منتدى عاصمة الجنوب منيحه
المبحث التاسع: وصايا النبي صلّى الله عليه وسلّم عند موته GWGt0-n1M5_651305796
منتدى عاصمة الجنوب منيحه
المبحث التاسع: وصايا النبي صلّى الله عليه وسلّم عند موته GWGt0-n1M5_651305796
منتدى عاصمة الجنوب منيحه
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى عاصمة الجنوب منيحه

مرحــباً يا زائر
 
بوابة عاصمة الجالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول


أبناء عاصمة الجنوب
أبناء عاصمة الجنوب


أبناء عاصمة الجنوب
المبحث التاسع: وصايا النبي صلّى الله عليه وسلّم عند موته Support
المواضيع الأخيرة
» احبك احبك احبك
المبحث التاسع: وصايا النبي صلّى الله عليه وسلّم عند موته I_icon_minitimeالثلاثاء 3 يناير 2017 - 7:36 من طرف ابوالاء

» ((بشرى لابناء منيحه في مصر ومنيحه ))
المبحث التاسع: وصايا النبي صلّى الله عليه وسلّم عند موته I_icon_minitimeالجمعة 23 ديسمبر 2016 - 0:44 من طرف ام مؤمن

» ارجو وضع ما يخص اللجنه الصحيه علي الصفحه الرئسيه للسهولة البحث
المبحث التاسع: وصايا النبي صلّى الله عليه وسلّم عند موته I_icon_minitimeالسبت 3 ديسمبر 2016 - 12:46 من طرف ام مؤمن

» الماضى الجميل
المبحث التاسع: وصايا النبي صلّى الله عليه وسلّم عند موته I_icon_minitimeالأربعاء 18 مايو 2016 - 2:17 من طرف محمدعبدالله

» وفاة المرحوم باذن الله الحاج|علي ابو رفيدى
المبحث التاسع: وصايا النبي صلّى الله عليه وسلّم عند موته I_icon_minitimeالأربعاء 18 مايو 2016 - 2:05 من طرف محمدعبدالله

» حالاتى وفاة بالقاهرة ليوم الاربعاء 4-5-2016
المبحث التاسع: وصايا النبي صلّى الله عليه وسلّم عند موته I_icon_minitimeالخميس 5 مايو 2016 - 13:18 من طرف soliman hassan soliman

» وفاة الحاج|صالح الجابرى
المبحث التاسع: وصايا النبي صلّى الله عليه وسلّم عند موته I_icon_minitimeالثلاثاء 26 أبريل 2016 - 1:20 من طرف محمدعبدالله

» حالاتى وفاة بالقاهرة ليوم الاربعاء20-4-2016
المبحث التاسع: وصايا النبي صلّى الله عليه وسلّم عند موته I_icon_minitimeالثلاثاء 26 أبريل 2016 - 1:18 من طرف محمدعبدالله

»  تصور
المبحث التاسع: وصايا النبي صلّى الله عليه وسلّم عند موته I_icon_minitimeالأحد 17 أبريل 2016 - 13:36 من طرف ابو عمرو

» حبيبــــــى يارســـــول اللــه
المبحث التاسع: وصايا النبي صلّى الله عليه وسلّم عند موته I_icon_minitimeالجمعة 15 أبريل 2016 - 17:22 من طرف احمدالوديان

» تسألوني عن حبيبي وعن حكاياتو ....... ؟؟؟ أحلى كلام
المبحث التاسع: وصايا النبي صلّى الله عليه وسلّم عند موته I_icon_minitimeالثلاثاء 12 أبريل 2016 - 23:45 من طرف كمال الدين حسين العبودي

» بتتعلم من الأيام .... مصيرك يوم حتتعلم .... بكى فيها يوم العيد الفنان المرهف الحس ود الأمين
المبحث التاسع: وصايا النبي صلّى الله عليه وسلّم عند موته I_icon_minitimeالثلاثاء 12 أبريل 2016 - 21:53 من طرف كمال الدين حسين العبودي

» وفاة حرم الحاج|عابدين أبعبدالله
المبحث التاسع: وصايا النبي صلّى الله عليه وسلّم عند موته I_icon_minitimeالثلاثاء 12 أبريل 2016 - 21:46 من طرف كمال الدين حسين العبودي

» من ديوان الشافعى
المبحث التاسع: وصايا النبي صلّى الله عليه وسلّم عند موته I_icon_minitimeالثلاثاء 5 أبريل 2016 - 18:17 من طرف ابو عمرو

» كــــــلام جميـــل
المبحث التاسع: وصايا النبي صلّى الله عليه وسلّم عند موته I_icon_minitimeالإثنين 4 أبريل 2016 - 12:40 من طرف احمدالوديان

المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 1 عُضو حالياً في هذا المنتدى :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 1 زائر

لا أحد

أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 82 بتاريخ الثلاثاء 1 أغسطس 2017 - 8:24
اللجنه الصحيه بالجمعايت الخيريه " الخصومات "
المبحث التاسع: وصايا النبي صلّى الله عليه وسلّم عند موته Untitl18
منيحه عاصمة الجنـــــــوب
منيحـه عاصمة الجنوب
فيكى دوبتى القلـوب
ياللى نيـلك جد يفـرح
خاصه فـى لحظة غروب

* * *
فيكى المناظر ميه ميه
مساحه خضرا نيل وميه
انتى مـن ربـى هديـه

انتى ساكنه فـى القلوب
* * *
الطيـور اللى فـ سماكـى
بتغنى والألحان تحاكـى
تتبسـط وتبـات حداكــــى
ماانتى مخزن للحبـوب
* * *
منيحه دى قريه جميله
متكونه من كام قبيله
وكلنا فـى الأصل عيله
وبت ما بتفرقنا الدروب
* * *
كلنا بالقـرب منـك
الله لا يبعدنـا عنـك
انتـى مخلوقه وكأنـك
اتخلقتى بدون عيـوب



كلمات الشاعــــر
عـطـا الله مكـــى
أبو عمـــــــرو 

شعر لأبن منيحه " منيحه يابحر الحنان "

مراسلتكم وطلباتكم




 

 المبحث التاسع: وصايا النبي صلّى الله عليه وسلّم عند موته

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
ابوعبدالله
عضو ماسى
عضو ماسى
ابوعبدالله


القبيلة : العدواب
الحالة الأجتماعية : الحصان عدد المساهمات : 451
تاريخ الميلاد : 06/04/1978
العمر : 46

المبحث التاسع: وصايا النبي صلّى الله عليه وسلّم عند موته Empty
مُساهمةموضوع: المبحث التاسع: وصايا النبي صلّى الله عليه وسلّم عند موته   المبحث التاسع: وصايا النبي صلّى الله عليه وسلّم عند موته I_icon_minitimeالأربعاء 28 سبتمبر 2011 - 21:53

