قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين: ( إن كثيراً من الناس تضيع أوقاتهم في العيد بالسهرات والرقصات الشعبية، واللهو واللعب، وربما تركوا أداء الصلوات في أوقاتها أو مع الجماعة، فكأنهم يريدون بذلك أن يمحوا أثر رمضان من نفوسهم إن كان له فيها أثر، ويجددوا عهدهم مع الشيطان الذي قل تعاملهم معه في شهر رمضان ).
ولأن عيدنا المبارك عيد فرح وسرور ، وبهجة وحبور ، وشكر للغفور، منَّ الله به علينا بعد موسم التجارة مع الله ، فمن فاز فيه وربح فعيده جائزة أما من خسر في رمضان فرغم أنفه وخاب وخسر (نسأل الله السلامة ) ، ضيفتنا لهذا الشهر هي الدكتورة : إبتسام القرني سنتناول خلال حوارنا معها أحكام العيد وسننه ، ومعانيه ، وموقف الداعية من العيد وما يقع فيه من مخالفات ،وعلى أمل أن ينال رضا الله أولاً ثم رضاكم يا زوار الموقع الكرام ..
--------------------
ضيفتنا هي الدكتورة ابتسام بالقاسم عايض القرني ، ومتزوجة وأم لثلاث بنات : سمية ، و روان، وجمانة ، وأستاذ مساعد في كلية الشريعة بجامعة أم القرى ، فحيهلاً بكم جميعاً ..
--------------------
س1 / للعيد سنن وأحكام وآداب خاصة لابد لكل مسلم إتباعها . يا حبذا لو تعطينا فكرة موجزة عنها .
ذكر العلماء جملة من الأحكام والسنن عن أحكام العيدين , ومنها :
1. التكبير من غروب شمس آخر ليلة من رمضان : فالتكبير من أظهر الشعائر في العيد قال تعالى:{ وَلِتُكَبّرُوا الله عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلّكُمْ تِشْكُرُونْ } [البقرة :185] لتكبروا الله على هدايته وتوفيقه للصيام والقيام , قال الصنعاني في سبل السلام : التكبير في العيدين مشروع عند الجماهير . انتهى ، فيغدوا المسلم إلى الصلاة مكبراً لله عز وجل معظماً، ويُكثِر من التكبير وذكر الله سبحانه وتعالى، ويرفع صوته بذلك إحياء لهذه الشعيرة في هذا اليوم , وكان ابن عمر- رضي الله عنهما- يكبر حتى يأتي المصلى ويكبر حتى يأتي الإمام ,وعن الزهري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخرج يوم الفطر فيكبر حتى يأتي المصلى، وحتى يقضي الصلاة، فإذا قضى الصلاة قطع التكبير. صححه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة ، وقال: وفي الحديث دليل على مشروعية ما جرى عليه عمل المسلمين من التكبير جهرا في الطريق إلى المصلى، وإن كان كثير منهم بدأوا يتساهلون بهذه السنة ، و الجهر بالتكبير هنا لا يُشرع فيه الاجتماع عليه بصوت واحد كما يفعله البعض،وكذلك كل ذكر يُشرع فيه رفع الصوت أو لا يُشرع،فلا يشرع فيه الاجتماع المذكور،ومن صيغ التكبير ما ورد عن ابن مسعود رضي الله عنه ، وأنه كان يقول : الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر، ولله الحمد. أخرجه ابن أبي شيبة ,قال الألباني في إرواء الغليل : وإسناده صحيح , وعن ابن عباس رضي الله عنهما: الله أكبر الله أكبر، ولله الحمد، الله أكبر وأجل، الله أكبرعلى ما هدانا. أخرجه البيهقي ,قال الألباني في إرواء الغليل : وسنده صحيح
2. الاغتسال يوم العيد : روى مالك في الموطأَ عن نافع : أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رضي الله عنه كَانَ يَغْتَسِلُ يَوْمَ الْفِطْرِ قَبْلَ أَنْ يَغْدُوَ إِلَى الْمُصَلَّى، قال ابن عبد البر في الاستذكار: كان ابن عمر، وسعيد بن المسيب ، وسالم بن عبد الله ، وعبيد الله بن عبد الله يغتسلون ويأمرون بالغسل للعيدين، وروي ذلك عن جماعة من علماء أهل الحجاز، والعراق ، والشام منهم علي بن أبي طالب ، وعبد الله بن عباس ، و علقمة ، والحسن ، وقتادة ، ومحمد بن سيرين، ومجاهد ،و مكحول واتفق الفقهاء على أنه حسن لمن فعله ، والطيب يجري عندهم منه ومن جمعهما فهو أفضل.
