كثيرا ما يحلو للناس الحديث عن ألغاز الأرقام وما تحمل من دلالات وأحجيات ومن ذلك قولهم: من الواحد الذي لا ثاني له؟ ألا وهو الله سبحانه وتعالى، والاثنان اللذان لا ثالث لهما؟ الليل والنهار (وجعلنا الليل والنهار آيتين)، والثلاثة التي لا رابع لها؟ أعذار موسى مع الخضر ( في إعطاب السفينة وقتل الغلام وإقامة الجدار ) ... وما الستة التي لا سابع لها؟ الأيام التي خلق الله تعالى فيها الكون (ولقد خلقنا السموات والأرض في ستة أيام وما مسنا من لغوب)، وما السبعة التي لا ثامن لها؟ السموات السبع (الذي خلق سبع سموات طباقا ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت)، ومن الثمانية الذين لا تاسع لهم؟ حملة عرش الرحمن ( ويحمل عرش ربك يومئذٍ ثـمانية)، والتسعة اللاتي لا عاشر لها؟ معجزات موسى عليه السلام ( العصا واليد والطوفان والسنون والضفادع والدم والقمّل والجراد وشق البحر) .. الخ
موعظة حسنة
ومهما يكن السبب والسر في تلك الأعداد أو غيرها إلا أننا سنذكر هنا ثلاثيات وردت في الكتاب والسنة رأيت أن أجمعها وأقتصر على صحيحها، مما يسهل حفظه وما فيه إشارة إلى مكارم الأخلاق وجوامع الكلم وقطوف الأدب النبوي ، ولعلها تصلح أن تكون درسا أو خطبة قصيرة للأهل والأولاد في المنزل؛ فالتذاكر بالقرآن والسنة والسيرة النبوية من خير أعمال الناس ومما يقربهم إلى الله ، وتعد من مجالس الذكر التي تحفها الملائكة وفيها خير كثير وثواب جزيل من الله عزوجل .
أولا : ثلاثيات القرآن الكريم
ولعل من أشهر ما جاء مثلثا في محكم التنزيل قوله تعالى في وصف خلق الإنسان ( يخلقكم في بطون أمهاتكم خلقا من بعد خلق في ظلمت ثلاث) حيث اكتشف العلم الحديث أن الجنين يكون محاطا بثلاثة أغشية عدا ظلمة البطن والرحم والمشيمة .. ومن ثلاثيات عجائب الخلق أيضا أن الله عز وجل جعل ثلاثة أغشية تحيط بالدماغ ، وكذا الجلد يتألف من ثلاث طبقات رئيسة ، والأذن من ثلاثة أجزاء خارجية ووسطى وداخلية ، وبها ثلاث عُظيمات أساسية هي : المطرقة والسندان والركاب ، ويتألف جدار القلب من ثلاث طبقات، و يوجد في جسم الإنسان ثلاث أنواع من العضلات ومن الأوعية الدموية ، كما يقسم لسان الإنسان الى ثلاث أقسام وكذا السن ، ويحيط بكرة العين ثلاثة أغشية من الداخل .. الخ ، وأقسام النفس ثلاثة كما ورد في الكتاب : وهي النفس المطمئنة والنفس اللوامة ، والنفس الأمارة بالسوء ..
ونعود إلى ما ورد في القرآن الكريم من ثلاثيات حيث ذكر سبحانه أوقات الاستئذان: ( يأيها الذين آمنوا ليستئذنكم الذين ملكت أيمانكم والذين لم يبلغوا الحلم منكم ثلاث مرات من قبل صلاة الفجر وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة ومن بعد صلاة العشاء ثلاث عورات لكم )..
وجعل الله سبحانه آية زكريا على حمل زوجته ألا يكلم الناس ثلاث ليال سويا (قال رب اجعلي آية قال آيتك ألا تكلم الناس ثلاث ليال سويا) ، وجعل عدة المطلقة ثلاثة شهور ( والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء )، ووصف الله سبحانه كفر النصارى بقوله : (لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة وما من إله إلا إله واحد) عندما جعلوا لله ندا واعتنقوا عقيدة التثليث كفرا وجحودا ، وكان عدد الذين تخلفوا ثلاثة تاب الله عليهم فيما بعد (وعلى الثلاثة الذين خلفوا حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت) الآية؛ وهم الذين تخلفوا عن غزوة تبوك من دون عذر وهم هلال بن أمية وكعب بن مالك ومرارة بن الربيع..
واستخلص أهل العلم من كتاب الله ثلاث خصال من كن فيه كن عليه: المكر:( وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ) ، والبغى (إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنفُسِكُم)، والنكث) فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَى نَفْسِهِ)..