المبحث التاسع: وصايا النبي صلّى الله عليه وسلّم عند موته
عن ابن عباس رضي عنهما قال: يوم الخميس وما يوم الخميس( ) اشتد برسول الله صلّى الله عليه وسلّم وجعه فقال: ”ائتوني أكتب لكم كتاباً لن تضلوا بعده أبداً“ فتنازعوا ولا ينبغي عند نبي التنازع [فقال بعضهم: إن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قد غلبه الوجع وعندكم القرآن حسبنا كتاب الله,] [فاختلف أهل البيت واختصموا فمنهم من يقول: قرِّبوا يكتب لكم كتاباً لا تضلوا بعده, ومنهم من يقوم غير ذلك, فلما أكثروا اللغو والاختلاف قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "[قوموا] وفي رواية: ”دعوني فالذي أنا فيه خير( ) مما تدعونني إليه] أوصيكم بثلاث: أخرجوا المشركين من جزيرة العرب, وأجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم به“( ) وسكت عن الثالثة أو قال فأنسيتها"( ) قال ابن حجر رحمه الله تعالى: "وأوصاهم بثلاث" أي في تلك الحالة, وهذا يدل على أن الذي أراد أن يكتبه صلّى الله عليه وسلّم لم يكن أمراً متحتماً؛ لأنه لو كان مما أُمر بتبليغه لم يتركه لوقوع اختلافهم ولعاقب الله من حال بينه وبين تبليغه, ولبلَّغه لهم لفظاً كما أوصاهم بإخراج المشركين وغير ذلك، وقد عاش بعد هذه المقالة أياماً وحفظوا عنه أشياء لفظاً فيحتمل أن يكون مجموعها ما أراد أن يكتبه والله أعلم( ).
والوصية الثالثة في هذا الحديث يحتمل أن تكون الوصية بالقرآن, أو الوصية بتنفيذ جيش أسامة رضي الله عنه. أو الوصية بالصلاة وما ملكت الأيمان, أو الوصية وما ملكت الأيمان، أو الوصية بأن لا يتخذ قبره صلّى الله عليه وسلّم وثناً يُعبد من دون الله, وقد ثبتت هذه الوصايا عنه صلّى الله عليه وسلّم( ).
وعن عبد الله بن أبي أوْفَى رضي الله عنه أنه سئل هل أوصى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم؟... قال: ”أوصى بكتاب الله عز وجل“( ). والمراد بالوصية بكتاب الله: حفظه حسّاً ومعنى, فيكرم ويصان, ويتبع ما فيه: فيعمل بأوامره, ويجتنب نواهيه, ويداوم على تلاوته وتعلمه وتعليمه ونحو ذلك( ).
وأمر عليه الصلاة والسلام وأوصى بإنفاذ جيش أسامة رضي الله عنه, وقد ذكر ابن حجر رحمه الله تعالى أنه كان تجهيز جيش أسامة يوم السبت قبل موت النبي صلّى الله عليه وسلّم بيومين, وكان ابتداء ذلك قبل مرض النبي صلّى الله عليه وسلّم, فندب الناس لغزو الروم في آخر صفر, ودعا أسامة وقال: ”سر إلى موضع مقتل أبيك فأوطئهم الخيل, فقد وليتك هذا الجيش...“ فبدأ برسول الله صلّى الله عليه وسلّم وجعه في اليوم الثالث فعقد لأسامة لواء بيده فأخذه أسامة, وكان ممن انتدب مع أسامة كبار المهاجرين والأنصار, ثم اشتد برسول الله صلّى الله عليه وسلّم وجعه فقال: ”أنفذوا جيش أسامة“ فجهزه أبو بكر بعد أن استخلف فسار عشرين ليلة إلى الجهة التي أمر بها, وقتل قاتل أبيه ورجع الجيش سالماً وقد غنموا..“( ).
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال: بعث النبي صلّى الله عليه وسلّم بعثاً وأمَّر عليهم أسامة بن زيد فطعن بعض الناس في إمارته فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: ”إن تطعنوا في إمارته فقد كنتم تطعنون في إمارة أبيه من قبل, وايم الله إن كان لخليقاً للإمارة( ) وإن كان لمن أحبِّ الناس إليَّ, وإنَّ هذا لمن أحبّ الناس إليَّ بعده“( ). وقد كان عُمْرُ أسامة رضي الله عنه حين توفي النبي صلّى الله عليه وسلّم ثمان عشر سنة( ).
وأوصي صلّى الله عليه وسلّم بالصلاة وما مكلت الأيمان, فعن أنس رضي الله عنه قال: كانت عامة وصية رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حين حضره الموت: ”الصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم“ حتى جعل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يغرغر صدره ولا يكاد يفيض بها لسانه“( ).
وعن علي رضي الله عنه قال: كان آخر كلام النبي صلّى الله عليه وسلّم: ”الصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم“( ).
وخلاصة القول: أن الدروس والفوائد والعبر في هذا المبحث كثيرة ومنها:
1 ـ وجوب إخراج المشركين من جزيرة العرب؛ لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم أوصى بذلك عند موته, وقد أخرجهم عمر رضي الله عنه في بداية خلافته, أما أبو بكر فقد انشغل بحروب الردة.
2 ـ إكرام الوفود وإعطاؤهم ضيافتهم كما كان النبي عليه الصلاة والسلام يفعل؛ لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم أوصى بذلك.
3 ـ وجوب العناية بكتاب الله حسّاً ومعنى: فيكرم, ويصان, ويتبع ما فيه في فيعمل بأوامره ويجتنب نواهيه, ويداوم على تلاوته, وتعلمه وتعليمه ونحو ذلك؛ لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم أوصى به في عدة مناسبات, فدل ذلك على أهميته أهمية بالغة مع سنة النبي صلّى الله عليه وسلّم.
4 ـ أهمية الصلاة؛ لأنها أعظم أركان الإسلام بعد الشهادتين؛ ولهذا أوصى بها النبي صلّى الله عليه وسلّم عند موته أثناء الغرغرة.
5 ـ القيام بحقوق المماليك والخدم ومن كان تحت الولاية؛ لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم أوصى بذلك فقال: ”الصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم“.
6 ـ فضل أسامة بن زيد حيث أمَّره النبي صلّى الله عليه وسلّم على جيش عظيم فيه الكثير من المهاجرين والأنصار, وأوصى بإنفاذ جيشه( ).
7 ـ فضل أبي بكر حيث أنفذ وصية رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في جيش أسامة فبعثه؛ لقوله تعالى: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}( ).