3. التجمل يوم العيد : روى البخاري في صحيحه عن عبد اللَّه بن عمر، رضي الله عنهما، قَالَ: أَخَذَ عُمَرُ جُبَّةً مِنْ إِسْتَبْرَقٍ تُبَاعُ فِي السُّوقِ فَأَخَذَهَا، فَأَتَى بِهَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ابْتَعْ هَذِهِ، تَجَمَّلْ بِهَا لِلْعِيدِ وَالْوُفُودِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : إِنَّمَا هَذِهِ لِبَاسُ مَنْ َلا خََلاقَ لَهُ، فَلَبِثَ عُمَرُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَلْبَثَ، ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِجُبَّةِ دِيبَاجٍ، فَأَقْبَلَ بِهَا عُمَرُ، فَأَتَى بِهَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّكَ قُلْتَ إِنَّمَا هَذِهِ لِبَاسُ مَنْ َلا خََلاقَ لَهُ، وَأَرْسَلْتَ إِلَيَّ بِهَذِهِ الْجُبَّةِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : تَبِيعُهَا أَوْ تُصِيبُ بِهَا حَاجَتَكَ. قال الشوكاني في النيل : ووجه الاستدلال بهذا الحديث على مشروعية التجمل للعيد تقريره صلى الله عليه وآله وسلم لعمر على أصل التجمل للعيد ، وقصر الإنكار على من لبس مثل تلك الحلة لكونها كانت حريرا . انتهى ,ولأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالاغتسال يوم الجمعة ، ولبس أحسن الثياب وقال: (إنه عيد)، فدل على أنه يسن التنظف ، وإبداء الهيئة الحسنة في الملبس، حتى يكون شهوده للعيد على أحسن ما يكون. قال ابن قدامة في المغني : وهذا يدل على أن التجمل عندهم في هذه المواضع كان مشهوراً ،وقال مالك : سمعت أهل العلم يستحبون الطيب ، والزينة في كل عيد.
4. استحباب الأكل قبل صلاة عيد الفطر: فيأكل تمرات وتراً قبل الخروج إلى صلاة العيد , وروى البخاري في صحيحه عن أَنَسِ بنِ مالك رضي الله عنه، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َلا يَغْدُو يَوْمَ الْفِطْرِ حَتَّى يَأْكُلَ تَمَرَاتٍ، ويأكلهن وِتراً، قال ابن حجر في الفتح : الحكمة في الأكل قبل الصلاة أن لا يظن ظان لزوم الصوم حتى يصلى العيد، وقيل: لما وقع وجوب الفطر عقب وجوب الصوم استحب تعجيل الفطر مبادرة إلى امتثال أمر الله تعالى،وقال أيضا : والحكمة في استحباب التمر لما في الحلو من تقوية البصر الذي يضعفه الصوم ، وأما جعلهن وتراً فللإشارة إلى وحدانية الله تعالى.
5. خروج النساء لصلاة العيد: عن أم عطية رضي اللَّه عنها قالت: (أمرنا رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم أن نخرجهن في الفطر والأضحى العواتق والحيّض وذوات الخدور فأما الحيّض فيعتزلن الصلاة) وفي لفظ: (المصلى ويشهدن الخير ودعوة المسلمين قلت: يا رسول اللَّه إحدانا لا يكون لها جلباب قال: لتلبسها أختها من جلبابها). رواه الجماعة ، وليس للنسائي فيه أمر الجلباب،ولمسلم وأبي داود في رواية: (والحيّض يكن خلف الناس يكبرن مع الناس) وللبخاري: (قالت أم عطية : كنا نؤمر أن نخرج الحيّض فيكبرن بتكبيرهن)،وقال الشوكاني في النيل :الأحاديث قاضية بمشروعية خروج النساء في العيدين إلى المصلى من غير فرق بين البكر، والثيب، والشابة ،والعجوز، والحائض، وغيرها ما لم تكن معتدة، أو كان في خروجها فتنة،أو كان لها عذر.
