الحمد لله وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
الدين يسر
فإن الله عز وجل جعل دينه دينا مناسبا لكل الأزمان والعصور وجعل الشرع سهلا ميسورا على كل مسلم بحيث يستطيع أن ينفذ ما أمره الله به وأن يمتنع عما نهاه الله عنه بيسر قال تعالى ﴿ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ ﴾ وقال سبحانه ﴿ لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا ﴾ فلو حرم علينا شيئا سبحانه لا يحرمه إلا لأجل مصلحتنا و لو أحل لنا شيئا فلا يحله إلا من أجل مصلحتنا فنحن متفقون أن الدين يسر.
سؤال
و الآن أسأل سؤالا .. هل سوف نقف أمام الله عز و جل ؟هل سوف نعرض عليه يوم القيامة..؟ وهل سوف نحاسب على أعمالنا في ذلك اليوم حيث تقسم الأعمال إلى حسنات و سيآت و ليس هناك نوع ثالث؟! هل سوف ينصب لكل منا ميزاناً للحسنات والسيآت..؟ بالطبع الإجابة نعم
أقول لك... لما تقف أمام الله عز وجل كي تحاسب وتسأل عن أعمالك صغيرها وكبيرها سرها وعلانيتها قبيحها وحسنها: أين ستضع الإختلاط بين الرجال والنساء والخلوة بهن في البيوت والجامعات والأعمال والمنتديات والمصانع والمتاجر والعيادات و و و....؟؟!
هل سيكون هذا العمل في ميزان الحسنات أم في ميزان السيآت ؟
هل تتقرب إلى الله بهذا العمل أم أن هذا العمل يبعدك عن الله ؟
إذا أردت أن تعرف الحق فاقرأ هذه السطور واحكم أنت.....
بعض الناس يقولون أن الإختلاط حرام... وبعضهم يقول أنه ليس حرام مطلقا فلو كانت النية صالحة فلا شيء... وبعضهم يقول ليس حراما أصلا..!! بل إنه يهذب الأخلاق والمشاعر ويخلق روح التنافس بين الجنسين....!!
فمن هو صاحب الحق؟؟ فالناس قد اختلفوا في الحكم على الإختلاط وقد قال الله تعالى ﴿ وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ ﴾ .
وقال تعالى ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلا ﴾
فهيا بنا نرد هذا الأمر إلى الله وإلى سنة النبي لنعرف من صاحب الحق في هذه القضية.
أولا :
أخي الحبيب، أختي الغالية ما رأيكم في جيل الصحابة..؟ أليس هو خير جيل أوجده الله؟.. قال الله سبحانه وتعالى: ﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ ﴾ وما رأيكم في زوجات النبي ورضي عنهن؟! ألسن هن أطهر نساء العالمين؟!! بلى بالطبع ..
فقد أنزل الله عز وجل آية في الصحابة إذا أرادوا أن يتعاملوا مع زوجات النبي وهذه الآية هي قول ربنا عز وجل﴿ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ﴾ ومعنى الآية: يا أصحاب محمد إذا سألتم أزواج النبي متاعا فاسألوهن من وراء حجاب -والمتاع هو الشيء الضروري من ضروريات الحياة- لماذا يا ربنا؟ قال الله عز وجل ﴿ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ ﴾ قلوب من؟!! قلوب الصحابة و قلوب زوجات النبي !!! سبحان الله العظيم
فلو كنا أفضل من الصحابة فلسنا مخاطبين بهذه الآية ولو كنا مثلهم فلنفعل مثل ما فعلوا ولكن الحقيقة أننا لسنا شيئا بالنسبة لهم فأين نحن من هؤلاء الذين قال عنهم النبي "لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم و لا نصيفة " و المد هو ملئ الكف.
و الآية نزلت في الصحابة و زوجات النبي ولكنها عامة لكل المسلمين فالله منع الاختلاط بين أطهر الرجال وأطهر النساء ونحن بالطبع لسنا مثلهم مع أن الصحابة لا يريدون مزاحا ولا زمالة ولا صداقة ولا ولا.... ولكن يريدون متاعا ضروريا مثل طلب الفتوى أو طلب المساعدة بالمال أو إبلاغ رسالة وما إلى ذلك .
ثانيا
كانت عادة النبي إذا سلم من الصلاة ألا يلتفت مباشرة حتى لا تقع عينه على النساء، فالتفت ذات مرة فوجد الصحابة رجالا ونساء يخرجون من باب واحد من المسجد؛ فغضب النبي وقال للنساء: "ليس لكن أن تحققن الطريق عليكن بحافات الطريق" أي لا يصح لكنََََََََََََََََََ أن تمشين في منتصف الطريق ولكن عليكن بحافات الطريق وجوانبه، وأمر بفتح باب للنساء وباب للرجال .
ولنا عدة تأملات في هذه القصة:-
أ- أن الصحابة رجالا ونساء كانوا يصلون في المسجد أي أنهم كانوا في عبادة وفي المسجد وهم الصحابة خير الناس بعد الأنبياء ورغم ذلك منع النبي الاختلاط بينهم ولم يقل إنهم الصحابة أصحاب الأخلاق الكريمة والسمعة الحسنة.. لا ولكن غضب لما رأى ذلك وأمر بفتح باب للنساء وآخر للرجال.
ورأى عبد الله بن عمر الصحابي الجليل يخرج من باب النساء ذات مرة فقال له : "لو تركنا هذا الباب للنساء" فلم يخرج منه ابن عمر حتى مات.