المبحث العاشر: اختياره صلّى الله عليه وسلّم الرفيق الأعلى
عن عائشة رضي الله عنها قالت: كنت أسمع أنه لا يموت نبي حتى يخيَّر بين الدنيا والآخرة, فسمعت النبي صلّى الله عليه وسلّم في مرضه الذي مات فيه وأخذته بُحَّةٌ( ) [شديدة] يقول: {مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَـئِكَ رَفِيقًا}( ) قالت فظننته خير حينئذ( ).
وفي رواية عنها رضي الله عنها أنها قالت: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وهو صحيح يقول: ”إنه لم يقبض نبي قط حتى يُرى مقعده من الجنة ثم يخيَّر“ قالت: فلما نزل برسول الله صلّى الله عليه وسلّم( ) ورأسه على فخذي غُشِيَ عليه ساعة ثم أفاق فأشخص بصرهُ إلى السقف ثم قال: ”اللهم في الرفيق الأعلى“ فقلت: إذاً لا يختارنا, وعرفت أنه حديثه الذي كان يحدثنا وهو صحيح, قالت: فكان آخر كلمة تكلم بها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ”اللهم مع الرفيق الأعلى“( ). وقالت رضي الله عنها: سمعت النبي صلّى الله عليه وسلّم وهو مسند إليَّ ظهره يقول: ”اللهم اغفر لي وارحمني, وألحقني بالرفيق الأعلى“( ) وكان صلّى الله عليه وسلّم متصل بربه وراغباً فيما عنده, ومحبّاً للقائه, ومحبّاً لما يحبه سبحانه, ومن ذلك السواك؛ لأنه مطهرة للفم مرضاة للرب، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: "إن من نعم الله عليَّ أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم توفي في بيتي, وفي يومي, وبين سحري( ), ونحري( )، وأن الله جمع بين ريقي وريقه عند موته, دخل عليَّ عبد الرحمن [بن أبي بكر] وبيده السواك وأنا مسندة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم [إلى صدري]( ) فرأيته ينظر إليه وعرفت أنه يحب السواك, فقلت: آخذه لك؟ ”فأشار برأسه أن نعم“ فتناولته فاشتد عليه, وقلتُ أُليّنه لك؟ ”فأشار برأسه أن نعم“ فلينته [وفي رواية: فقصمته, ثم مضغته( ) [وفي رواية فقضمته ونفضته وطيبته( ) ثم دفعته إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم فاستنَّ به( ) فما رأيت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم استن استناناً قَطْ أحسن منه]( ) وبين يديه ركوة( ) أو علبة( ) فيها ماء, فجعل يدخل يده في الماء فيمسح بها وجهه ويقول: ”لا إله إلا الله إن للموت سكرات“ ثم نصب يده فجعل يقول: ”في الرفيق الأعلى“ حتى قبض ومالت يده"( ) صلّى الله عليه وسلّم.
وقالت عائشة رضي الله عنها: مات النبي صلّى الله عليه وسلّم وإنه لبين حاقنتي( ) وذاقنتي( ), فلا أكره شدة الموت لأحد أبداً بعد النبي صلّى الله عليه وسلّم( ).
وخلاصة القول: أن الدروس والفوائد والعبر في هذا المبحث كثيرة, ومنها:
1 ـ إن الرفيق الأعلى: هم الجماعة المذكورون في قوله تعالى: {وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَـئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَـئِكَ رَفِيقًا}( ) فالصحيح الذي عليه جمهور أهل العلم أن المراد بالرفيق الأعلى هم الأنبياء الساكنون أعلى عليين. ولفظة رفيق تطلق على الواحد والجمع؛ لقوله تعالى: {وَحَسُنَ أُولَـئِكَ رَفِيقًا}( ).
2 ـ إن النبي صلّى الله عليه وسلّم اختار الرفيق الأعلى حين خُيِّر حبّاً للقاء الله تعالى, ثم حبّاً للرفيق الأعلى، وهو الذي يقول صلّى الله عليه وسلّم: ”من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه“( ).
3 ـ فضل عائشة رضي الله عنها حيث نقلت العلم الكثير عنه صلّى الله عليه وسلّم, وقامت بخدمته حتى مات بين سحرها ونحرها؛ ولهذا قالت: ”إن من نعم الله عليَّ أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم توفي في بيتي وفي يومي, وبين سحري ونحري“.
4 ـ عناية النبي صلّى الله عليه وسلّم بالسواك حتى وهو في أشد سكرات الموت, وهذا يدل على تأكد استحباب السواك؛ لأنه مطهرة للفم مرضاة للرب.
5 ـ قول النبي صلّى الله عليه وسلّم في سكرات الموت: ”لا إله الله إن للموت سكرات“ وهو الذي قد حقق لا إله إلا الله, يدل على تأكُّدِ استحبابها والعناية بها والإكثار من قولها وخاصة في مرض الموت؛ لأن ”من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة“.
6 ـ حرص النبي صلّى الله عليه وسلّم على مرافقة الأنبياء ودعاؤه بذلك يدل على أن المسلم ينبغي له أن يسأل الله تعالى أن يجمعه بهؤلاء بعد الموت في جنات النعيم, اللهم اجعلنا معهم برحمتك يا أرحم الراحمين.
7 ـ شدة الموت وسكراته العظيمة للنبي صلّى الله عليه وسلّم وقد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر, فما بالنا بغيره.

المبحث الحادي عشر: موت النبي صلّى الله عليه وسلّم شهيداً
عن عائشة رضي الله عنها قالت: "كان النبي صلّى الله عليه وسلّم يقول في مرضه الذي مات فيه: ”يا عائشة ما أزال أجد ألم الطعام( ) الذي أكلت بخيبر( ), فهذا أوان وجدت انقطاع أبْهَري( ) من ذلك السم“( ).
وقد عاش صلّى الله عليه وسلّم بعد أكله من الشاة المسمومة بخيبر ثلاث سنين حتى كان وجعه الذي قُبض فيه( ) وقد ذُكِرَ أن المرأة التي أعطته الشاة المسمومة أسلمت حينما قالت: من أخبرك؛ فأخبر صلّى الله عليه وسلّم أن الشاة المسمومة أخبرته, وأسلمت وعفى عنها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أولاً ثم قتلها بعد ذلك قصاصاً ببشر بن البراءة بعد أن مات رضي الله عنه( ) وقد ثبت الحديث متصلاً أن سبب موته صلّى الله عليه وسلّم هو السم, فعن أبي سلمة قال: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقبل ولا يأكل الصدقة فأهدت له يهودية بخيبر شاة مصلية سمَّتها, فأكل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم منها وأكل القول فقال: ”ارفعوا أيديكم فإنها أخبرتني أنها مسمومة“ فمات بشر بن البراء معرور الأنصاري, فأرسل إلى اليهودية: ”ما حملك على الذي صنعت“؟ قالت: إن كنت نبيّاً لم يضرك الذي صنعت, وإن كنت ملكاً أرحت الناس منك ”فأمر بها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقتلت“ ثم قال في وجعه الذي مات فيه: ”ما زلت أجد من الأكلة التي أكلت بخيبر فهذا أوان انقطاع أبهري“( ). وقالت أم بشر للنبي صلّى الله عليه وسلّم في مرضه الذي مات فيه: ما يتهم بك يا رسول الله؟ فإني لا أتهم بابني إلا الشاة المسمومة التي أكل معك بخيبر. وقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: ”وأنا لا أنهم بنفسي إلا ذلك فهذا أوان انقطاع أبهري“( ).
وقد جزم ابن كثير رحمه الله تعالى أن النبي صلّى الله عليه وسلّم مات شهيداً( ), ونقل: ”وإن كان المسلمون ليرون أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مات شهيداً مع ما أكرمه الله به من النبوة“( ). وقال ابن مسعود رضي الله عنه: "لئن أحلف تسعاً أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قتل قتلاً أحب إلي من أن أحلف واحدة أنه لم يقتل, وذلك؛ لأن الله اتخذه نبيّاً واتخذه شهيداً“( ).
وعن أنس رضي الله عنه أن أبا بكر رضي الله عنه كان يصلي بهم في وجع النبي صلّى الله عليه وسلّم الذي توفي فيه حتى إذا كلن يوم الاثنين وهم صفوف [في صلاة الفجر] ففجأهم النبي صلّى الله عليه وسلّم وقد كشف سِترَ حجرةِ عائشة رضي الله عنها [وهم في صفوف الصلاة] وهو قائم كأن وجهه ورقة مصحف( ) ثم تبسم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يضحك [وهم المسلمون أن يفتتنوا في صلاتهم فرحاً] [برؤية رسول الله صلّى الله عليه وسلّم] [فنكص( ) أبو بكر رضي الله عنه على عقبيه ليصل الصف, وظنَّ أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم خارج إلى الصلاة] [فأشار إليهم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم [بيده] أن أتموا صلاتكم [ثم دخل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم] [الحجرة] وأرخى الستر فتوفي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من يومه ذلك.
وفي رواية: [وتوفي من آخر ذلك اليوم]( ). وفي رواية: [لم يخرج النبي صلّى الله عليه وسلّم ثلاثاً]( ). فأقيمت الصلاة فذهب أبو بكر يتقدم, فقال نبي الله صلّى الله عليه وسلّم بالحجاب فرفعه فلما وضح وجه النبي صلّى الله عليه وسلّم ما نظرنا منظراً كان أعجب إلينا من وجه النبي صلّى الله عليه وسلّم حين وضح لنا, فأومأ النبي صلّى الله عليه وسلّم بيده إلى أبي بكر أن يتقدم وأرخى النبي صلّى الله عليه وسلّم الحجاب فلم يُقدر عليه حتى مات( ).
وخلاصة القول: أن الدروس والفوائد والعبر في هذا المبحث كثيرة, ومنها:
1 ـ موت النبي صلّى الله عليه وسلّم وانتقاله إلى الرفيق الأعلى شهيداً؛ لأن الله اتخذه نبيّاً واتخذه شهيداً صلّى الله عليه وسلّم.
2 ـ عداوة اليهود للإسلام وأهله ظاهرة من قديم الزمان فهم أعداء الله ورسله.
3 ـ عدم انتقام النبي صلّى الله عليه وسلّم لنفسه, بل يعفو ويصفح؛ ولهذا لم يعاقب من سمَّت الشاة المصلية, ولكنها قُتِلتْ بعد ذلك قصاصاً ببشر بن البراء بعد أن مات بِصُنعها.
4 ـ معجزة من معجزاته صلّى الله عليه وسلّم وهي أن لحم الشاة المصلية نطق وأخبر النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه مسموم.
5 ـ فضل الله تعالى على عباده أنه لم يقبض نبيهم إلا بعد أن أكمل به الدين وترك أمته على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك.
6 ـ محبة الصحابة رضي الله عنهم لنبيهم صلّى الله عليه وسلّم حتى أنهم فرحوا فرحاً عظيماً عندما كشف الستر في صباح يوم الاثنين وهو ينظر إليهم وصلاتهم فأدخل الله بذلك السرور في قلبه صلّى الله عليه وسلّم؛ لأنه ناصح لأمته يحب لهم الخير؛ ولهذا ابتسم وهو في شدة المرض فرحاً وسروراً بعملهم المبارك.