( وقد اختلف ) العلماء في ذلك على أقوال :
أحدها : أن ذلك مستحب وحملوا الأمر فيه على الندب ، ولم يفرقوا بين الشابة ، والعجوز ، وهذا قول أبي حامد من الحنابلة والجرجاني من الشافعية وهو ظاهر إطلاق الشافعي .
القول الثاني : التفرقة بين الشابة والعجوز قال العراقي : وهو الذي عليه جمهور الشافعية تبعا لنص الشافعي في المختصر .
والقول الثالث : أنه جائز غير مستحب لهن مطلقا ، وهو ظاهر كلام الإمام أحمد فيما نقله عنه ابن قدامة .
والقول الرابع : أنه مكروه وقد حكاه الترمذي عن الثوري وابن المبارك ، وهو قول مالك وأبي يوسف وحكاه ابن قدامة عن النخعي ويحيى بن سعيد الأنصاري ، وروى ابن أبي شيبة عن النخعي أنه كره للشابة أن تخرج إلى العيد .
القول الخامس : إنه حق على النساء الخروج إلى العيد حكاه القاضي عياض عن أبي بكر ، وعلي وابن عمر،وقد روى ابن أبي شيبة عن أبي بكر وعلي أنهما قالا : حق على كل ذات نطاق الخروج إلى العيدين ، والقول بكراهة الخروج على الإطلاق رد للأحاديث الصحيحة بالآراء الفاسدة ، وتخصيص الشواب يأباه صريح الحديث المتفق عليه وغيره .انتهى .
صفة خروج النساء :
يخرجن بعيدات عن الفتنة، فلا يتطيبن ، ولا يتزين زينة تفتن الناس، فإنها إن فعلت ذلك رجعت بوزر قد يكون أكثر من أجرها، وخير لمثل هذه التي تفتن وتُفتن أن تلزم بيتها، فقرارها في بيتها خير لها من الخروج , فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بشهود الصلاة مقيد بالضوابط الشرعية، في الملبس وفي الهيئة، وفي صفة الخروج وفي عزلهن عن الرجال وعدم اختلاطهن بهم فعن جابر رضي اللَّه عنه قال: (شهدت مع النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم يوم العيد فبدأ بالصلاة قبل الخطبة بغير أذان ولا إقامة ثم قام متوكئاً على بلال فأمر بتقوى اللَّه وحث على الطاعة ووعظ الناس وذكرهم ثم مضى حتى أتى النساء فوعظهن وذكرهن). رواه مسلم والنسائي
وفي لفظ لمسلم: (فلما فرغ نزل فأتى النساء فذكرهن).قال الشوكانى : وفيه أيضاً تمييز مجلس النساء إذا حضرن مجامع الرجال؛ لأن الاختلاط ربما كان سبباً للفتنة الناشئة عن النظر أو غيره.
6. مخالفة الطريق : روى عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، رَضِي اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ : كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا كَانَ يَوْمُ عِيدٍ خَالَفَ الطَّرِيقَ، قال في زاد المعاد: وكان صلى الله عليه وسلم يخالف الطريق يوم العيد، فيذهب في طريق، ويرجع في آخر، فقيل: ليسلم على أهل الطريقين، وقيل: لينال بركته الفريقان، وقيل: ليقضي حاجة من له حاجة منهما، وقيل: ليظهر شعائر الإسلام في سائر الفجاج والطرق، وقيل: ليغيظ المنافقين برؤيتهم عزة الإسلام وأهله، وقيام شعائره، وقيل: لتكثر شهادة البقاع،فإن الذاهب إلى المسجد والمصلى إحدى خطوتيه ترفع درجة، والأخرى تحط خطيئة حتى يرجع إلى منزله، وقيل وهو الأصح: إنه لذلك كله، ولغيره من الحكم التي لا يخلو فعله عنها.
