اصل الكلمة
كلمة "فالكيري" Valkyrie في أساطير القبائل الجرمانية الشمالية، ومنهم الفايكنغ، هي امرأة، أو مفرد نسوة بجناحين تنزل من السماء لاختيار واصطحاب المحاربين الشجعان الذين يقتلون في المعارك إلى الجنة. وقد وضع ملحن الموسيقى الكلاسيكية ريتشارد فاغنر معزوفة مشهورة عام 1870 باسم ال"فالكيري" بصيغة الجمع. كان هتلر يعشق موسيقى الملحن الألماني فاغنر، ولذلك كره اليهود فاغنر وحظروه - بشكل غير رسمي - في الكيان الصهيوني. ويقال بأن فاغنر آمن بتفوق العرق الجرماني. لذلك اطلق النازيون مصطلح "عملية فالكيري" على خطة طوارئ سرية كانوا قد أعدوها جيداً للإمساك بمفاصل الدولة الألمانية إذا ما حدث انهيار شامل نتيجة قصف الحلفاء المكثف للمدن والبنية التحتية الألمانية خلال الحرب العالمية الثانية، أو إذا ما حدث انقلاب. وقد أعد النازيون جيشاً احتياطاً كاملاً ودربوه وجهزوه تهيؤاً لمثل تلك الحالة.
الأسباب
بعد بدء تراجع الحملات العسكرية النازية في شمال أفريقيا وشرق وغرب أوروبا وتحقيق هزائم متتالية ،وكان ذلك بسبب قرارات هتلر الغير مدروسة والمتهورة والتي تسببت في اهدار مئات الالاف من أرواح الجنود إضافة الي تردي وسوء أوضاع البلاد داخليا. اثار هذا الامر استياء وقلق العديد من كبار ظباط الجيش والسياسييين وفكروا الإطاحة بهتلر واركان الرايخ الثالث وعقد صلح مع الحلفاء من أجل إنقاذ ألمانيا.
تفاصيل العملية
بعد عدة محاولات فاشلة لاغتيال هتلر. برز علي الساحة ضابط ألماني وهو كلاوس فون شتافونبرغ وكان أحد الضباط المشاركين في حملات شمال أفريقيا. ولكن بعد انفجار لغم في سيارته ادت الي فقد عين له إضافة الي معصمه واصبعين من يده اليسري. عاد الي برلين وشغل منصب رئيس اركان الجيش الداخلي. وبعد تغلغل الضباط الألمان المنقلبين على هتلر في قيادة جيش الاحتياط، فكر شتافونبرغ في مؤامرة (حقيقية وموثقة) لاستخدام "عملية فالكيري" ضد النازيين أنفسهم. وكانت فكرة تلك المؤامرة تقوم على اغتيال هتلر بمتفجرة مزروعة في حقيبة خلال اجتماع للضباط الكبار معه، ومن ثم الزعم أن قادة وأعمدة النظام النازي أنفسهم – الموالين لهتلر في الواقع - هم الذين قتلوه وانقلبوا عليه، وبالتالي تم تحريك جيش الاحتياط بموجب "عملية فالكيري" نفسها لإنقاذ النظام منهم واعتقالهم ومحاكمتهم وتصفيتهم، أي لاستلام السلطة والانقلاب على هتلر وقتله، بعد تحويله إلى شهيد رسمي لحركتهم الانقلابية. وكان نجاح محاولة الانقلاب التي يديرها فون ستافن برغ يعتمد أساساً على وجود معظم القوات الألمانية، عدا قلة من الأس ألأس (القوات الخاصة النازية)، وعدا جيش الاحتياط طبعاً، بعيداً جداً عن برلين في جبهات القتال، وعلى قدرته على تنظيم عملية انقلابية واسعة بمثل هذه الخطورة تحت أعين وآذان أجهزة الغستابو والأس أس والحزب النازي والدولة.
وفي 20 يوليو أقلعت طائرة اتصال من مطار رانجسدورف وعلى متنها شتاوفنبرج ومساعده الملازم فرنر فون هافتن ،وقد حمل كل منهما حقيبة ثقيلة تحتوى على قنبلة، كان شتاوفنبرج يعلم أن هذه هي المحاولة الأخيرة، فلقد ألقى القبض على أحد المتآمرين وهو يوليوس لبير النائب الاشتراكى السابق في البرلمان ،ولن يبق ممكناً أن تدوم مؤامرة واسعة ومكشوفة كتلك وقتاً طويلاً.
كانت القنبلة الثانية مشكلة حقيقية، من الناحية البدنيه كان شتاوفنبرج عاجزاً على الدخول على هتلر حاملاً حقيبتين بثلاثة أصابع، لقد سبق لرفاقه في المؤامرة الذين صنعوا المتفجرات أن أكدوا له عشرات المرات، أن قنبلة واحدة من هذا النوع عندما تنفجر في مكان مغلق كفيلة بالقضاء على كل الحاضرين، فرضى أخيراً بالأمر الواقع.