المبحث الثاني عشر: من يعبد الله فإن الله حي لا يموت
قال الله تعالى: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ}( ). {وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِّن قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِن مِّتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ}( ). {كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَما الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ}( ). {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ، وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ}( ).
مات محمد بن عبد الله أفضل الأنبياء والمرسلين صلّى الله عليه وسلّم وكان آخر كلمة تكلم بها عند الغرغرة كما قالت عائشة رضي الله عنها: أنه كان بين يديه ركوة أو علبة فيها ماء, فجعل يدخل يده صلّى الله عليه وسلّم في الماء فيمسح بها وجهه ويقول: ”لا إله إلا الله إن للموت سكرات“ ثم نصب يده فجعل يقول: ”في الرفيق الأعلى“ حتى قبض ومالت يده( ). فكان آخر كلمة تكلم بها: ”اللهم في الرفيق الأعلى“( ).
وعن عائشة رضي الله عنها زوج النبي صلّى الله عليه وسلّم أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مات وأبو بكر بالسُّنح( ) فقام عمر يقول: والله ما مات رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. قالت: وقال: والله ما كان يقع في نفسي إلا ذاك, وليبعثنَّه الله فلقطع أيدي رجال وأرجلهم( ), فجاء أبو بكر رضي الله عنه [على فرسه من مسكنه بالسُّنْح حتى نزل فدخل المسجد فلم يكلم الناس حتى دخل على عائشة رضي الله عنها فتيمم( ) رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وهو مغشَّى بثوب حِبرة( ) فكشف عن وجهه ثم أكب عليه فقبله( ) [ثم بكى] فقال: بأبي أنت وأمي [يا نبي الله] [طبت حيّاً وميتًا والذي نفسي بيده] [لا يجمع الله عليك موتتين]( ) [أبداً] [أما الموتة التي كُتبت عليك قد مُتَّها] [ثم] [خرج وعمر رضي الله عنه يكلم الناس فقال: [أيها الحالف على رسلك] [اجلس] [فأبى فقال: اجلس فأبى] [فتشهد أبو بكر] [فلما تكلم أبو بكر جلس عمر] [ومال إليه الناس وتركوا عمر] [فحمد الله أبو بكر وأثنى عليه] وقال: [أما بعد فمن كان منكم يعبد محمداً صلّى الله عليه وسلّم فإن محمداً قد مات, ومن كان يعبد الله فإن الله حيٌّ لا يموت, وقال الله تعالى: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ}( ) وقال: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ}( ) [فوا لله لكأن الناس لم يكونوا يعلموا أن الله أنزل هذه الآية حتى تلاها أبو بكر رضي الله عنه فتلقاها منه الناس كلهم فما أسمع بشراً من الناس إلا يتلوها [وأخبر سعيد بن المسيب] [أن عمر قال: والله ما هو إلا أن سمعت أبا بكر تلاها فعقرت( ) حتى ما تقلني رجلاي وحتى أهويت إلى الأرض حين سمعته تلاها علمت أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قد مات] [قال: ونشج الناس( ) يبكون, واجتمعت الأنصار إلى سعد بن عبادة في سقيفة بني ساعدة فقالوا: منَّا أمير ومنكم أمير( ), فذهب إليهم أبو بكر وعمر بن الخطاب وأبو عبيدة بن الجراح, فذهب عمر يتكلم فأسكته أبو بكر , وكان عمر يقول: والله ما أردت بذلك إلا أني قد هيَّأت كلاماً قد أعجبني خشيت أن لا يبلغه أبو بكر. ثم تكلم أبو بكر فتكلم أبلغ الناس فقال في كلامه: نحن الأمراء وأنتم الوزراء, فقال حباب بن المنذر: لا والله لا نفعل منَّا أمير ومنكم أمير, فقال أبو بكر: لا ولكنا الأمراء وأنتم الوزراء, هم أوسط العرب داراً وأعربهم أحساباً( ) فبايعوا عمر أو أبا عبيدة فقال عمر: بل نبايعك أنت فأنت سيدنا وخيرنا وأحبنا إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم, فأخذ عمر بيده فبايعه وبايعه الناس, فقال قائل: قتلتم سعد بن عبادة, فقال عمر: قتله الله( ).
قالت عائشة رضي الله عنها: في شأن خطبة أبي بكر وعمر في يوم موت النبي صلّى الله عليه وسلّم: فما كان من خطبتهما من خطبة إلا نفع الله بها, فلقد خوَّف عمر الناس وإن فيهم لنفاقاً فردهم الله بذلك, ثم لقد بصَّر أبو بكر الناس الهُدى وعرَّفهم الحق الذي عليهم وخرجوا به يتلون {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ}( ). وخطب عمر ثم أبو بكر يوم الثلاثاء خطبة عظيمة مفيدة نفع الله بها والحمد لله.
قال أنس بن مالك رضي الله عنه: لما بويع أبو بكر في السقيفة وكان الغد جلس أبو بكر على المنبر, وقام عمر فتكلم قبل أبي بكر, فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله, ثم قال: أيها الناس إني كنت قلت لكم بالأمس مقالة( ) ما كانت وما وجدتها في كتاب الله, ولا كانت عهداً عهدها إليَّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم, ولكني كنت أرى أن رسول الله سيدبر أمرنا – يقول: يكون آخرنا – وإن الله قد أبقى فيكم كتابه الذي هدى به رسول الله, فإن اعتصمتم به هداكم الله لما كان هداه الله له, وإن الله قد جمع أمركم على خيركم صاحب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم, وثاني اثنين إذ هما في الغار فقوموا فبايعوه, فبايع الناس أبا بكر رضي الله عنه البيعة العامة بعد بيعة السقيفة. ثم تكلم أبو بكر, فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ثم قال: ”أما بعد, أيها الناس فإني وليت عليكم ولست بخيركم( ) فإن أحسنت فأعينوني, وإن أسأت فقوِّموني، الصدق أمانة، والكذب خيانة, والضعيف منكم قوي عندي حتى أزيح علته( ) إن شاء الله, والقوي فيكم ضعيف حتى آخذ منه الحق إن شاء الله, لا يدع قوم الجهاد في سبيل الله إلا ضربهم الله بالذل, ولا يشيع قوم قط الفاحشة إلا عمهم الله بالبلاء, أطيعوني ما أطعت الله ورسوله, فإذا عصيت الله ورسوله فلا طاعة لي عليكم, قوموا إلى صلاتكم يرحمكم الله“( ) ثم استمر الأمر لأبي بكر والحمد لله.
وقد بُعِثَ صلّى الله عليه وسلّم فبقي بمكة يدعو إلى التوحيد ثلاث عشرة سنة يُوحى إليه, ثم هاجر إلى المدينة وبقي بها عشر سنين, وتوفي وهو ابن ثلاث وستين سنة صلى الله عليه وآله وسلم( ).
ورجح الإمام ابن كثير رحمه الله تعالى أن آخر صلاة صلاها صلّى الله عليه وسلّم مع أصحابه رضي الله عنهم هي صلاة الظهر يوم الخميس, وقد انقطع عنهم عليه الصلاة والسلام يوم الجمعة, والسبت, والأحد، وهذه ثلاثة أيام كوامل( ).
وبعد موته صلّى الله عليه وسلّم وخطبة أبي بكر رضي الله عنه دارت مشاورات – كما تقدم – وبايع الصحابة رضي الله عنهم أبا بكر في سقيفة بني ساعدة, وانشغل الصحابة ببيعة الصديق بقية يوم الاثنين, ويوم الثلاثاء, ثم شرعوا في تجهيز رسول الله صلّى الله عليه وسلّم( ) وغُسل من أعلى ثيابه, وكفن في ثلاثة أثواب بيض سحولية ليس فيها قميص ولا عمامة, ثم صلى عليه الناس فرادى لم يؤمهم أحد, وهذا أمر مجمع عليه: صلى عليه الرجال, ثم الصبيان, ثم النساء, والعبيد والإماء, وتوفي يوم الاثنين على المشهور( ), ودفن ليلة الأربعاء, أُلحد لحداً صلّى الله عليه وسلّم ونصب عليه اللبن نصباً( ), ورُفع قبره من الأرض نحواً من شبر( ), وكان قبره صلّى الله عليه وسلّم مسنماً( ), وقد تواترت الأخبار أنه دفن في حجرة عائشة رضي الله عنها شرقي مسجده صلّى الله عليه وسلّم في الزاوية الغربية القبلية من الحجرة, ووسع المسجد النبوي الوليد بن عبد الملك عام 86هـ وقد كان نائبه بالمدينة عمر بن عبد العزيز فأمره بالتوسعة فوسعه حتى من ناحية الشرق فدخلت الحجرة النبوية فيه( ).