ب- أن الصحابة رجالا و نساء كانوا يصلون...ولم يكونوا في جلسة سمر أو جلسة زمالة ولا صداقة ولا أخوة كما يزعم البعض حين يختلط بالنساء الأجنبيات عنه واللاتي لسن من محارمه في الجامعات والعمل وغيرهما من الأماكن.
ج- كان نساء الصحابة رضي الله عنهن بعد هذه القصة أول ما يذوب من ثيابهن الكتف..! لامتثالهن لأمر النبي بالمشي في حافات الطريق وعلى جوانبه؛ فكان الكتف يحتك ويعلق بالجدران حتى يذوب..!!
فياله من حياء من نساء لم نرى ولن نرى مثلهن..! وياله من امتثال يدل على الإيمان العميق بالله عز وجل وبرسوله ... فرضي الله عن الصحابة أجمعين ومن سار على طريقهم إلى يوم الدين.
ثالثا
أخي ... أختي هل تعلمون شيئا عن الحور العين...؟ إنهن نساء المؤمنين في الجنة نسأل الله أن يجعلنا من أهلها؛
لما وصف الله الحور العين في القرآن امتدحهن بصفة هي حقا صفة مدح؛ ومعلوم أن أحدنا إذا طلب منه مدح أو وصف أحد بما فيه من المكارم فإنه يذكر أحسن ما فيه من هذه المكارم..
فالله لما امتدح الحور العين قال عنهن ﴿ حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ ﴾ أي لا يخرجن من بيوتهن...! هذا في الجنة حيث لا شياطين ولا سيآت ولا نية سيئة ولا.. ولا.. ولا .....!!
إن المرأة لم تخرج من بيتها إلا في العصر الحديث على يد الآثم "آثم أمين " – أتعمد كتابتها بالثاء – وصفية زغلول وزوجها سعد زغلول بدعوى تحرير المرأة؛فكانت قبل ذلك وحتى عام 1919 تقريبا تمتثل أمر ربها سبحانه وتعالى ﴿ وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ﴾ ولكنها خرجت وإنا لله وإنا إليه راجعون وخلعت برقع الحياء حتى صرنا اليوم نشاهد بنات ونساء المسلمين -إلا من رحم الله- يرتدين ملابس الكافرات من"البدي مثل (الكارينا) و(الهاف ستوماك) و(الاسترتش) و(الجينز) وحزام الوسط و(البنطالونات الساقطة وغير الساقطة والضيقة) و(الجيبات السك والاستريت) الضيقة جداً و(البارامودا) والملابس المفتوحة مثل (التونيك) و(الدريل) و(التوب) والملابس الشفافة مثل (الشيفون وغيره) والمزينة والمعطرة والملفتة للنظر والتي تجسد العورات مثل (الفيزون) إلى آخره" .
وهذا إن دل يدل على التبعية العمياء للكافرات وواضح جداً من أسماء هذه الملابس أنها من صنع خطوط الموضة التي يضعها اليهود والنصارى لإضلال المسلمات، وكل هذا لا مانع منه ما لم يكن فيه تشبه صريح بالكافرات وأن يكون للزوج فقط.
ولسنا ضد خروج المرأة من بيتها للضرورة ولكن إذا خرجت وجب عليها أن تلتزم بتعاليم الإسلام فلا تتزين ولا تظهر زينتها لتفتن المسلمين وأن تلتزم الحياء الذي هو خلق الإسلام وأن تغض بصرها وألا تلتفت في الطريق وأن لا تمشي في وسط الطريق وألا ترفع صوتها وألا تخضع بالقول إذا ما تعاملت مع الرجال وأن تلتزم بالحجاب الشرعي الكامل الذي أمر الله به نساء النبي ونساء المؤمنين وكل هذه التعاليم والضوابط سهلة ميسورة في التطبيق لأن الدين يسر كما اتفقنا وقد فرضها الله عليك أختي المسلمة من أجل مصلحتك؛ وكل هذه التعاليم والضوابط أمرك الله العليم الحكيم بها أيتها الأخت المسلمة لأنك غالية...نعم غالية، ولست كنساء الغرب الكافرات الفاسقات الفاجرات الزانيات اللاتي يختلطن بالرجال بل ويتخذن من أعراضهن سبيلا للرزق والمتعة المحرمة إن مثلهن كمثل المراحيض العامة "دورات المياة العامة" فهي مباحة لمن يريدها وقتما شاء فإذا قضى حاجته منها تركها قذرة نجسة، قال الله تعالى ﴿ وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلا عَظِيمًا (٢٧)يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الإنْسَانُ ضَعِيفًا ﴾
فالله قال عن الحوريات أنهن لا يخرجن من بيوتهن و إذا خرجن قال عز وجل عنهن ﴿ فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ ﴾ قاصرات الطرف أي لو خرجت فإنها تغض بصرها فلا ترى الرجال... سبحان الله هذا في الجنة...! فهذا حال أحسن الناس حالا.. أهل الجنة، أفلا نسير على سيرهم كي نلحق بهم.. نسأل الله أن يجعلنا من أهلها بغير حساب ولا سابقة عذاب... آمين.
فهذه الثلاثية دليل قاطع على أن الإختلاط محرم في دين الإسلام وأنه معصية يجب التوبة الفورية منها بل أعدها كثير أهل العلم أنها من الكبائر.. وسبحان الله كما قال السلف: إن من أضرار المعصية أنها تجر إلى معصية أخرى.
ولو تأملت أخي.. أختي هذه المعصية بل الكبيرة؛ لوجدت أنها يترتب عليها مفاسد عظيمة ومعاصٍ جسيمة وإليك بعضا منها:-