ومن الأحكام المتعلقة بالعيد أيضا:
7. إخراج زكاة الفطر: وهي مفروضة على الذكر والأنثى، والصغير والكبير، والحر والعبد، فمن كان عنده فضل عن قوته وقوت عياله؛ فيجب عليه أن يخرج عن نفسه ، وعمن تلزمه نفقته صاعاً من طعام ، وشرعت هذه الزكاة طهرة للصائم من اللغو والرفث، فهي مكملة للصيام، وطعمة للفقراء والمساكين وإغناء لهم عن السؤال في يوم العيد.
8. حكم التهنئة بالعيد : قال ابن باز: لا حرج أن يقول المسلم لأخيه في يوم العيد أو غيره تقبل الله منا ومنك أعمالنا الصالحة ، ولا أعلم في هذا شيئا منصوصاً ، وإنما يدعو المؤمن لأخيه بالدعوات الطيبة؛ لأدلة كثيرة وردت في ذلك، وقال ابن عثيمين : التهنئة بالعيد جائزة، وليس لها تهنئة مخصوصة؛بل ما اعتاده الناس فهو جائز ما لم يكن إثماً، وقال أيضا: التهنئة بالعيد قد وقعت من بعض الصحابة رضي الله عنهم ، وعلى فرض أنها لم تقع فإنها الآن من الأمور العادية التي اعتادها الناس، يهنئ بعضهم بعضاً ببلوغ العيد واستكمال الصوم والقيام ؛ لكن الذي قد يؤذي ولا داعي له هو مسألة التقبيل، فإن بعض الناس إذا هنأ بالعيد يقبل، وهذا لا وجه له، ولا حاجة إليه فتكفي المصافحة والتهنئة، وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية كما في مجموع الفتاوى : هل التهنئة في العيد ما يجري على ألسنة الناس : عيدك مبارك ، وما أشبهه ، هل له أصل في الشريعة أم لا ؟ وإذا كان له أصل في الشريعة ، فما الذي يقال ، أفتونا مأجورين ؟ فأجاب : أما التهنئة يوم العيد يقول بعضهم لبعض إذا لقيه بعد صلاة العيد : تقبل الله منا ومنكم ، وأحاله الله عليك ، ونحو ذلك فهذا قد روي عن طائفة من الصحابة أنهم كانوا يفعلونه ، ورخص فيه الأئمة كأحمد وغيره ، لكن قال أحمد : أنا لا ابتدئ أحداً ، فإن ابتدرني أحد أجبته ، وذلك ؛ لأنه جواب التحية واجب ، وأما الابتداء بالتهنئة فليس سنة مأمور بها ، ولا هو أيضاً مما نُهي عنه ، فمن فعله فله قدوة ، ومن تركه فله قدوة .
9. تحريم صيام يوم الفطر: ففي البخاري عن أبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ رضي الله عنه ، عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم : ََلا صَوْمَ فِي يَوْمَيْنِ: الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى، وقد نقل النووي الإجماع على تحريم صوم يومي عيد الفطر و الأضحى .