وخلاصة القول: أن الدروس والفوائد والعبر في هذا المبحث كثيرة، ومنها:
1 ـ إن الأنبياء والرسل أحب الخلق إلى الله تعالى وقد ماتوا؛ لأنه لا يبقى على وجه الكون أحد من المخلوقات, وهذا يدل على أن الدنيا متاع زائل, ومتاع الغرور الذي لا يدوم, لا يبقى للإنسان من تعبه وماله إلا ما كان يبتغي به وجه الله تعالى, وما عدا ذلك يكون هباءً منثوراً.
2 ـ حرص النبي صلّى الله عليه وسلّم أن يكون مع الرفيق الأعلى؛ ولهذا سأل الله تعالى ذلك مرات متعددة، وهذا يدل على عظم هذه المنازل لأنبيائه وأهل طاعته.
3 ـ استحباب تغطية الميت بعد تغميض عينيه, وشد لحييه؛ ولهذا سجِّي وغطي النبي صلّى الله عليه وسلّم بثوب حبرة.
4 ـ الدعاء للميت بعد موته؛ لأن الملائكة يؤمنون على ذلك؛ ولهذا قال أبو بكر رضي الله عنه للنبي صلّى الله عليه وسلّم: ”طبت حيّاً وميتاً“.
5 ـ إذا أصيب المسلم بمصيبة فليقل: ”إنا لله وإنا إليه راجعون, اللهم أجرني في مصيبتي واخلف لي خيراً منها“.
6 ـ جواز البكاء بالدمع والحزن بالقلب.
7 ـ النهي عن النياحة وشق الجيوب وحلق الشعر ونتفه والدعاء بدعوى الجاهلية وكل ذلك معلوم تحريمه بالأدلة الصحيحة.
8 ـ إن الرجل وإن كان عظيماً قد يفوته بعض الشيء ويكون الصواب مع غيره, وقد يخطئ سهواً ونسياناً.
9 ـ فضل أبي أبو بكر وعلمه وفقهه؛ ولهذا قال: ”من كان يعبد محمداً فإن محمداً قد مات, ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت“.
10 ـ أدب عمر رضي الله عنه وأرضاه وحسن خلقه؛ ولهذا سكت عندما قام أبو بكر يخطب ولم يعارضه بل جلس يستمع مع الصحابة رضي الله عن الجميع.
11 ـ حكمة عمر العظيمة في فض النزاع في سقيفة بني ساعدة, وذلك أنه بادر فأخذ بيد أبي بكر فبايعه فانصب الناس وتتابعوا في مبايعة أبي بكر, وانفض النزاع والحمد لله تعالى.
12 ـ بلاغة أبي بكر فقد تكلم في السقيفة فأجاد وأفاد حتى قال عمر عنه: ”فتكلم أبلغ الناس“.
13 ـ قد نفع الله بخطبة عمر يوم موت البني صلّى الله عليه وسلّم قبل دخول أبي بكر فخاف المنافقون، ثم نفع الله بخطبة أبي بكر فعرف الناس الحق.
14 ـ ظهرت حكمة أبي بكر وحسن سياسته في خطبته يوم الثلاثاء بعد الوفاة النبوية, وبين أن الصدق أمانة والكذب خيانة, وأن الضعيف قوي عنده حتى يأخذ له الحق, والقوي ضعيف عنده حتى يأخذ منه الحق, وطالب الناس بالطاعة له إذا أطاع الله ورسوله, فإذا عصى الله ورسوله فلا طاعة لهم عليه.
15 ـ حكمة عمر رضي الله عنه وشجاعته العقلية والقلبية حيث خطب الناس قبل أبي بكر ورجع عن قوله بالأمس واعتذر, وشد من أزر أبي بكر، وبين أن أبا بكر صاحب رسول الله وأحب الناس إليه, وثاني اثنين إذ هما في الغار.
16 ـ استحباب بياض الكفن للميت, وأن يكون ثلاثة أثواب ليس فيها قمص ولا عمامة, وأن يلحد لحداً, وأن ينصب عليه اللبن نصباً, وأن يكون مسنماً بقدر شبر فقط.

