إليك يا أختي المسلمة ..
إليك أيتها الدرة المكنونة واللؤلؤة المصونة ..
إليك يا مربية الأجيال ومعلمة الرجال ومنشأ الأبطال ..
أبعث هذه الرسالة ..
حامداً وشاكراً لله ، ومصلياً على رسول الله .. شاهداً بأنه لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله ومصطفاه ، أما بعد :
يا أمة الله : أنذرتك النار !!
صرخة دوّى بها محمد صلى الله عليه وسلم في مسمع التاريخ قبل أربعة عشر قرناً من الزمان لأحب الناس إليه وأقربهم منه وأغلاهم عنده ، حيث قال : " يا فاطمة بيت محمد أنقذي نفسك من .. النار .. لا أغني عنك من الله شيئاً "
يا صفية عمة رسول الله : أنقذي نفسك من النار .. لا أغني عنك من الله شيئاً .. " "صحيح البخاري"
وها أنا ذا أهتف بها من بعده تأسياً به ، فاسمعيها مني وخذيها عني ، فوالله إني لأخاف عليك منك !!
فأنقذي نفسك من النار فلن يغني عنك من الله أحداً ، ولن تجدي لك من دون الله ملتحداً ، فلا ملجأ ولا منجى ولا ملتجأ من الله إلا إليه .
يا أمة الله : أنذرتك النار
وسطوة الواحد القهار... ونقمة العزيز الجبار .. وأن تطردي من رحمة الرحيم الغفار
يوم تعودين إليه .. وتقبلين عليه .. وتقفين بين يديه ... وحيدة فريدة ... طريدة شريدة .
مسلوبة من كل قوة .. محرومة من كل نصرة .. فمالك من الله من عاصم .. وليس لك من دونه راحم
لو أبصرت عيناك أهل الشقا *** سيقوا إلى النار وقد أحرقوا
شرابهم الصديد في قعرها *** وفي لجج المهل قد أُغرقوا
وقيل للنيران أنْ أحرقي *** وقيل للخُزَّان أن أطبقوا
يا أمة الله : أنذرتك النار
يوم تعرضين عليها .. وتردين على متنها
فترين لهيبها .. وتبصرين كلاليبها .. وتلمحين أغلالها وأنكالها فلا تدرين : أتنجين من الوقوع فيها وتنقذين منها ؟! فتسعدين للأبد !!
أم تقذفين إليها .. وتعذبين بها ؟! فيا تعاسة الجسد .. ويا حرقة الكبد.. ويا شقاءً ليس له أمد !!
يا أمة الله : أنذرتك النار
التي تناهت في الحرارة ... وزادت في الاستعارة
{ وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ }
فلو تعالت صيحات أهل النار ما رحموهم .. ولو طالت زفراتهم لما أنقذوهم
ولو تواصلت أنّاتهم وحسراتهم لما ساعدوهم
وكلما أرادوا أن يخرجوا منها لما فيها أعادوهم وبمقامع الحديد طرقوهم .. وبالأنكال والأغلال قيدوهم .. فيا ذلة الحال.. ويا سوء المآل .. ويا بؤساً ليس له نهاية .
ولو طالت الشكاية من تلك النكاية !!
وقرِّبت الجحيمُ لمن يراها *** فيا لله من خوف العباد
وقد زفرت جهنم فاستكانوا *** سقوطاً كالفراش وكالجراد
وقد بلغت حناجرهم قلوبٌ *** وقد شخصوا بأبصارٍ حدادٍ
نودوا للصراط ألا هلموا فهذا ويحكم يومُ المعاد
يا أمة الله : أنذرتك النار
فحرها شديد ... وقعرها بعيد .. ومقامع أهلها من حديد .. يقذف فيها كل جبار عنيد
وهي تنادي : هل من مزيد ؟! هل من مزيد ؟!
{ كُلَّمَا أَرَادُوا أَن يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ } { ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللّهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ}
يا أمة الله :
أنذرتك ناراً تلظى لا يصلاها إلاّ الأشقى فهو بنارها يتكوّى وهي نزاعة للشوى جالبة للعناء .. مدينة للشقاء.
موطن للأذان ... ومرتع للأسى
منكسة للرؤوس .. مخزية للنفوس
منضجة للجلود ... محرقة للكبود
فهي نار الجحيم والعذاب الأليم والعقاب العظيم .
أعوذ بربي من لظى وعذابها *** ومن حال من يهوي بها يتجلجلُ
ومن حال من في زمهرير مُعذَّب *** ومن كان في الأغلال فيها مُكبَّلُ
يا أمة الله
أنذرتك يوم الحسرة ..... إذ القلوب لدى الحناجر .. يوم يبعثر ما في القبور ويحصّل ما في الصدور .
ويظهر ما احتوته الضمائر
في ذلك اليوم الموعود وشاهد ومشهود
عندما تنطق عليك الشهود وتفضحك فيه الجلود .
يوم تأسفين وتندمين ، عندما تُسألين وتحاسبين عما كنت تفعلين وتعملين !!
يوم تُفتّح أبواب الجنان ، فيدخل منها وفد الرحمن ، للرضى والرضوان والنعيم والأمان والسعادة والإحسان.
وتوصد أبواب النيران على أهل العذاب والهوان والخسران والحرمان .
فمن أي باب تلجين ؟!
أفي دار المتقين المنعمين ؟!
أم في دار المعذبين المطرودين ؟! ومن رحمة الله محرومين ؟!
في العقاب الشديد والعذاب المهين !!
أ في الجنان وفوز لا انقطاع له *** أم في الجحيم فلا تبقي ولا تدع
تهوي بسكَّانها طوراً وترفعهم *** إذا رجَوا مخرجاً من غمّها قمعوا
طال البكاء فلم ينفع تضرُّعهم *** هيهات لا رقّة تغني ولا جزعُ