س 2/ العيد له معانٍ عديدة ، فهو شعيرة من شعائر الإسلام العظام ، فما هي معاني العيد لدى المسلمين ؟
عيد الفطر شعيرة إسلامية تظهر فيها العبودية لله باتخاذه عيداً دون سواه وحرمة صيامه، والتأدب بأحكامه ، وإظهار الفرح به , وتبرز فيه المعاني الاجتماعية المتنوعة ؛ كالتواصل بين أفراد المجتمع , شرعه الله ليتوسع فيه العباد بالمباحات ويتقربوا إلى ربهم بالطاعات، ويشكروا الله تعالى على ما أنعم عليهم به من تسهيل صيام رمضان في عيد الفطر وسؤال قبوله، عن أَنَسٍ رضي اللَّهُ عنه قال: قَدمَ رسولُ الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم المدينة وَلهُم يَوْمان يَلْعبُون فيهما فقَالَ: "قَدْ أَبْدلَكمُ الله بِهِمَا خَيْراً منهما: يومَ الأضحْى ويوْمَ الْفِطْر" أَخْرَجَهُ أَبو داوُد والنسائي بإسنْادٍ صحيح ، قال في سبل السلام : وفيه دليل على أن إظهار السرور في العيدين مندوب، وأن ذلك من الشريعة التي شرعها الله لعباده، إذ في إبدال عيد الجاهلية بالعيدين المذكورين دلالة على أنه يفعل في العيدين المشروعين ما تفعله الجاهلية في أعيادها، وإنما خالفهم في تعيين الوقتين ، قلت : هكذا في الشرح ومراده من أفعال الجاهلية ما ليس بمحظور، ولا شاغل عن طاعة،وأما التوسعة على العيال في الأعياد بما حصل لهم من ترويح البدن وبسط النفس من كلف العبادة فهو مشروع.
ويلاحظ أن أعياد المسلمين يختم بهما عبادات تعد من أركان الإسلام ودعائم الدين , فعيد الفطر جاء بعد صيام رمضان و عيد الأضحى جاء في الحج الذي فيه عبادة الحج للحاج، والأضحية ، وصيام عرفة، وغيرها لغير الحاج, لتكون أعياد المسلمين علامة على شكر الله بقبول العبادة، والعون على أدائها فالأعياد والفرح ترتبط عندنا بتمام الطاعات .
س3 / بماذا يفرح المؤمن ولماذا الفرح ؟
يفرح المؤمن الطائع بقدوم مواسم الخيرات، والطاعات ليزيد رصيده , ويفرح المؤمن المعتز بدينه بإقامة شعائر الدين , ويفرح المؤمن الواثق بموعود الله بمشاركته في نصرة الدين , يفرح المؤمن بقدوم عيدي الفطر والأضحى ؛ لأنها من شعائر الدين وختام للطاعات و يستكمل المؤمن فرحه حين يستلم كتابه بيمنه ، فالطالب لا يزال في قلق حتى يستلم نتيجته ويطمئن على معدله، وهذا حال المؤمن في الدنيا.
س4 / هناك بعض المفاهيم المغلوطة لدى البعض عن العيد فمنهم من يقول أن العيد للأطفال ، ومنهم من حطمه اليأس وأغتاله التشاؤم من حال الأمة اليوم . فما نصيحتكِ لهؤلاء وغيرهم ، وكيف للداعية أن تصحح تلك المفاهيم ؟
سبق بيان أن الأعياد شرعت ليتوسع فيها العباد بالمباحات ويتقربوا إلى ربهم بالطاعات، ويشكروا الله تعالى على ما أنعم عليهم به من تسهيل عبادات جليلة ,و شرع العيد في الإسلام ليتواصل المسلمون ويكون فرصة لصلة الأرحام بالزيارة ، والاتصال الهاتفي ، ورسائل الجوال، والوسائل الحديثة المتنوعة لتبادل التهاني , وتلمس حاجات المكروبين وتفقد أحوال الفقراء والمساكين وسد حاجتهم لكي يشاركوا الناس فرحة العيد, ولاشك أن الأطفال يحتلون مساحة كبيرة من فرحة العيد ؛ بل ينبغي أن نسعى لتعزيز هذا المعنى في نفوسهم،لكن لا يعني هذا قصر العيد عليهم ؛لأن العيد شرع لجميع المسلمين كبارا وصغارا , كما أن الأطفال لن يستكملوا فرحة العيد بدون مشاركة و توجيه من الكبار , أما من حطمه اليأس من تردي أوضاع الأمة فأوجه له سؤال : هل توقفت ، وانقطعت أعياد المسلمين عبر التاريخ للمدلهمات التي أصابتهم ؟! رغم أنه كان بين ظهرانيهم العلماء، و الأئمة،، والقادة , ثم إن العيد شرعه الله شريعة خالدة باقية, وتحقيق شعائر على الأرض و استشعار نعمة الله بالعيد والفرح به وفق ضوابط الشرع واستغلاله للدعوة إلى الله باب من أبواب نصرة الدين والتمكين للأمة .