المبحث الثالث عشر: مصيبة المسلمين بموته صلّى الله عليه وسلّم
من المعلوم يقيناً أن محبة النبي صلّى الله عليه وسلّم محبة كاملة من أعظم درجات الإيمان الصادق؛ ولهذا قال صلّى الله عليه وسلّم: ”لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده, ووالده, والناس أجمعين“( ). فإذا فقد الإنسان أهله, أو والده, أو ولده, لا شك أن هذه مصيبة عظيمة من مصائب الدنيا, فكيف إذا فقدهم كلَّهم جميعاً في وقت واحد؟
ولا شك أن مصيبة موت النبي صلّى الله عليه وسلّم أعظم المصائب على المسلمين؛ ولهذا جاءت الأحاديث الصحيحة بذلك, فعن عائشة رضي الله عنها قالت: فتح رسول الله صلّى الله عليه وسلّم باباً بينه وبين الناس, أو كشف ستراً فإذا الناس يصلون وراء أبي بكر, فحمد الله على ما رآه من حسن حالهم, ورجاء أن يخلفه الله فيهم بالذي رآهم, فقال: ”يا أيها الناس أيما أحد من الناس أو من المؤمنين أُصيب بمصيبة فلْيتعزَّ بمصيبته بي عن المصيبة التي تصيبه بغيري؛ فإن أحداً من أُمتي لن يُصاب بمصيبة أشدَّ عليه من مُصيبتي“( ).
وعن أنس رضي الله عنه قال: "لما كان اليوم الذي دخل فيه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم المدينة أضاء منها كل شيء( ), فلما كان اليوم الذي مات فيه أظلم منها كل شيء, وما نفضنا عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الأيدي( ) وإنا لفي دفنه( ) حتى أنكرنا( ) قلوبنا"( ).
وعن أنس رضي الله عنه قال: قال أبو بكر رضي الله عنه – بعد وفاة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم – لعمر: انطلق بنا إلى أمِّ أيمن نزورها كما كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يزورها، فلما انتهيا إليها بكت فقالا لها: ما يبكيك؟ فما عند الله خير لرسوله صلّى الله عليه وسلّم. قالت: إني لأعلم أن ما عند الله خير لرسوله صلّى الله عليه وسلّم, ولكن أبكي أن الوحي قد انقطع من السماء, فهيجتهما على البكاء فجعلا يبكيان معها( ).
وما أحسن ما قال القائل:
اصبر لكلِّ مصيبة وتجلد
واعلم بأن المرء غير مخلَّد

فإذا ذكرت مصيبة تسلو بها
فاذكر مصابك بالنبي محمد


وخلاصة القول: أن الدروس والفوائد والعبر المستفاد هذا المبعث كثيرة, ومنها:
1 ـ موت النبي صلّى الله عليه وسلّم أعظم مصيبة أصيب بها المسلمون.
2 ـ إنكار الصحابة قلوبهم بعد موت النبي صلّى الله عليه وسلّم؛ لفراقهم نزول الوحي وانقطاعه من السماء.
3 ـ النبي صلّى الله عليه وسلّم أحب إلى المسلمين من النفس, والولد, والوالد, والناس أجمعين, وقد ظهر ذلك عند موته بين القريب والبعيد من أصحاب النبي صلّى الله عليه وسلّم, بل وجميع المسلمين.
4 ـ محبة الصحابة للإقتداء والتأسي برسول الله صلّى الله عليه وسلّم في كل شيء من أمور الدين حتى في زيارة النساء كبار السن, كما فعل أبو بكر وعمر رضي الله عنهما.

المبحث الرابع عشر: ميراثه صلّى الله عليه وسلّم
عن عمرو بن الحارث رضي الله عنه قال: "ما ترك رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عند موته: دِرْهماً, ولا ديناراً, ولا عبداً, ولا أمَةً, ولا شيئاً, إلا بغلته البيضاء [التي كان يركبها] وسلاحه, [وأرضاً بخيبر] جعلها [لابن السبيل] صدقة"( ). وعن عائشة رضي الله عنها قالت: ما ترك رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ديناراً، ولا درهماً، ولا شاة، ولا بعيراً، ولا أوصى بشيء( )"( ).
وقال صلّى الله عليه وسلّم: ”لا نورث ما تركنا فهو صدقة“( ) وذلك لأنه لم يبعث صلّى الله عليه وسلّم جابياً للأموال وخازناً إنما بعث هادياً, ومبشراًًً، ونذيراً, وداعياً إلى الله بإذنه, وسراجاً منيراً, وهذا هو شأن أنبياء الله ورسله عليهم الصلاة والسلام؛ ولهذا قال صلّى الله عليه وسلّم: ”إن العلماء ورثة الأنبياء, إن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً إنما ورثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظٍّ وافر“( ).
وقد فهم الصحابة رضي الله عنهم ذلك, فعن سليمان بن مهران: بينما ابن مسعود رضي الله عنه يوماً معه نفر من أصحابه إذ مرّ أعرابي فقال: على ما اجتمع هؤلاء؟ قال ابن مسعود رضي الله عنه: "على ميراث محمد صلّى الله عليه وسلّم يقسّمونه"( ).
فميراث النبي صلّى الله عليه وسلّم هو الكتاب والسنة والعلم والاهتداء بهديه صلّى الله عليه وسلّم؛ ولهذا توفي صلّى الله عليه وسلّم ولم يترك درهماً, ولا ديناراً, ولا عبداً, ولا أمة, ولا بعيراً, ولا شاة, ولا شيئاً, إلا بغلته وأرضاً جعلها صدقة لابن السبيل.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: "توفي النبي صلّى الله عليه وسلّم ودرعه مرهونة عند يهودي بثلاثين صاعاً من شعير"( ). وهذا يبين أن النبي صلّى الله عليه وسلّم كان يتقلل من الدنيا, ويستغني عن الناس؛ ولهذا لم يسأل الصحابة أموالهم أو يقترض منهم؛ لأن الصحابة لا يقبلون رهنه وربما لا يقبضوا منه الثمن, فعدل إلى معاملة اليهودي؛ لئلا يضيِّق على أحد من أصحابه صلّى الله عليه وسلّم( ). وقد كان صلّى الله عليه وسلّم يصيبه الجوع وهو حي؛ ولهذا يمر ويمضي الشهر والشهران وما أوقدت في أبيات رسول الله صلّى الله عليه وسلّم نار, قال عروة لعائشة رضي الله عن الجميع: ما كان يقيتكم؟ قالت: "الأسودان: التمر والماء..."( ). ومع هذا كان يقول صلّى الله عليه وسلّم: ”مالي وللدنيا ما مثلي ومثل الدنيا إلا كراكب سار في يوم صائف فاستظل تحت شجرة ساعة من نهار ثم راح وتركها“( ).
وخلاصة القول: أن الدروس والفوائد والعبر في هذا المبحث كثيرة, ومنها:
1 ـ الأنبياء عليهم الصلاة والسلام لم يبعثوا لجمع الأموال وإنما بعثوا لهداية الناس وإخراجهم من الظلمات إلى النور؛ لهذا لم يورثوا ديناراً ولا درهماً وإنما ورثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظ وافر.
2 ـ زهد النبي صلّى الله عليه وسلّم في الدنيا وحطامها الفاني؛ وإنما هو كالركب الذي استظل تحت شجرة ثم راح وتركها.
3 ـ استغناء النبي صلّى الله عليه وسلّم عن سؤال الناس فهو يقترض ويرهن حتى لا يكلف لي أصحابه؛ ولهذا مات ودرعه مرهونة في ثلاثين صاعاً من شعير.
4 ـ شدة الحال وقلة ما في اليد عند النبي صلّى الله عليه وسلّم؛ ولهذا يمضي الشهر والشهران ولم توقد في أبياته نار, وإنما كان يقيتهم الأسودان.
فصلوات الله وسلامه عليه ما تعاقب الليل والنهار, وأسأل الله العلي العظيم أن يجعلنا من أتباعه المخلصين, وأن يحشرنا في زمرته يوم الدين.