راح شتاوفنبرج يموه أمام كيتل حقيقة الموضوع الذي أتى به إلي رستنبورج للقاء الفوهرر ،حتى يتسنى له الحديث عن الفرق الجديدة التي أنشأها الاحتياط الحربي، وحين تناول كيتل قبعته وهم بالخروج، انتقل شتاوفنبرج إلى غرفة الملابس، حطم كبسولة الحامض بواسطة كلابته، خرج شتاوفنبرج معتذراً، وعرض عليه كيتل أن يحمل له حقيبته، فرفض شتاوفنبرج. جري الاجتماع في لاجيباراك كما كان في كل مرة لا تكون فيها المنطقة في حالة إنذار جوي، إنه منبر خشبى تحميه عوارض خرسانية، ويتقدمه مركز للهاتف يقوم بالحراسة أمامه صف ضابط، قال له شتاوفنبرج إنه ينتظر مكالمة مستعجلة من برلين ثم دخل القاعة وراء كيتل والجنرال بوهلي. كانت جلسة الاجتماع قد بدأت منذ دقائق قليلة، وكان الجنرال هويزنجر يعرض آخر التطورات على الجبهة الشرقية، فقاطعه كيتل موضحا سبب وجود شتاوفنبرج، فما كان من هتلر إلا أن وجه التحية إلي الكولونيل شتاوفنبرج وطلب من الجنرال هويزنجر أن ينهى عرضه.
عند ذلك أسند شتاوفنبرج حقيبته إلى إحدى الدعائم الخشبية القوية التي تحمل الطاولة من الجهة الداخلية أي في اتجاه الفوهرر مباشرة، وبعد ذلك خطا خطوة إلى الوراء، وانتظر بضع ثوان وخرج. تنبه كيتل بعد لحظات إلى غياب شتاوفنبرج، فخرج يبحث عنه ويخبره بأن دوره في الكلام قد اقترب، فلم يجده في ردهة الانتظار، وقبل أن يدخل كيتل قاعة الاجتماع، انفجرت القنبلة. كان شتاوفنبرج وهافتن ينتظران على مقربة من مكتب الجنرال فليجيبل ،فسمعا الانفجار وانطلقا باتجاه المطار، وصل شتاوفنبرج برلين واتصل هاتفياً بالجنرال أولبرخت ناقلاً إليه الخبر السعيد:لقد مات هتلر.
هرع أولبرخت إلي الجنرال فروم يبلغه الحدث العظيم، عليه أن يوقع أمراً بالتحرك لإنجاز الخطة فالكيري التي سبق وضع تفاصيلها فطلب فروم تأكيد مقتل هتلر ،فطلب أولبرخت كيتل ،وكان يتوقع أن راستنبورج لن تجيب، إذ أن المفروض أن يكون الجنرال فليجيبل قد شل حركة مراكز الهاتف، لكنه فوجئ عندما سمع صوت كيتل يجيبه، أخذ فروم السماعة وقال له، إن شائعة حول محاولة اغتيال هتلر قد انتشرت في برلين ،فأكد له كيتل ذلك، وأن الفوهرر لم يصب بجروح بليغة، حتى أنه ذهب ينتظر موسوليني في محطة راستنبورج ،ثم سأله كيتل عن شتاوفنبرج، فأجاب فروم أنه لا يعرف عنه شيئاً.
لم يشك أحد في شتاوفنبرج حتى تلك اللحظة، إذ ساعد اعتقاد بأن طائرة تمكنت من إصابة مقر هتلر ،ودارت شكوك أخرى حول عملية تخريب قام بها عمال أجانب. قتل في الانفجار أربعة هم جنرال شمونت ،جنرال الطيران كورتن ،كولونيل برانديث الذي غير اتجاه الحقيبة بعدما تعثر بها، وأخيراً كاتب الأخترال بيرجر. وفي برلين تمكن فريق المتآمرين من السيطرة على مبنى وزارة الحربية ومقر القيادة العامة للجيش، ونصب الجنرال فيتزليبن نفسه القائد الأعلى للجيش الألماني. لكن خطوط المؤامرة تكشفت شيئاً فشيئاً، وكان شتاوفنبرج هو الذي أبلغ شركائه في المؤامرة أن الانقلاب قد فشل تماما
نهاية المؤامرة
بعد فشل العملية. كان الجنرال فيتزليبن قد عاد إلى منزله ينتظر ساعة اعتقاله، بينما هرب الجنرال جوردلر وانتحر.وعدد آخر من الجنرالات، واقتيد بعضهم إلى سجن موابيت العسكري، وسيق الباقيين إلى مبنى الجستابو. وصرح فروم بأن محكمة عسكرية تشكلت سريعاً، وقد حكمت بإعدام الجنرال أولبرخت ،الكولونيل ميرتز ،الكولونيل شتاوفنبرج، والملازم هافتن، فأنزلو جميعاً ساحة السجن وأعدموا رمياً بالرصاص على ضوء مصابيح السيارة. وذلك في 20 يوليو 1944 م.
صورة الكولونيل شتافونبرج العقل المفكر لخطة فالكيري