س5/ ( لن تسرقوا أعيادنا ) لمن توجهين هذه العبارة ؟
لأعداء الدين و الملة و الدعاة - من بني جلدتنا و بألستنا - على أبواب جهنم.
س6/ عيد الداعية كيف يجب أن يكون ؟ وما الموقف الصحيح الذي يجب عليها أن تتخذه حيال بعض المخالفات في هذه الأيام المباركة ؟
ينبغي أن يكون عيدها كأعياد الصحابيات، و النساء الصالحات عبر تاريخنا المشرف ، وعلينا جميعا واجب النصح لكل ما يضاد أوامر الشرع سواء في العيد أو غيره .
س7/ مع إطلالة العيد السعيد تكثر التجمعات ، وتزداد الزيارات بين الأسر ، فهل يمكن أن تعرضي للقراء الكرام بعض الأفكار الدعوية التي يمكن أن تطبق في تجمعات العيد ؟
جمعت لكم بعض الأفكار التي استحسنتها و أرجو أن ينفع الله بها :
1/ إقامة أمسيات ثقافية على مستوى الأسر كبارا وصغارا .
2/ إقامة حفلة للأطفال يتخللها برامج هادفة ، وألعاب ترفيهية، وعروض مرئية عن العيد،وأحكامه ، وآدابه ، ومشروعيته ,ومن المسابقات التي يمكن أن تقدم للأطفال : أن يطلب من الطفل أن يرسم لوحة تعبر عن العيد ( من غير ذوات الأرواح ) مع كتابة بعض عبارات التهنئة بالعيد .
3/ زيارة المرضى في المستشفيات ، والأيتام في دور الملاحظة والتربية ورعاية الأيتام ، وتقديم الهدايا لهم وإدخال السرور عليهم.
4/ توزيع نشرة العيد التي تشتمل على آداب العيد.
5/ بطاقات التهنئة التي تتضمن فوائد ، أو عبارات هادفة منتقاة مثل التنبيه على فضل صيام ستة أيام من شوال.
6/ هدايا للوالدين ، وكبار السن من الأقارب .
7/ توزيع التمر ،وحلويات العيد من قبل الصغار في مصليات العيد مرفق معها بطاقات وأشرطة دعوية.
8/ توزيع هدايا والعاب وحلويات على الأطفال الفقراء مع الأشرطة والكتب النافعة
9/ الحرص على حضور الخدم ،والسائقين لمصلى العيد ؛ فالعيد حق لكل مسلم .
10/ رسائل الجوال من الوسائل الحديثة في المعايدة ,وحبذا أن نميز رسائلنا عن الآخرين بعبارة نافعة .
11/ تجهز بعض الهدايا من كتيبات ، وأشرطة بتغليف لطيف في مكان استقبال الضيوف .
12/ الحرص على الاهتمام بالإخوة، والأسر المغتربة ،وتهنئتهم بالعيد , فلذلك اثر كبير عليهم , وإدخالاً للسرور على قلوبهم.
13/ توزع هدية العيد على الجاليات مع كتب نافعة لتأليف قلوبهم ، ورائع أن تكون الهدية بطاقة جوال ليتصلوا على أهلهم ويهنئوهم بالعيد.
س8/ بعد انقضاء الشهر الكريم ( شهر رمضان المبارك ) مازالت الأنفس مقبلة على الخير ، ومدبرة عن الشر فهل لكم توجيهات ونصائح عامة للمسلمة في هذه الفترة ؟
أوصي نفسي أولا , وأخواتي ثانيا , أن لا ننقض غزلنا من بعد قوة أنكاثا , وأن نستحضر دائما قوله تعالى : { وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ * إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ * وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ * وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ اللَّهُ بِهِ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ * وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَلَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ }. [النحل:89-93]