصى الله ابدا فيقولون له ان شاء الله و الدموع تملأ اعينهم . وصل الى بيته و دخل على زوجته و ابنائه و بناته و كان في حال غير الحال التى ذهب بها لم تحاول الزوجه ان تخفى فرحتها بما شاهدته فاخذت تبكى و تضمه الى صدرها و اخذ يبكى هو الاخر و يقبل رأسها و يقبل ابنائه و بناته واحدا تلو الاخر و هو يبكي ، و ماهى الا فترة وجيزة حتى استقام على الصلاة في المسجد المجاور له و بدأت علامات الصلاح تظهر عليه فأصبح ذو لحية ناصفها البياض و بدأ وجهه يرتسم عليه علامات السعادة و السرور و بدأ كأنه مولود من جديد . استمر على هذا الحال فترة طويلة ، فطلب من امام المسجد ان يساعد المؤذن في الاذن للصلاة يوميا فوافق و اصبح بعد ذلك المؤذن الرسمي لهذا المسجد بعد ان انتقال المؤذن الرئيسي الى الرفيق الاعلى ، و بدأ يحضر حلقات العلم و الدروس و المحاضرات بالمسجد ثم قرر ان يحفظ القران فبدأ بالحفظ فحفظه كاملا عن ظهر قلب و خلال هذه الفترة كان صديقه الشاب الحليم يزوره بأستمرار و يعرفه على اهل الخير و الصلاح حتى اصبح من الدعاة الى الله و اهتداء على يديه العديد من اصدقائه الذين كانوا يشربون الخمر معه فيما مضى ، و اصبح امام للمسجد المجاور له و لا يزال بحفظ الله و رعايته الى يومنا هذا من الدعاة و اماما لمسجد الحى . ملاحظة : هذه القصة حقيقة و ليست من نسج الخيال و بالامكان نشر الاسماء و لكن اصحابها لا يرغبون في ذلك .... منقول للافادة | |
|
محمدعبدالله موسسين االمنتدى
القبيلة : الرويصـــاب الحالة الأجتماعية : عدد المساهمات : 9115 تاريخ الميلاد : 24/04/1986 العمر : 38 المزاج : الحمدلله على كل حال التفييم الإدارى :
| موضوع: رد: قصــة هدايــة الأربعاء 7 يوليو 2010 - 12:18 | |
| | |
|