المبحث الخامس عشر: حقوقه صلّى الله عليه وسلّم على أمته
للنبي الكريم صلّى الله عليه وسلّم حقوق على أمته وهي كثيرة, منها: الإيمان الصادق به صلّى الله عليه وسلّم قولاً وفعلاً وتصديقه في كل ما جاء به صلّى الله عليه وسلّم, وجوب طاعته والحذر من معصيته صلّى الله عليه وسلّم، ووجوب التحاكم إليه والرضى بحكمه, وإنزاله منزلته صلّى الله عليه وسلّم بلا غلو ولا تقصير, واتباعه واتخاذه قدوة وأسوة في جميع الأمور, ومحبته أكثر من النفس, الأهل والمال والولد والناس جميعاً, واحترامه وتوقيره ونصر دينه والذب عن سنته صلّى الله عليه وسلّم, والصلاة عليه؛ لقوله صلّى الله عليه وسلّم: ”إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة فيه: خلق آدم, وفيه النفخة, وفيه الصعقة, فأكثروا عليَّ من الصلاة فيه فإن صلاتكم معروضة عليَّ“ فقال رجل: يا رسول الله! كيف تعرض صلاتنا عليك وقد أرمت؟ يعني بليت. قال: ”إن الله حرَّم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء“( ).
وإليك هذه الحقوق بالتفصيل والإيجاز كالتالي:
1 ـ الإيمان الصادق به صلّى الله عليه وسلّم وتصديقه فيما أتى به قال تعالى: {فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنزَلْنَا وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ}( ), {فَآمِنُواْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ}( ), {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ وَيَجْعَل لَّكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}( ), {وَمَن لَّمْ يُؤْمِن بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَعِيرًا}( ), وقال صلّى الله عليه وسلّم: ”أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله ويؤمنوا بي وبما جئت به“( ).
والإيمان به صلّى الله عليه وسلّم هو تصديق نبوته, وأن الله أرسله للجن والإنس, وتصديقه في جميع ما جاء به وقاله, ومطابقة تصديق القلب بذلك شهادة اللسان, بأنه رسول الله, فإذا اجتمع التصديق به بالقلب والنطق بالشهادة باللسان ثم تطبيق ذلك العمل بما جاء به تمَّ الإيمان به صلّى الله عليه وسلّم( ).
2 ـ وجوب طاعته صلّى الله عليه وسلّم والحذر من معصيته, فإذا وجب الإيمان به وتصديقه فيما جاء به وجبت طاعته؛ لأن ذلك مما أتى به, قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنتُمْ تَسْمَعُونَ}( ), {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا}( ), {قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِن تَوَلَّوا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُم مَّا حُمِّلْتُمْ وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا}( ), {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}( ), {وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا}( ), {وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُّبِينًا}( ), {وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ، وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ}( ).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ”من أطاعني فقد أطاع الله ومن عصاني فقد عصى الله“( ), وعنه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ”كل الناس يدخل الجنة إلا من أبى, قالوا يا رسول الله! ومن يأبى؟ قال: من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى“( ).
وعن ابن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ”بعثت بين يدي الساعة بالسيف حتى يعبد الله وحده لا شريك له, وجُعِلَ رزقي تحت ظلِّ رمحي, وجُعِلَ الذِّلُّ والصَّغارُ على من خالف أمري, ومن تشبه بقول فهو منهم“( ).
3 ـ اتباعه صلّى الله عليه وسلّم واتخاذه قدوة في جميع الأمور والاقتداء بهديه, قال تعالى: {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}( ), {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا}( ), وقال تعالى: {وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ}( ) فيجب السير على هديه والتزام سنته والحذر من مخالفته, قال صلّى الله عليه وسلّم: ”فمن رغب عن سنتي فليس مني“( ).
4 ـ محبته صلّى الله عليه وسلّم أكثر من الأهل والولد والوالد والناس أجمعين, قال الله تعالى: {قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ}( ), وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ”لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين“( ). وقد ثبت في الحديث أن من ثواب محبته الاجتماع معه في الجنة وذلك عندما سأله رجل عن الساعة فقال: ”ما أعددت لها“؟ قال يا رسول الله ما أعددت لها كبير صيام, ولا صلاة, ولا صدقة, ولكني أحب الله ورسوله. قال: ”فأنت مع من أحببت“( ). قال أنس فما فرحنا بعد الإسلام فرحاً أشد من قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: ”فإنك مع من أحببت“, فأنا أحب الله ورسوله, وأبا بكر, وعمر. فأرجو أن أكون معهم وإن لم أعمل بأعمالهم( ).
ولما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: يا رسول الله لأنت أحب إليَّ من كل شيء إلا من نفسي فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: ”لا والذي نفسي بيده حتى أكون أحب إليك من نفسك“, فقال له عمر فإنه الآن والله لأنت أحب إليّ من نفسي فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: ”الآن يا عمر“( ), وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال: يا رسول الله كيف تقول في رجل أحب قوماً ولم يلحق بهم؟ فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ”المرء مع من أحب“( ).
وعن العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: ”ذاق طعم الإيمان من رضي بالله رباً, وبالإسلام ديناً, وبمحمد رسولاً“( ).
وقال صلّى الله عليه وسلّم: ”ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان: من كان اللهُ ورسولهُ أحب إليه مما سواهما, وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله, وأن يكره أن يعود في الكفر بعد أن أنقذه الله منه كما يكره أن يقذف في النار“( ).
ولاشك أن من وفَّقه الله تعالى لذلك ذاق طعم الإيمان ووجد حلاوته, فيستلذ الطاعة ويتحمل المشاقة في رضى الله عز وجل ورسوله صلّى الله عليه وسلّم, ولا يسلك إلا ما يوافق شريعة محمد صلّى الله عليه وسلّم؛ لأنه رضي به رسولاً, وأحبه، ومن أحبه من قلبه صدقاً أطاعه صلّى الله عليه وسلّم؛ ولهذا قال القائل:
تعصي الإله وأنت تُظْهر حُبَّهُ
هذا لعمري في القياسِ بديعُ

