اسلم تسلم وتغنم

أركان الإسلام .....العدد....( 1 )
من كتاب "في رحاب الله ركن الإسلام "
للشيخ احمد حسن الردايدة

أركان الإسلام

إنَّ كلمة ركن بمعناها اللغوي هو أساس متين لأي شيء فهو قاعدة صلبة تحمل كل ما فوقها وتُعتبر هي عماد ((والبيت لا يُبتنى إلاَّ له عمد * ولا عماد إذا لم تُرسى أوتاد )) وإنَّ في الشعر لحكمة .
فأركان الإسلام هي الأرض الصلبة التي يتفرع منها ما يلزم لها من إعتقادات وعبادات ومعاملات ، وكلها تدور مع عالم الحكمة وتتشكل من خلال هذا العالم ألا وهو عالم الصفة والخلقة المنظور للعيان فإنَّ اللَّه لا يُرد أمره {كل يومٍ هو في شأن /الرحمن آية/29 } صدق اللَّه العظيم. وإنَّ تقسيمة أركان الإسلام مترابطة وكلها من الضروريات القصوى لمن يريد أن يكون له نصيب من هذا الركن فلا بُدَّ له من الإمتثال لما جاء به {وأطيعوا اللَّه والرسول لعلكم ترحمون/آل عمران آية/132} صدق اللَّه العظيم.
وفي هذا المقام لا بُدَّ من تناول أركان الإسلام ركناً ركناً وبعناية وتدبر وتشريحها بمقدار ما يوافق العقل لعلها تعم الفائدة المرجوة لوجه اللَّه تعالى والوارد ذكر هذه الأركان في مقدمة هذا الكتاب {ويطعمون الطَّعام على حبه مسكيناً ويتيماً وأسيراً ، إنَّما نطعمكم لوجه اللَّه لا نريد منكم جزاءً ولا شكوراً /الإنسان آية / 8، 9} صدق اللَّه العظيم .
ولنقف هنيهة حتى نتعرف على بعض معاني كلمة الإسلام ، إنَّ هذه الكلمة واسعة غزيرة المعاني فهي بمثابة بحر مترامي الأرجاء متلاطم الأمواج لا ساحل له ولكن بمعناه التقريبي هو من الإستسلام لأمر اللَّه تعالى بالكلية {إذ قال له ربه أسلم قال أسلمت لرب العالمين /البقرة آية/131} {ووصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب يا بنيَّ إنَّ اللَّه اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلاَّ وأنتم مسلمون /البقرة آية/132} {ما كان إبراهيم يهوديَّاً ولا نصرانيّاً ولكن كان حنيفاً مسلماً وما كان من المشركين /آل عمران آية/67} {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورَضيتُ لكم الإسلام ديناً/المائدة آية/3 } صدق اللَّه العظيم .
إنَّ هذا الإستسلام له حدود ذات طابع إختياري وتسليمي فالإختياري هو ما يجول به العقل الإنساني حتى يأخذ منه ما يفيده وينفعه ويهديه إلى الطريق الصحيح وإنَّ يبعده عن مواطن الهلاك والأَذى ، فمثلاً إذا طُرحت عليك أية مسألة فلا يمكن لك أن يستقر لك قرار إلاَّ إذا كانت إجابتك صحيحة فعندها تستسلم لذلك الجواب دون أن يكون هنالك منازع في باطنك يقرعك ، وكذلك إذا كان العبُدَّ في حالة جهاد مع نفسه لإرغامها على طاعة اللَّه والإلتزام بحدوده والوقوف عندها فلا بُدَّ له من إعتقاد فطري يكون هو منبع القوة والعزيمة له ويعطيه دفعات ودفعات إلى الأمام، حتى يصل إلى نهاية ذلك الأمر ويدركه بفطرته التسليمية إقراراً بها دون إعتراض أو شك وهذا هو تسليم القلوب لكنهيَّة اللَّه الأزلية أثارها واضحة للعيان .
ولتنظر إلى الجوارح الإختيارية كيف تستسلم بالكلِّيَة لأمر مَنْ خلقها حالة النوم فتراها لا حراك فيها (( العقل ، اليدين ، الرجلين، البصر، النطق ، الخ ...)) إلاَّ السمع فإنَّه يبقى تلك البوابة التي يستيقظ الإنسان من خلالها من نومه ، ولو لم يسمع لما إستفاق من نومه أبُدَّاً واعتبر في عداد الأموات ، فسبحانَّ الخالق البارئ المحسن المبُدَّع ، أليس هو رب يعبُدَّ؟ {فضربنا على ءاذانهم في الكهف سنين عدداً / الكهف آية/11} صدق اللَّه العظيم وإنَّ الحديث يطول في تفسير هذا الركن الشامل ولكن خير الكلام ما قلَّ ودل .
إنَّ المُرتكزات لهذا الركن والمتنزلة منه والتي لا يكمُل بُدَّونها والتي شملها حديث النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم حيث قال ((بني الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلاَّ اللَّه وأنَّ محمَّداً عبُدَّه ورسوله وإقام الصَّلاة وإيتاء الزكاة وحج البيت وصوم رمضان)) متفق عليه . فإنَّ عددها خمسة وإنَّ رقم (5) هو بحد ذاته مستدير ومغلق على نفسه وأوسطه فارغ وهذه تدل على الإحاطة بما يتعلق بالجوارح من خلال هذه الأركان {واللَّه من ورائهم محيط / البروج آية/20} صدق اللَّه العظيم ، وإنَّ هذه الإحاطة لها شأن بالكليّة واستهلاكها عظيم ، فمثلاً لو نظرت إلى عين الإنسان لرأيتها مستديرة حتى تُعطيها قوة في النظر وتحيط العين بنورها المطوي فيها حيث هو السبيل والدليل لتحقيق النظر وتوريد مئات المسودات من الصور للشبكية في العين للمظهر أمامها حتى يثبت ويتحقق من رؤية ذلك الشيء وهذا يتم خلال ثواني أو أقل وإنَّ حُجَّة اللَّه قائمة على الإنسان كيفما كان حاله وأموره ولا مناص له من تلك الحُجَّة

وصل الله علي سيدنا محمد واله وصحبه وسلم في كل لمحة ونفس عدد ما واسعه علم الله