لو كان حُبَّكَ صادقاً لأطعته
إن المُحبَّ لمن يُحِبُّ مُطيعُ( )

وعلامات محبته صلّى الله عليه وسلّم تظهر في الاقتداء به صلّى الله عليه وسلّم, واتباع سنته, وامتثال أوامره, واجتناب نواهيه, والتأدب بآدابه, في الشدة والرخاء, وفي العسر واليسر, ولا شك أن من أحب شيئاً آثره, وآثر موافقته, وإلا لم يكن صادقاً في حبه ويكون مدّعياً( ).
ولا شك أن من علامات محبته: النصيحة له؛ لقوله صلّى الله عليه وسلّم: ”الدين النصيحة“ قلنا لمن؟ قال: ”لله, ولكتابه, ولرسوله, ولأئمة المسلمين وعامتهم“( ), والنصيحة لرسوله صلّى الله عليه وسلّم: التصديق بنبوته, وطاعته فيما أمر به, واجتناب ما نهى عنه, ومُؤازرته, ونصرته وحمايته حياً وميتاً, وإحياء سنته والعمل بها وتعلمها, وتعليمها والذب عنها, ونشرها, والتخلق بأخلاقه الكريمة, وآدابه الجميلة( ).
5 ـ احترامه وتوقيره ونصرته كما قال تعالى: {لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ}( ), {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}( ), {لا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُم بَعْضًا}( ).
وحرمة النبي صلّى الله عليه وسلّم بعد موته, وتوقيره لازم كحال حياته وذلك عند ذكر حديثه, وسنته, وسماع اسمه وسيرته, وتعلم سنته, والدعوة إليها, ونصرتها( ).
6 ـ الصلاة عليه صلّى الله عليه وسلّم قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}( ), وقال صلّى الله عليه وسلّم: ”.. من صلى عليّ صلاة صلى الله عليه بها عشراً“( ), وقال صلّى الله عليه وسلّم: ”لا تجعلوا بيوتكم قبوراً, ولا تجعلوا قبري عيداً وصلوا عليّ فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم“( ), وقال صلّى الله عليه وسلّم: ”البخيل من ذكرت عنده فلم يصلِّ عليّ“( ), وقال صلّى الله عليه وسلّم: ”ما جاس قوم مجلساً لم يذكروا الله فيه, ولم يصلّوا على نبيهم إلا كان عليهم ترة, فإن شاء عذبهم وإن شاء غفر لهم“( ), وقال صلّى الله عليه وسلّم: ”إن لله ملائكة سياحين في الأرض يبلغوني من أمتي السلام“( ), وقال جبريل عليه السلام للنبي صلّى الله عليه وسلّم: ”رغم أنف عبد – أو بَعُد – ذُكِرتَ عنده فلم يصلّ عليك“ فقال صلّى الله عليه وسلّم: ”آمين“( ), وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ”ما من أحد يسلّم عليَّ إلا ردّ الله عليَّ روحي حتى أردّ عليه السلام“( ).
* وللصلاة على النبي صلّى الله عليه وسلّم مواطن كثيرة ذكر منها الإمام ابن القيم رحمه لله تعالى واحداً وأربعين موطناً منها على سبيل المثال: الصلاة عليه صلّى الله عليه وسلّم عند دخول المسجد, وعند الخروج منه, وبعد إجابة المؤذن, وعند الإقامة, وعند الدعاء, وفي التشهد في الصلاة، وفي صلاة الجنازة، وفي الصباح والمساء، وفي يوم الجمعة, وعند اجتماع القوم قبل تفرقهم, وفي الخطب: كخطبتي صلاة الجمعة, وعند كتابة اسمه, وفي أثناء صلاة العيدين بين التكبيرات, وآخر دعاء القنوت, وعلى الصفا والمروة, وعند الوقوف على قبره, وعند الهم والشدائد وطلب المغفرة, وعقب الذنب إذا أراد أن يكفر عنه, وغير ذلك من المواطن التي ذكرها رحمه الله في كتابه( ).
ولو لم يرد في فضل الصلاة على النبي صلّى الله عليه وسلّم إلا حديث أنس رضي الله عنه لكفى ”من صلى عليَّ صلاة واحدة صلى الله عليه عشر صلوات( ). [كتب الله له بها عشرة حسنات]( ) وحط عنه بها عشر سيئات, ورفعه بها عشر درجات“( ).
7 ـ وجوب التحاكم إليه والرضي بحكمه صلّى الله عليه وسلّم، قال الله تعالى: {فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً}( ), {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا}( ) ويكون التحاكم إلى سنته وشريعته بعده صلّى الله عليه وسلّم.
8 ـ إنزاله مكانته صلّى الله عليه وسلّم بلا غلو ولا تقصير فهو عبد لله ورسوله, وهو أفضل الأنبياء والمرسلين, وهو سيد الأولين والآخرين, وهو صاحب المقام المحمود والحوض المورود, ولكنه مع ذلك بشر لا يملك لنفسه ولا لغيره ضراً ولا نفعاً إلا ما شاء الله كما قال تعالى: {قُل لاَّ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَآئِنُ اللَّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ}( ), وقال تعالى: {قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلاَ ضَرًّا إِلاَّ مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَاْ إِلاَّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ}( ), {قُلْ إِنِّي لا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلا رَشَدًا، قُلْ إِنِّي لَن يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَدًا}( ), وقد مات صلّى الله عليه وسلّم كغيره من الأنبياء ولكن دينه باقٍ إلى يوم القيام {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ}( ), {وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِّن قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِن مِّتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ، كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ}( ), وبهذا يعلم أنه لا يستحق العبادة إلا الله وحده لا شريك له {قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ 162 لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ}( ).
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعل
ى آله وأصحابه.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ابو صبرى
مشرف
مشرف
ابو صبرى


القبيلة : الفقراء
عدد المساهمات : 1736
التفييم الإدارى : المبحث التاسع: وصايا النبي صلّى الله عليه وسلّم عند موته Xxx4ar10

المبحث التاسع: وصايا النبي صلّى الله عليه وسلّم عند موته Empty
مُساهمةموضوع: رد: المبحث التاسع: وصايا النبي صلّى الله عليه وسلّم عند موته   المبحث التاسع: وصايا النبي صلّى الله عليه وسلّم عند موته I_icon_minitimeالخميس 29 سبتمبر 2011 - 10:19

رد مختصر
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
المبحث التاسع: وصايا النبي صلّى الله عليه وسلّم عند موته
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» من وصايا رسول الله"صلى الله عليه وسلم"
» زواج النبي صلى الله عليه وسلم من خديجة رضي الله عنها
» من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم
» هل أنت تحب النبي صلى الله عليه وسلم
» من حلم النبي صلى الله عليه وسلم

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى عاصمة الجنوب منيحه  ::  ~*¤ô§ô¤*~ المنتديات الاسلاميه ~*¤ô§ô¤*~  :: قسم القران الكريم والأحاديث النبوية-
انتقل الى: